السنيورة: لبنان يواجه حملة متصاعدة لتغيير هويته العربية

باسيل يهاجم «القوات»... وجنبلاط يتعهّد باستكمال «معركة السيادة»

النائب جنبلاط يتحدث أمام مناصريه خلال مهرجان انتخابي للائحة "لائحة الشراكة والارادة" (الحزب التقدمي الإشتراكي)
النائب جنبلاط يتحدث أمام مناصريه خلال مهرجان انتخابي للائحة "لائحة الشراكة والارادة" (الحزب التقدمي الإشتراكي)
TT

السنيورة: لبنان يواجه حملة متصاعدة لتغيير هويته العربية

النائب جنبلاط يتحدث أمام مناصريه خلال مهرجان انتخابي للائحة "لائحة الشراكة والارادة" (الحزب التقدمي الإشتراكي)
النائب جنبلاط يتحدث أمام مناصريه خلال مهرجان انتخابي للائحة "لائحة الشراكة والارادة" (الحزب التقدمي الإشتراكي)

انتقلت القوى السياسية اللبنانية من عملية تركيب اللوائح والتحالفات التي ستخاض الانتخابات البرلمانية على أساسها منتصف الشهر المقبل، إلى عملية تحفيز الناخبين عبر المهرجانات الانتخابية التي تميزت بالهجمات المتبادلة ورفع السقوف وتوجيه الاتهامات، فشن رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل هجوماً على حزب «القوات اللبنانية» من دون أن يسميه، قائلاً: «إننا سنحاسب الذين ركبوا على أكتافنا حتى وصلوا وغدروا بنا وقفزوا من المركب وشاركوا في جريمة إغراق البلد»، فيما تعهد رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط باستكمال «معركة السيادة وتثبيت عروبة لبنان، وعلاقات لبنان الطبيعية مع الدول العربية، والقرار الوطني الحر والمستقل».
ويتواصل إعلان اللوائح الانتخابية في أكثر من دائرة، وقال الرئيس فؤاد السنيورة خلال سحور رمضاني أقامه اتحاد جمعيات العائلات البيروتية للائحة «بيروت تواجه» المدعومة منه إن «لبنان يمر بفترة عصيبة يجب أن تتضافر فيها جهودنا جميعاً من أجل إنقاذه». وتوقف عند «عودة الهواء العربي المنعش إلى لبنان بعودة سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري والسفير الكويتي عبد العال القناعي إلى بيروت». وقال: «يعود هذا الهواء المنعش بعد أن كاد ينقطع النفس لدينا، وأقول ذلك لأن لبنان العربي يواجه حملة متصاعدة لتغيير هويته العربية واستتباع دولته واختطافه وهذا ما ترفضه بيروت ويرفضه اللبنانيون». وأضاف: «نحن اليوم على أعتاب انتخابات نيابية، وفي هذه الانتخابات ضرورة كبرى من أجل أن نمارس هذا الحق والواجب الانتخابي حتى لا يصادر أحد قرار بيروت أو قرار لبنان، ولا يستولي على القرار هذا مجموعة من الطامعين والمغامرين».
ودعا السنيورة للمشاركة بكثافة في يوم الانتخابات والتصويت للائحة «بيروت تواجه». وقال: «إن تقاعسنا لن يؤدي بنا إلا إلى الفشل الأكيد، ومشاركتنا وبكثافة وتصويتنا لهذه اللائحة مثل إخوان لكم في مناطق أخرى يمثلون هذا الخط السيادي، سوف يصوتون لمن يمثلهم بجدارة لهذا الخط. وبذلك نستطيع أن نكون مجموعة سيادية يمكن لها أن تحافظ على هذا الإرث الكبير الذي ورثناه عن آبائنا ونورثه لأبنائنا لكي يتمكنوا من أن يعيشوا حياة كريمة».
وفي جبل لبنان، أكد تيمور جنبلاط في حفل إعلان «لائحة الشراكة والإرادة»، عدم الاستسلام، وقال: «قناعتنا أن صوت العقل وحده مطلوب في هذه المرحلة بوجه العبثيين». وتابع: «‎ومعركتنا معركة عدالة، معركة كرامة وحياة، معركة حقوق الناس التي سرقتها جماعة أخذوا كل شيء ولم يتركوا لنا وطناً».
وقال جنبلاط: «‏‎صحيح أننا اليوم بأزمة عميقة وممكن أن يكون جزء كبير منها بسبب تركيبة نظامنا السياسي، لكن لا يمكننا أن نستسلم. نريد أن نواجهها بإرادة واعية»، وقال إن «الحزب التقدمي الاشتراكي» سوف يضغط من أجل تحقيق كل الإصلاحات «ومن أجل خطة التعافي الاقتصادي مع صندوق النقد، ومن أجل نظام ضرائب عادلة، ونحمي مؤسسات البلد وهوية البلد والحرية والتنوع والاستقرار».
وأضاف: «لا ننتظر الانتخابات لنحدد موقفنا ورؤيتنا للبنان، مواقفنا واضحة من كل الملفات، من القضاء المستقل، والإصلاحات في الكهرباء، في البيئة، في الصحة، بتشجيع الإنتاج، والحفاظ على بلدنا كمركز متقدم للطبابة والتعليم». وأشار إلى «أننا ‏‎نعرف أن التغيير لا يحصل بين يوم وآخر، ونعرف أن الأمور ستكون أصعب بالمرحلة القادمة؛ لذلك يدنا ممدودة لكل شريك حقيقي حريص على الوطن، نحن والشخصيات والقوى الأساسية التي معنا على اللائحة من «القوات اللبنانية» و«الأحرار».
على خط موازٍ، قال النائب جبران باسيل خلال إعلان «لائحة بيروت الأولى» إن خصومه «اعتقدوا أنهم قضوا علينا وجاء وقت الانتخابات حتى يدفنونا». مضيفاً: «حاصرونا وخنقونا بالعقوبات وبالمال والإعلام والتحالفات، وحاولوا تطويقنا»، لكن في المقابل «رشحنا وتحالفنا وألفنا لوائح في كل لبنان، وسيكون لدينا نواب في كل لبنان».
وهاجم باسيل حزب «القوات» قائلاً: «إننا سنُحاسب الذين ركبوا على أكتافنا حتى وصلوا وغدروا بنا وقفزوا من المركب وشاركوا في جريمة إغراق البلد». وأضاف: «إننا نُريد أن نُحاسب مَن فتحنا لهم باب المسامحة وعقدنا معهم مصالحة على أساس أن نكون فريقاً واحداً داعماً للعهد أما هم فانتخبوا الرئيس ليفشلوه ويسقطوه ويتباهوا بهذا الأمر».
وأكد رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل أن «المعركة كبيرة لكننا سنربحها». وقال: «بعد كلّ النضال الذي خضناه سنبقى أوفياء للبنان الحرّ السيّد والمستقل»، مضيفاً: «في كلّ الظروف لم نستسلم، ومن المؤكّد أنّنا لن نستسلم اليوم».
وقال الجميل في احتفال لائحة «على متن التغيير» التي يرأسها في منطقة المتن الشمالي: «إن الانتخابات ستكون استفتاء بين نهجنا ونهج المحاصصة والفساد». وتوجه إلى مناصريه بالقول: «في 15 مايو (أيار) أنتم من يجب أن تقرّروا إذا ما كان التغيير ممكناً، أم لا».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».