التحالف يستهدف مخازن السلاح في «نقم» بصنعاء.. والتمرد يحشد مقاتليه نحو تعز والجنوب

علي ناصر ومحمد علي يتقدمان بمبادرة مشتركة لوقف الحرب واستئناف الحوار في اليمن

تصاعد للدخان إثر غارة جوية لقوات التحالف استهدفت مخزنا للأسلحة في منطقة جبلية شرق العاصمة  صنعاء (أ.ف.ب)
تصاعد للدخان إثر غارة جوية لقوات التحالف استهدفت مخزنا للأسلحة في منطقة جبلية شرق العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

التحالف يستهدف مخازن السلاح في «نقم» بصنعاء.. والتمرد يحشد مقاتليه نحو تعز والجنوب

تصاعد للدخان إثر غارة جوية لقوات التحالف استهدفت مخزنا للأسلحة في منطقة جبلية شرق العاصمة  صنعاء (أ.ف.ب)
تصاعد للدخان إثر غارة جوية لقوات التحالف استهدفت مخزنا للأسلحة في منطقة جبلية شرق العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)

قالت مصادر سياسية يمنية متعددة، أمس، لـ«الشرق الأوسط» إن الحرب في اليمن بدأت تأخذ أبعادا أخرى، تتعلق بارتفاع وتيرة الصراع المسلح في شمال وشرق البلاد، خاصة مع تزايد اندفاع الميليشيات الحوثية بتكثيف هجماتها على الأراضي السعودية الحدودية، وأكدت المصادر أن جولة الصراع الراهنة تكمن في محافظة صعدة التي تعد المعقل الرئيس لجماعة الحوثي، واستشهدت، هذه المصادر، بتصاعد المواجهات في محافظات: مأرب، شبوة، الجوف، إضافة إلى تكثيف القصف على صعدة.
وتأتي هذه المصادر في ظل احتدام المواجهات في الكثير من الجبهات، حيث تصاعدت حدة الصدامات المسلحة مع قرب سريان «الهدنة الإنسانية» التي اقترحتها السعودية، وقالت مصادر محلية يمنية لـ«الشرق الأوسط» إن تحالف الحوثيين - صالح، قام، خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، بالدفع بالآلاف من المقاتلين الشباب الذين جرى جلبهم من المناطق الموالية لصالح والحوثيين وهي المناطق الزيدية، إن جاز التعبير، وأشارت المعلومات إلى أنه تم الزج بتلك الألوف من المقاتلين إلى جبهات القتال في الضالع وتعز وعدن، وحذرت ذات المصادر من خطورة التجييش والتحشيد الذي يقوم الحوثيون وصالح من المناطق الزيدية للقتال في المناطق الشافعية، على حد تعبير المصادر، التي اعتبرت أن «هذه سابقة قد تدخل البلاد في أتون صراع مذهبي هي في غنى عنه»، وتوقعت المصادر السياسية اليمنية أن تشهد الأيام القليلة المقبلة، المزيد من الانتهاكات بحق الخصوم السياسيين لتحالف الحوثي - صالح، وذلك عقب خطاب المخلوع صالح، أول من أمس، والذي حذر فيه مما سماها «الخلايا النائمة».
وهزت صنعاء، مساء أمس، سلسلة من التفجيرات العنيفة جراء قصف طائرات قوات التحالف لجبل نقم المطل على العاصمة صنعاء من الجهة الشرقية، حيث استهدفت الغارات مخازن الأسلحة في ذلك الجبل والمعروفة تاريخيا، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الشظايا تطايرت من الجبل نحو الأحياء السكنية، في وقت شوهدت الكثير من العائلات وهي تغادر المنقطة على وقع أصوات الصواريخ والانفجارات.
وفي سياق التطورات الميدانية، أفادت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن مدينة تعز، عاصمة محافظة تعز، شهدت، أمس، مواجهات عنيفة بين القوات الموالية للشرعية الدستورية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة أخرى، وأشارت هذه المصادر إلى أن طيران التحالف استهدف مناطق: المرور، البحث الجنائي، قلعة القاهرة، بير باشا، وبعض المواقع التي يتحصن فيها المسلحون الحوثيون، وإلى أن ميليشيات الحوثيين وصالح تسعى إلى استعادة السيطرة على موقع جبل العروس الواقع في جبل صبر الشهير وسط مدينة تعز، وقال شهود عيان إن الطرفين تبادلا القصف المدفعي، الأمر الذي تضررت معه كثير من المنازل الواقع أسفل الجبل وقلعة القاهرة.
إلى ذلك، قالت مصادر محلية في محافظة مأرب اليمنية، بشرقي البلاد، إن العشرات من المسلحين الحوثيين قتلوا في مواجهات عنيفة قرب مديرية صرواح التي يسعى الحوثيون إلى استعادة السيطرة على مواقع هامة ومطلة عليها، وتشير المعلومات إلى تدمير دبابة وعربة كاتيوشا وعدد من الآليات العسكرية التابعة للقوات المهاجمة والتي تسعى إلى السيطرة على المحافظة النفطية الهامة، وفي محافظة شبوة المجاورة لمأرب، قتل 8 مسلحين حوثيين في كمين نصبته لهم القوات الشعبية الموالية لشرعية الرئيس هادي في مديرية بيحان، وما زالت المواجهات مستمرة، حيث تسعى المقاومة الشعبية في شبوة إلى استعادة السيطرة على مدينة عتق، عاصمة المحافظة، وذكرت مصادر قبلية أن المقاومة الشعبية تتقدم نحو المدينة، فيما يساعدها طيران التحالف عبر الضربات الجوية، وفي محافظة الجوف، المجاورة أيضا لمأرب، سقط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المسلحين الحوثيين في المواجهات التي يخوضونها ضد رجال القبائل في المنطقة والموالين لشرعية الرئيس هادي، حيث تعهدت الكثير من القبائل في المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية بقتال المسلحين الحوثيين وعدم السماح لهم بالتوغل، عبر أراضي تلك القبائل، إلى الأراضي السعودية.
وواصل طيران التحالف، أمس، قصفه العنيف لمحافظة صعدة في شمال اليمن، وأكدت المصادر المحلية أن القصف استهدف مواقع يستخدمها المسلحون الحوثيون كمقار عسكرية للاتصالات والتصنيع الحربي البدائي، إضافة إلى مراكز القيادة لجماعة الحوثي.
ومن جهته تقدم الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، ومعه السياسي الجنوبي المعروف، محمد علي أحمد بمبادرة سياسية، بمبادرة لوقف الحرب والبدء بعمليات الإغاثة ثم استئناف الحوار السياسي، وقال السياسيان اليمنيان في مبادرتهما، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، «إن المعاناة الأليمة التي يمر بها شعبنا، ومظاهر الحرائق والتدمير التي نراها في كل مكان تستدعي من الجميع البحث عن مخرج سياسي يضع حدا للحرب ولمعاناة الناس المؤلمة.. واستشعارا منا للمسؤولية الوطنية والإنسانية، وإسهاما منا في العمل من أجل إنقاذ اليمن شمالا وجنوبا، قمنا بعدد من الجولات إلى عدة عواصم عربية التقينا خلالها بشخصيات سياسية إقليمية ودولية كثيرة بحثا عن مخرج للأزمة الراهنة والحرب الطاحنة في اليمن تصون دماء أبناء شعبنا وتنقذ ما تبقى من قدرات وإمكانات الوطن».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.