الأمم المتحدة تعلن خطتها لتفادي كارثة خزان «صافر» النفطي

ناقلة النفط أكثر أمانا قبالة ساحل البحر الأحمر اليمني ، صور في مارس
ناقلة النفط أكثر أمانا قبالة ساحل البحر الأحمر اليمني ، صور في مارس
TT

الأمم المتحدة تعلن خطتها لتفادي كارثة خزان «صافر» النفطي

ناقلة النفط أكثر أمانا قبالة ساحل البحر الأحمر اليمني ، صور في مارس
ناقلة النفط أكثر أمانا قبالة ساحل البحر الأحمر اليمني ، صور في مارس

وسط تفاؤل بعدم انقلاب الميليشيات الحوثية على الاتفاق الجديد، كشفت الأمم المتحدة عن خطة وصفتها بأنها قابلة للتنفيذ لإنقاذ خزان النفط اليمني العائم (صافر) من الانفجار ومنع تسرب أكثر من 1.1 مليون برميل من النفط الخام في مياه البحر الأحمر.
وبحسب ما أورده موقع الأمم المتحدة، فقد أشركت المنظمة الدولية الحكومة اليمنية في عدن والتي دعمت المبادرة، في حين وافقت الميليشيات الحوثية التي تسيطر على الناقلة النفطية المتآكلة على المبادرة وقامت بتوقيع مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة في 5 مارس (آذار) الماضي.
وأوضح المنسق المقيم في اليمن للشؤون الإنسانية ديفيد غريسلي، في مؤتمر صحافي من نيويورك، أن الخطة الأممية تتألف من مسارين: الأول، تركيب سفينة بديلة على المدى الطويل للخزان العائم «صافر» خلال فترة مستهدفة تمتد لـ18 شهراً.
أما المسار الثاني، بحسب غريسلي، فهو تنفيذ عملية طارئة لمدة أربعة أشهر من قبل شركة إنقاذ بحري عالمية، من أجل القضاء على التهديد المباشر عبر نقل النفط من «صافر» إلى سفينة مؤقتة آمنة، حيث ستبقى الناقلتان في مكانهما حتى يتم نقل النفط إلى الناقلة البديلة الدائمة، وعندئذ سيتم سحب «صافر» إلى ساحة ويتم بيعها لإعادة تدويرها.
وقال غريسلي: «عمل فريقي بجد مع الآخرين خلال الأشهر الستة الماضية لنزع فتيل ما يُسمى حقاً بقنبلة زمنية موقوتة قبالة ساحل البحر الأحمر في اليمن»، معرباً عن تفاؤله بنجاح الخطة الجديدة المنسقة من قبل الأمم المتحدة للتصدي للتهديد الوشيك المتمثل في حدوث تسرب نفطي كبير.
وحذر المسؤول الأممي من أنه «إذا حدث انسكاب، فإن ذلك من شأنه أن يطلق العنان لكارثة بيئية وإنسانية ضخمة في بلد دمرته بالفعل أكثر من سبع سنوات من الحرب». وأشار إلى أن التقييمات تفيد بأن الناقلة غير قابلة للإصلاح، ومعرَّضة لخطر انسكاب النفط في حال التسريب أو الانفجار.
ولم يخف غريسلي قلقه الكبير من حدوث تسرب أو انفجار الناقلة في أي وقت، حيث أكد الفريق الأممي الذي توجه إلى ميناء «رأس عيسى» النفطي الشهر الماضي من خلال محادثات مع الأشخاص في الميدان أن حالة الناقلة البالغة من العمر 45 عاماً تتردى والأمر يبعث على القلق.
وتابع تحذيراته من إمكانية حدوث انفجار وقال: «أشعر بقلق خاص من أشهر أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) عندما يصبح التيار أكثر نشاطاً وترتفع احتمالية الانسكاب في تلك الفترة»، مضيفاً أن «الفرصة متاحة الآن».
وأكد أن الخطة الأممية تحظى بدعم الأطراف اليمنية وأصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين، وبدعم الإدارة العليا في الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن، لكنه استدرك بالقول: «لكننا لسنا هناك بعد».
وفي حين تسود المخاوف من تراجع الحوثيين وعدم موافقتهم على تنفيذ الخطة، قال غريسلي: «هم الذين أرادوا التوقيع على مذكرة التفاهم، وهم الذين يريدون حقاً القيام بذلك، وجاءوا وطلبوا التوقيع. أعتقد أن لدينا فرصة متاحة وأنا متفائل، ولكن لن نعرف على وجه التحديد حتى الانتهاء من ذلك».
وفي حين أوضح المسؤول الأممي أنه سيتم المضي قدماً في مساري الخطة التشغيلية في آنٍ واحد، وجمع الأموال لكليهما، قال إنها ستكلف 80 مليون دولار، حيث يشمل ذلك عملية الإنقاذ واستئجار ناقلة نفط كبيرة جداً للاحتفاظ بالنفط والطاقم والصيانة لمدة 18 شهراً.
ومن المرتقب أن يتوجه غريسلي لاحقاً على رأس بعثة إلى عواصم الدول المانحة في الخليج لمناقشة الخطة وطلب الدعم، كما أكد أن مملكة هولندا، التي تُعد من أصحاب المصلحة الأساسيين في دعم جهود الأمم المتحدة، ستستضيف اجتماعاً للمانحين للخطة التشغيلية.
وقال غريسلي: «إن نجاح الخطة يتوقف على الالتزامات المادية السريعة للمانحين لبدء العمل في بداية شهر يونيو (حزيران)»، مشدداً على أن الانتظار أكثر من ذلك «يعني تأخير بدء المشروع لعدة أشهر، وترك القنبلة الزمنية موقوتة».
يشار إلى أن الميليشيات الحوثية رفضت على مدار السنوات الماضية كافة المساعي الأممية والدولية لتفريغ الخزان المتهالك لتفادي كارثة انفجاره في مياه البحر الأحمر، رغم موافقة الحكومة الشرعية واقتراحها بيع النفط المخزن لمصلحة القطاع الصحي في مناطق سيطرة الميليشيات.
وكانت دراسات دولية قد أكدت أن انفجار الخزان النفطي سيؤدي إلى تدمير نشاطات الصيد على ساحل البحر الأحمر، كما سيؤدي إلى القضاء على 200 ألف مصدر رزق على الفور، وستتعرض كافة العائلات للسموم التي تهدد الحياة، فضلاً عن التهديد بإغلاق ميناءي الحديدة والصليف مؤقتاً والتأثير البيئي على المياه والشعاب المرجانية وأشجار المانغروف الداعمة، ووصول الآثار إلى الدولة المجاورة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.