أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، أمس، عن الكشف عن ورشة لصناعة الأواني الفخارية (الأمفورات)، تعود لبدايات العصر الروماني، خلال أعمال الحفائر التي تنفذها البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، في موقع «تبة مطوح» غرب الإسكندرية.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي: «تتكون الورشة من مجموعة من الأفران، بينها اثنان محفوران في الصخر، أحدهما في حالة جيدة من الحفظ، وله مدخل مقبي في الجانب الغربي، كان يدخل من خلاله صناع الفخار إلى الفرن لرص (الأمفورات)، وبعد الانتهاء من عملية الرص يسد المدخل بكتل الطين وبقايا قطع الفخار، وكان الوقود يدخل عن طريق ممر متحدر محفور في الصخر يقع إلى الأسفل من هذا المدخل».
وأضاف وزيري: «إن الدلائل الأولية تشير إلى أن هذه الورشة استخدمت في عصور لاحقة، حين استغلت المساحة الشمالية منها لإنشاء فرن لتصنيع الجير، ربما يعود تاريخه للعصر البيزنطي، وتعرض جزء من هذا الفرن للتدمير في مرحلة لاحقة، عند إعادة استخدام الموقع كجبانة في العصور الوسطى، حيث عثرت البعثة داخل الفرن على دفنتين إحداهما لسيدة حامل»، مشيراً إلى أن «البعثة ستستكمل أعمال حفائرها في الموقع، للكشف عن المزيد خلال الفترة المقبلة».
وهذه ليست المرة الأولى، التي يكشف فيها عن معالم أثرية تشير إلى استخدام تبة مطوح كمنطقة صناعية، ففي يناير (كانون الثاني) 2019، أعلنت مصر عن اكتشاف مجموعة من العناصر الأثرية المتنوعة، التي ترجع للعصرين اليوناني والروماني، في تبة مطوح بالعامرية، تثبت «استخدام الموقع كمنطقة صناعية وتجارية، وجبانة، حيث عثر على مجموعة من الأفران، استخدمت غالبيتها لإعداد الطعام وحيث عثر أيضاً على عظام لطيور، وأسماك»، حسب البيانات الرسمية في ذلك الوقت، التي «أرجعت تاريخ منطقة الأفران إلى الفترة ما بين القرن الأول قبل الميلاد، وحتى القرن الثاني الميلادي».
جانب من ورشة تصنيع الفخار المكتشفة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
وأوضح الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية في المجلس الأعلى للآثار، في البيان الصحافي، أن «البعثة كشفت عن مبنى يقع إلى الجنوب من الفرنين المحفورين في الصخر، بداخله مجموعة كبيرة من أواني الطهي وأواني المائدة، كان يستخدم على الأرجح لحفظ أواني الاستخدام اليومي». وتضمن الكشف مجموعة من الوحدات مبنية من الحجر الجيري تعود للعصر البطلمي، كانت تستخدم لأغراض مختلفة، منها واحدة كانت تستخدم كإقامة مؤقتة للعمال، تتكون من 13 غرفة استخدم بعضها لإعداد الطعام، حيث عثر في داخلها على مواقد، وبقايا عظام حيوانات من بينها الخنازير، والماعز، والخراف، والأسماك، كما استخدمت بعض الغرف الأخرى للتصنيع، وعثر بها على مصاحن، ومدقات، وأمفورات، ومكاييل بأنواع مختلفة، ومغازل، وغرفة أخرى ربما استخدمت لطهي الطعام وبيعه، عُثر فيها على بقايا أمفورات محفوظ بداخلها عظام أسماك، ومواقد لطهي الطعام وعدد كبير من العملات في أرضية الحجرة، بينما استخدمت غرفة أخرى لإقامة الطقوس، وعثر فيها على منصة مرتفعة عن أرضية الحجرة، وعلى بعض أجزاء لتماثيل تراكوتا في حالة سيئة من الحفظ، بعضها للمعبود حربوقراط، وأخرى لملك مرتدي النمس الملكي، حسب البيان.
من القطع المكتشفة في «تبة مطوح» (وزارة السياحة والآثار المصرية)
وأشار الدكتور إبراهيم مصطفى، رئيس البعثة الأثرية العاملة في تبة مطوح بالإسكندرية، إلى أن «البعثة كشفت عن مجموعة كبيرة من العملات يعود أغلبها للعصر البطلمي، وقد رمم عدد منها، ليظهر على بعضها وجه الإسكندر الأكبر، والبعض الآخر وجه المعبود زيوس وغيرها عليها وجه الملكة كليوباترا». وعثرت البعثة على أجزاء من تماثيل التراكوتا لمعبودات، وسيدات، وتميمة للمعبود بس، والتاج الريشي الخاص بالمعبود بس، وجزء من تمثال مرتبط بالخصوبة، وأجزاء من خطاطيف الصيد، وهي المهنة التي مارسها سكان المنطقة، ومرساة أحد المراكب، وما يقرب من مائة دفنة، إضافة إلى جبانة بنظام فتحات الدفن المحفورة في الصخر، تعرضت للتدمير، مما يؤكد أن «الموقع استخدم في عصر أقدم من العصر الذي بنيت فيه ورشة الفخار»، وفقاً للبيان.
وفي سياق منفصل، تفقد الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري، أمس (الاثنين)، قصر محمد علي في شبرا (على كورنيش القاهرة)، لمتابعة وضع اللمسات النهائية لمشروع ترميم القصر، تمهيداً لافتتاحه قريباً، وتبلغ مساحة القصر 50 فداناً، وأنشأه محمد علي باشا، على مراحل عدة، استمرت حوالي 13 عاماً، منذ عام 1808، وحتى 1821، ومن ثم أضيف إليه مبنى (كشك) الجبلاية عام 1836، ويتكون من أربع قاعات رئيسية، هي قاعة العرش، وقاعة البلياردو، وقاعة الطعام، وقاعة الأسماء.