الدعم المالي يعزز قيمة الريال اليمني

الدعم المالي يعزز قيمة الريال اليمني
TT

الدعم المالي يعزز قيمة الريال اليمني

الدعم المالي يعزز قيمة الريال اليمني

سجل الريال اليمني مكاسب كبيرة منذ إعلان السعودية والإمارات تقديم مساعدات مالية تقدر بنحو 3 مليارات دولار، ويتوقع أن تستمر مكاسب الريال في مواجهة العملات الأجنبية بعدما سجل تراجعاً كبيراً في السنوات الماضية.
وبلغ سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار، أمس، في العاصمة اليمنية المؤقتة (عدن) وصنعاء 678 ريالاً للشراء، مقابل ارتفاع سعر البيع ليصل إلى 754 ريالاً يمنياً، مقارنة بما كان سجله قبل الدعم المالي حين تجاوز فيه الدولار 1145 ريالاً للشراء، مقابل 1160 ريالاً للبيع. وهو ما وصفه مختصون بأنه الصدمة الاولى للريال، ويتوقع أن يشهد المزيد من التحسن خلال الأيام القادمة مع انخفاض أسعار المشتقات النفطية المدعومة من الحكومة السعودية.
وقال عبد السلام باعبود، وزير النفط اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن التحسن الذي طرأ على سعر صرف العملة اليمنية هو من أبرز النتائج السريعة لهذا الدعم السخي المقدم من الأشقاء والذي سيحدث تغييراً كبيراً في الاقتصاد اليمني، لافتاً إلى أن هذا الدعم سيكون له تأثير في معالجة معدلات التضخم المرتفعة. وأوضح أن ما خصص لدعم صندوق المشتقات سيسهم في توفير هذه المادة من مشتقات النفط لجميع مناطق اليمن وبأسعار مناسبة.
وتابع الوزير باعبود حديثه قائلاً: «إن المشتقات النفطية تشكل ضغطاً كبيراً على العملة اليمنية، إذ تشكل نسبة 60 في المائة من إجمالي فاتورة الاستيراد. وهذا الدعم المقدر بـ600 مليون دولار سيخفف من فاتورة الاستيراد، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على الدورة الاقتصادية بشكل عام، وبالتالي على حياة المواطن الذي سيتلمس فرقاً في قيمة العملة وانخفاض قيمة المشتقات».
ويرى المحافظ السابق للمصرف المركزي اليمني محمد زمام في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الدعم المالي الكبير حسّن من قيمة الريال اليمني بحكم أن قوة أي عملة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقوة احتياطاتها من العملات الأجنبية. وأوضح أن هذا الدعم سيمكّن المصرف المركزي من إدارة السياسة النقدية وتوجيهها في المسار المطلوب، مع ضرورة أن يتوقف المصرف المركزي عن طباعة العملة بعد هذا الدعم السخي. وشدد على ضرورة أن يكون هناك اقتصاد يمني واحد في ظل آلية تنسيق بين المصرف المركزي وفرعه في صنعاء بعيداً عن السياسة حتى تنجح العملية الاقتصادية، وإلا فستكون العملية معقدة.
كما لفت إلى أن هناك عوائد مرتقبة على المواطن، «إذ نعلم عندما تضعف قيمة الريال اليمني سيتأثر كل مواطن يمني في الداخل والخارج، وأي دعم مباشر للعملة المحلية هو دعم لكل مواطن، من خلال تعزيز قيمة الريال الذي كان سبباً عند انهياره في عملية التضخم في البلاد».
وشدد على ضرورة استغلال الوديعة كما يجب حتى تكون هناك فوائد على المدى القصير خاصة وأن 70 في المائة من المستهلكين هم في المحافظات الشمالية، موضحاً أن «أي مصرف مركزي في العالم تكمن قوته في احتياطاته الخارجية، وهذا ينطبق على المركزي اليمني. لذلك يجب الاستفادة من الوديعة والتي سبقتها وديعتان قدمتهما السعودية في عامي 2012 و2018 بإجمالي 3 مليارات دولار لدعم الاقتصاد اليمني».
إلى ذلك قال المحلل المالي عبد الله الربدي لـ«الشرق الأوسط»، إن التحسن الذي يسجله الريال اليمني ناتج عن الدعم المالي «السعودي - الإماراتي الذي رفع من قيمته في مواجهة العملات الأجنبية ومنها الدولار، وهذا يعد طبيعياً ويعكس قوة العمل بعد الدعم للاقتصاد المين، كما أنه يخفف آثار التضخم على اليمن».
وأضاف «إن فاتورة المشتريات اليمنية على المواد الخارجية مرتفعة، وهذه الفاتورة ستنخفض قيمتها عندما يكون سعر صرف الريال في تحسن. وبالتالي المواطن سيتلمس هذا التحسن في عمليات الشراء للمواد الغذائية أو تلك الاستهلاكية»، موضحا أن التحسن مرتبط بهذا الدعم الذي دفع بتحسن قيمة الريال. ولفت إلى أن من شأن ذلك أن يساعد المواطن اليمني في تجاوز ما يمر به من صعوبات، كما يمنح الحكومة دافعاً للانطلاق في إيجاد برامج وخطط لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين ودعم العجلة الاقتصادية.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.