قوات النظام السوري تتراجع على 4 جبهات شمال البلاد وسط حشود لاستعادة جسر الشغور

«داعش» يتقدم على جبهة مطار كويريس.. والمعارضة تسيطر على مواقع حيوية في حماه

مدنيون يبحثون عن أغراضهم بعد استهداف طيران النظام لمدرسة يسكن فيها نازحون في قرية مزارة بجبل الزاوية شمال سوريا (رويترز)
مدنيون يبحثون عن أغراضهم بعد استهداف طيران النظام لمدرسة يسكن فيها نازحون في قرية مزارة بجبل الزاوية شمال سوريا (رويترز)
TT

قوات النظام السوري تتراجع على 4 جبهات شمال البلاد وسط حشود لاستعادة جسر الشغور

مدنيون يبحثون عن أغراضهم بعد استهداف طيران النظام لمدرسة يسكن فيها نازحون في قرية مزارة بجبل الزاوية شمال سوريا (رويترز)
مدنيون يبحثون عن أغراضهم بعد استهداف طيران النظام لمدرسة يسكن فيها نازحون في قرية مزارة بجبل الزاوية شمال سوريا (رويترز)

تراجعت القوات الحكومية السورية أمس، على أربع جبهات شمال البلاد، بعد تقدم مقاتلي تنظيم داعش على محور مطار كويريس العسكري بريف حلب، فيما سيطر مقاتلو المعارضة السورية على القسم الأكبر من محطة حرارية في ريف حماه، واستعادت كتائب إسلامية السيطرة على نقطة عسكرية بجسر الشغور بريف إدلب الجنوبي الغربي، وعلى محور برج الاتصالات شرق حماه.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «إن التراجع يعود إلى تركيز القوات الحكومية على معركة المستشفى الوطني في جسر الشغور»، مشيرًا إلى اشتباكات عنيفة تواصلت في محيط تلك المنطقة التي يعدها النظام حيوية، ومن شأنها أن ترفع معنوياته بعد سلسلة ضربات تلقاها، في حال استعادته السيطرة على المشفى الوطني الذي يحاصر فيه 250 شخصًا من عساكره وضباطه وعائلاتهم، يرجح أن يكون بينهم قيادات من الأفرع الأمنية في جسر الشغور. وقتل 72 عنصرا على الأقل من قوات النظام ومقاتلي جبهة النصرة والفصائل الإسلامية في اشتباكات اندلعت بين الطرفين داخل المشفى الوطني في أطراف مدينة جسر الشغور، بحسب ما قال ناشطون، بينهم 32 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
وتمكن مقاتلو جبهة النصرة وكتائب إسلامية، الأحد، للمرة الأولى منذ أسبوعين، من اقتحام أحد أبنية المشفى الواقع عند الأطراف الجنوبية الغربية لجسر الشغور في محافظة إدلب، واشتبكوا مع العناصر المتحصنة داخله، وذلك بعد تنفيذ عملية انتحارية استهدفت أحد مداخل المستشفى.
وتحاصر جبهة النصرة والكتائب الإسلامية، منذ سيطرتها على مدينة جسر الشغور في 25 أبريل (نيسان) الماضي، 250 شخصا بين عسكري ومدني داخل المشفى. وتحاول قوات النظام مدعومة بغطاء جوي التقدم لفك الحصار عن عناصرها منذ أكثر من أسبوعين، ووصل عدد الغارات الجوية أمس إلى نحو 40 غارة استهدف باثنتين منها أحد أبنية المشفى الوطني.
وتواصلت الاشتباكات أمس في محيط جسر الشغور، إذ استعادت قوات المعارضة السيطرة على حاجز من أصل ثلاثة حواجز، كانت القوات النظامية استعادت السيطرة عليها الأحد. وقال عبد الرحمن إن قوات النظام تمكنت ليلا من السيطرة على حاجز «علاوي» الاستراتيجي جنوب شرقي جسر الشغور، ويقع على تقاطع طرق يربط طريق حلب اللاذقية بجسر الشغور وأريحا في محافظة إدلب، مشيرًا إلى أنه «من شأن هذه السيطرة أن تحمي طرق إمداد قوات النظام إلى جسر الشغور».
وفيما كثفت طائرات الجيش النظامي السوري من قصفها لمحيط جسر الشغور، عمت الاشتباكات معظم مدن الشمال، حيث تمكن مقاتلو «أحرار الشام» و«صقور الغاب» وغيرهما من فصائل المعارضة في الشمال، السيطرة على الجزء الأكبر من المعمل الحراري في ريف حماه، إثر اشتباكات أسفرت عن مقتل 6 مقاتلين معارضين و7 من عناصر النظام على الأقل.
وقال ناشطون إن الفصائل المعارضة استطاعت الدخول إلى محطة زيزون الحرارية، الواقعة شمال غربي قرية زيزون في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي، لأول مرة، علمًا أن، المحطة كانت تتحصن فيها القوات السورية النظامية. وتزوّد محطة زيزون الحرارية منطقتي سهل الغاب في ريف حماة الغربي وجسر الشغور في ريف إدلب الغربي بالطاقة الكهربائية.
هذا، وتجددت الاشتباكات بين فصائل المعارضة السورية والقوات النظامية، في محيط قمة النبي يونس بريف اللاذقية الشرقي. وقال ناشطون إن قوات المعارضة، صدت هجمات شنتها القوات النظامية، مدعومة بمقاتلين من حزب الله اللبناني، لليوم الرابع على التوالي، في محاولة للسيطرة على نقاط ومراكز جديدة خاضعة لسيطرة المعارضة في محيط القمة.
في غضون ذلك، تمكن مقاتلون معارضون من السيطرة على برج «سيرتل» للاتصالات في المنطقة الواقعة بين ريفي حماه وحمص الشرقيين في الشمال. وذكر «مكتب أخبار سوريا» أن فصائل تابعة للمعارضة، سيطرت اليوم (أمس)، على حاجز برج التغطية سيرتل التابع للقوات السورية النظامية، والواقع عند أوتوستراد سلمية - الرقة في ريف حماة الشرقي، وذلك بعد اشتباكات دارت بين الطرفين. وتزامنت المعارك، مع قصفٍ شنّه الطيران النظامي بالبراميل المتفجّرة والصواريخ على أوتوستراد سلمية - الرقة بعد سيطرة المعارضة على الحاجز.
وقال ناشطون آخرون إن قوات المعارضة، نفذت عملية نوعية أوتوستراد السلمية - الرقة بريف حماة الشرقي. وذكر موقع «الدرر الشامية»، أن ثوار جيش الفاتحين وجبهة النصرة وفرسان الرحمة شنوا هجومًا مباغتًا على قوات الأسد المتمركزة على حاجز التغطية «سيرتل»، الواقع على أوتوستراد السلمية - الرقة بريف حماة، وتمكنوا من السيطرة عليه.
وفي حلب، أعلن المرصد، أن تنظيم داعش أحرز تقدمًا على جبهة مطار «كويريس» العسكري بريف حلب الشرقي، بعد أيام على هجوم شنه التنظيم، في محاولة لطرد القوات الحكومية من آخر معاقلها في ريف حلب الشرقي. وردت القوات الحكومية بقصف جوي استهدف مناطق في محيط مطار كويريس العسكري الذي يحاصره تنظيم داعش.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».