حرب أوكرانيا تحيي الدعوات لإصلاح الأمم المتحدة

مجلس الأمن يستمع إلى خطاب الرئيس الأوكراني عبر الفيديو في 5 أبريل (غيتي)
مجلس الأمن يستمع إلى خطاب الرئيس الأوكراني عبر الفيديو في 5 أبريل (غيتي)
TT

حرب أوكرانيا تحيي الدعوات لإصلاح الأمم المتحدة

مجلس الأمن يستمع إلى خطاب الرئيس الأوكراني عبر الفيديو في 5 أبريل (غيتي)
مجلس الأمن يستمع إلى خطاب الرئيس الأوكراني عبر الفيديو في 5 أبريل (غيتي)

اكتسب النقاش القائم منذ مدة طويلة بشأن إصلاح الأمم المتحدة أهمية ملحة فجأة، خصوصا فيما يتعلق بدور مجلس الأمن الذي لم يعد يمثل عالم اليوم في وقت فشل في منع الغزو الروسي لأوكرانيا.
ووجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخرا نداء إلى الأمم المتحدة لتعليق عضوية روسيا في مجلس الأمن، وسأل صراحة «هل أنتم على استعداد لإغلاق الأمم المتحدة» والتخلي عن القانون الدولي؟ «إذا كان ردكم كلا فعليكم إذن التحرك فورا». وبعدما فشل مجلس الأمن في منع الغزو الروسي لبلاده، قال في خطاب منفصل أمام النواب اليابانيين: «علينا تطوير أداة جديدة» قادرة على تحقيق ذلك.
وكرست الأمم المتحدة التي تأسست عام 1945 على أمل ضمان السلام في العالم ومنع اندلاع حرب عالمية ثالثة سلطة غير متناسبة للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن: الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، فمنحتها حق النقض بما يسمح لها بحماية مصالحها والتدخل بشكل كبير في شؤون العالم. وبالتالي، استخدمت موسكو حق النقض (فيتو) الذي تملكه في مجلس الأمن حوالي 15 مرة في جلسات تصويت مرتبطة بحليفتها دمشق منذ العام 2011 لكن حق النقض يضمن أيضا أنه لا يمكن إطلاقا تعليق عضوية موسكو في المجلس، نظرا إلى أن المادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة تسمح للجمعية العامة باستثناء عضو واحد فقط، لكن بتوصية من مجلس الأمن.
وفي هذا السياق، قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بحملة عسكرية في العراق عام 2003 من دون موافقة الأمم المتحدة، ومن دون تعرض مقعديهما الدائمين في مجلس الأمن لأي عواقب. وفضلا عن مسألة حق النقض وغياب التوازن الدولي ضمن أعضاء مجلس الأمن (إذ لا تحظى أي دولة أفريقية أو من أميركا اللاتينية بمقعد دائم)، فإن المجلس يمنح سلطة شبه كاملة في بعض القضايا لواشنطن ولندن وباريس.
ويرى مندوب إحدى الدول العشر الحالية ذات العضوية غير الدائمة أن تقسيم المهام بين الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن غير متساو، إذ توكل «المهام البيروقراطية» إلى الدول العشر التي لا تحظى بعضوية دائمة. وقال المندوب الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا نعتقد أنه تقسيم عادل للمهام». وواجه المجلس تنديدات واسعة لشلله الحالي والمتكرر، حتى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش انتقد إخفاقاته. وأقر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بوجود «مشكلة جوهرية للغاية»، بعد يوم من دعوات زيلينسكي غير المجدية لطرد روسيا.
وبالنسبة للخبير في العلاقات الدولية في باريس برتران بادي، فإن الأمم المتحدة «أشبه بالكولسترول... هناك النافع»، لا سيما في مجال المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة والتي أنقذت حياة كثيرين حول العالم، وهناك «الضار، المتمثل بمجلس الأمن». لكن بينما أقر المندوب بوجود «انتقادات شديدة» للمنظمة الدولية، قال «أين سنكون لو لم يكن لدينا أي من ذلك؟»، وفي غياب جميع الأمور «الجيدة» التي تقوم بها الأمم المتحدة. وتتركز معظم الدعوات للإصلاح على توسيع مجلس الأمن، وإضافة أعضاء دائمين وغير دائمين.
لكن «هناك استقطاب كبير في المواقف»، بحسب المندوب، بشأن الدول التي يتعين ضمها والتي ستحظى بحق النقض. ورأى الدبلوماسي أن «حق النقض يجب أن يكون مضبوطا بشكل أكبر»، مضيفا أن هدفه لا يجب أن يكون «منع التقدم» بل «إجبار الدول الخمس الدائمة على الجلوس معا والوصول إلى حل يرضي الجميع». وطرحت مجددا مسألة الفيتو في اجتماع غير رسمي الجمعة بشأن إصلاح الأمم المتحدة شاركت فيه الدول الخمس الدائمة العضوية.
كان من بين الأفكار المطروحة، مقترح فرنسي مكسيكي للحد من استخدامه في حالات «الجرائم الكبرى» ومقترح من ليشتنشتاين بمطالبة أي دولة تستخدم حق الفيتو بتبريره أمام الجمعية العامة. وقال مؤخراً رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا الذي تأمل بلاده يوما ما بالانضمام إلى الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، إن «بنية السلام والأمن بأكملها في الأمم المتحدة تحتاج إلى إصلاح». وأشار إلى ضرورة تحول المجلس إلى «الديمقراطية» للسماح للمنظمة الدولية «بتجاوز الشلل الذي تسببت به عدة دول أعضاء».
وتشمل الدول الأخرى المرشحة لنيل العضوية الدائمة في المجلس الهند واليابان والبرازيل وألمانيا. لكن عددا من الخبراء يرون أن فرص الإصلاح ستبقى ضئيلة ما أن الدول الدائمة العضوية ترفض القبول بأي خطوة تخفف من سلطتها.


مقالات ذات صلة

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».