مصر: تحقيقات موسعة في مقتل كاهن بالإسكندرية

القمص أرسانيوس وديد (صفحة متحدث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بـ«فيسبوك»)
القمص أرسانيوس وديد (صفحة متحدث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بـ«فيسبوك»)
TT

مصر: تحقيقات موسعة في مقتل كاهن بالإسكندرية

القمص أرسانيوس وديد (صفحة متحدث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بـ«فيسبوك»)
القمص أرسانيوس وديد (صفحة متحدث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بـ«فيسبوك»)

تحقيقات موسعة تُجريها سلطات التحقيق بمصر في واقعة مقتل كاهن قبطي في الإسكندرية. فيما قالت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر، إن «الكاهن تعرض لاعتداء باستخدام (آلة حادة) في رقبته من شخص مجهول». وقدمت مؤسسات دينية مصرية، أمس، العزاء إلى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، في حادث مقتل القمص أرسانيوس وديد، كاهن كنيسة السيدة العذراء وماربولس بالإسكندرية.
وقالت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها، مساء أول من أمس، إن «الخدمات الأمنية بمديرية أمن الإسكندرية تمكنت من ضبط مسن (60 عاماً) قام بالاعتداء على رجل دين مسيحي في أثناء سيره على الكورنيش بمنطقة (سيدي بشر)، باستخدام (سكين) كان بحوزته». وأضافت «الداخلية» أنه «تم نقل المصاب لأحد المستشفيات لتلقي العلاج؛ إلا أنه توفي حال إسعافه»، مشيرةً إلى أنه «تم اتخاذ الإجراءات القانونية».
من جهته، أمر النائب العام المصري المستشار حمادة الصاوي، بـ«سرعة إنجاز التحقيقات في واقعة قتل الكاهن وديد». وقالت النيابة المصرية في بيان لها، إنها «تلقت إخطاراً، مساء أول من أمس، بضبط الأهالي لشخص اعتدى بسلاح أبيض على كاهن كنيسة السيدة العذراء في أثناء سيره بطريق الكورنيش، وقد توفي المجني عليه في المستشفى متأثراً بإصاباته من جراء ذلك الاعتداء».
ووفق بيان «النيابة المصرية» فإنها «انتقلت لمناظرة الجثمان، فتبينت ما به من إصابات، وندبت الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي عليه بياناً للإصابات وسبب الوفاة، كما عاينت مسرح الواقعة، وكلفت الشرطة بإجراء التحريات العاجلة حول الواقعة». وأضافت أن «المتهم عُرض على النيابة العامة لاستجوابه، وذلك بعد أن قام الأهالي بضبطه، والتحفظ عليه وعلى السلاح الذي استخدمه، حتى وصلت قوات الشرطة، وجارٍ استجوابه، وسؤال شهود الواقعة، واستكمال التحقيقات».
وأثار حادث مقتل الكاهن، حالة من الحزن بين المسيحيين والمسلمين في مصر. وتداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة الكاهن، مطالبين بـ«سرعة معاقبة القاتل». ونعت الكنيسة المصرية الكاهن في بيان لها، مؤكدةً أن «الأجهزة الأمنية تحقق مع القاتل لمعرفة هويته ودوافعه لارتكاب هذا الحادث الغادر». بينما قدم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، العزاء إلى البابا تواضروس، ولعموم المسيحيين، مؤكداً أن «قتل النفس كبيرة من الكبائر التي تستوجب غضب الله وعذابه في الآخرة، وقد جعل الله قتل نفس واحدة كقتل الناس جميعاً». وتمنى شيخ الأزهر أن يتنبه الجميع إلى أن «هذا الحادث وأمثاله، هو طريق مُعبَّد لإشعال الحروب الدينية بين أبناء الوطن الواحد، وبخاصة بعد أن نجَّا الله مصر من هذه الحروب بفضله تعالى وبيقظة شعبها وقادتها»، مطالباً الجميع بأن «يتيقَّظوا لمثل هذا المخطط، وأن يعملوا على إجهاضه أولاً بأول».
وأكد مفتي مصر الدكتور شوقي علام، أمس، أن «المسلمين والمسيحيين في مصر نسيج وطني واحد، ويد واحدة في مواجهة (قوى الشر)»، موضحاً أن «نموذج الوحدة الوطنية والتعايش والمحبة بين المصريين جميعاً دون أي لون من التفرقة، نموذج يُحتذى به ويدرَّس، وأنه لن تستطيع (قوى الشر) أن تنال من قوة ومتانة الوحدة الوطنية والنسيج الوطني الواحد». وأشار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، أمس، إلى أن «بعض هذه الأعمال الإجرامية يسعى من يرتكبها إلى بث الفتن وزعزعة الاستقرار المجتمعي».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.