عشرات القتلى في مجزرة على محطة قطارات... وموسكو تنفي مسؤوليتها

زيلينسكي: الوضع في بوروديانكا «أشد فظاعة بكثير» من بوتشا

أوكرانيون خارج محطة قطارات كراماتورسك في شرق أوكرانيا(أ.ب )
أوكرانيون خارج محطة قطارات كراماتورسك في شرق أوكرانيا(أ.ب )
TT

عشرات القتلى في مجزرة على محطة قطارات... وموسكو تنفي مسؤوليتها

أوكرانيون خارج محطة قطارات كراماتورسك في شرق أوكرانيا(أ.ب )
أوكرانيون خارج محطة قطارات كراماتورسك في شرق أوكرانيا(أ.ب )

تتكرر ظاهرة العثور على الجثث في العديد من المدن الصغيرة الأوكرانية التي دمرتها المعارك. واتهمت أوكرانيا والغربيون، العسكريين الروس بارتكاب «جرائم حرب» بعد العثور على عشرات الجثث يبدو أنها تعود إلى مدنيين قتلوا بالرصاص في شوارع بوتشا، إلا أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اعتبر أنّ الوضع في بوروديانكا، الواقعة شمال غرب كييف التي استعادها الأوكرانيون مؤخّراً من الروس، «أشدّ فظاعة بكثير» من الوضع في بوتشا.
وأكّد زيلينسكي، في خطابه اليومي، أنّ «هناك ضحايا أكثر للمحتلّين الروس» في هذه المدينة الصغيرة من عدد الضحايا في بوتشا الواقعة أيضاً شمال غرب العاصمة. وأضاف: «ستُكشف كلّ جريمة وسيتم العثور على كلّ جلاد»، فيما قُتل أكثر من 35 شخصاً، الجمعة، في هجوم صاروخي على محطة قطارات في كراماتورسك في شرق أوكرانيا، كانت تستخدم في عمليات إجلاء مدنيين، حسبما أعلن عامل إغاثة لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلنت النائبة العامة لأوكرانيا ايرينا فينيديكتوف، قبيل ذلك، أن مسعفين أوكرانيين انتشلوا 26 جثة من تحت أنقاض مبنيين سكنيين تعرضا للقصف في بوروديانكا التي كان يقطنها 13 ألف نسمة قبل بدء الحرب.
وأوضحت أنّه «من الصعب توقّع العدد الإجمالي للقتلى» في بوروديانكا، حيث «وحدهم السكان المدنيون تم استهدافهم، إذ ليس هناك أي موقع عسكري» في هذه المدينة التي استعادتها القوات الأوكرانية مؤخّراً بعد انسحاب القوات الروسية من منطقة كييف. وأضافت المدّعية العامة أنّ الجيش الروسي استخدم في المدينة قنابل عنقودية وقاذفات صواريخ ثقيلة «تسبب الموت والدمار».


بقايا صاروخ بالقرب من محطة القطارات في كراماتورسك في شرق أوكرانيا التي ضربت بصاروخ تقول موسكو إن هذا النوع من العتاد يستخدمه الجيش الأوكراني فقط (أ.ب)

وتابعت، في منشور على «فيسبوك»، أنّ «هناك أدلّة على ارتكاب القوات الروسية جرائم حرب عند كلّ منعطف». وأردفت فينيديكتوف: «قصف العدو غدراً البنى التحتية السكنية مساء، عندما كان أكبر عدد من الناس في المنزل». واتّهمت العسكريين الروس بارتكاب «جرائم قتل وتعذيب وضرب» بحق مدنيين، فضلاً عن عمليات اغتصاب، مشيرة إلى أن القوات الأمنية تجمع الأدلة لتقديمها إلى المحاكم المحلية والدولية.
اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، أنّ «المؤشّرات على تعرض أشخاص لعمليات اغتصاب وتعذيب وإعدام» في أوكرانيا هي «إهانة للبشرية»، وذلك بعد أن علّقت الأمم المتّحدة عضوية موسكو في مجلس حقوق الإنسان بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال بايدن، في بيان، إنّ «المؤشّرات على تعرّض أشخاص لعمليات اغتصاب وتعذيب وإعدام - وفي بعض الحالات مع تدنيس جثثهم - هي إهانة للبشرية»، مرحّباً بنتيجة التصويت في الجمعية العامة، ومعتبراً أنّ «أكاذيب روسيا لا تصمد في وجه الأدلة التي لا يمكن إنكارها على ما يحدث في أوكرانيا».
لكن نفت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، أي مسؤولية عن الهجوم الصاروخي على محطة القطارات. وأعلنت الوزارة، في بيان، أن «جميع التصريحات التي أدلى بها ممثلو نظام كييف القومي بشأن الهجوم الصاروخي الذي تتهم روسيا بتنفيذه على محطة القطارات في كراماتورسك، هي استفزازية وغير صحيحة على الإطلاق»، مضيفة أن الجيش الروسي لم يكن لديه أي مهمات إطلاق نار مقررة في كراماتورسك في الثامن من أبريل (نيسان). وقالت الوزارة: «نؤكد أن صواريخ توتشكا - يو التي عثر على أجزاء منها قرب محطة القطارات في كراماتورسك ونشر (صورها) شهود عيان، تُستخدم فقط من قبل القوات الأوكرانية المسلحة». وشاهد صحافيو وكالة الصحافة الفرنسية في موقع الهجوم في كراماتورسك أكثر من عشرين جثة على الأرض تم تجميعها قرب المحطة، ووضعت عليها أغطية بلاستيك. وسالت الدماء على الأرض، فيما تناثرت الأكياس والحقائب أمام المبنى في أعقاب الهجوم. وقال الصحافيون إن أربع سيارات قرب المحطة دمرت وشاهدوا شظايا صاروخ كبير سقطت بمحاذاة المبنى الرئيسي، كتب على واحدة منها عبارة «من أجل أطفالنا» بالروسية. ونُقلت الجثث لاحقاً إلى شاحنة عسكرية.
وقالت شركة السكك الحديدية الحكومية في أوكرانيا إن أكثر من 30 شخصاً قتلوا وأصيب ما يربو على 100 في هجوم صاروخي روسي على محطة للقطارات في شرق أوكرانيا، الجمعة، بينما كان مدنيون يحاولون المغادرة إلى مناطق أكثر أمناً في البلاد. وذكرت الشركة أن صاروخين روسيين أصابا محطة في مدينة كراماتورسك تُستخدم لإجلاء المدنيين من المناطق التي تقصفها القوات الروسية.
وقالت في بيان: «ضرب صاروخان محطة كراماتورسك للسكك الحديدية». وأضافت في وقت لاحق: «قُتل أكثر من 30 شخصا وأصيب أكثر من 100 في هجوم صاروخي على محطة كراماتورسك». وقالت «رويترز» إنها لم تتمكن من التحقق من صحة المعلومات. وتبذل السلطات الأوكرانية جهوداً لإجلاء المدنيين من المناطق الشرقية المهددة بهجوم روسي، وخوفاً من هجوم على هذه المناطق، دعت السلطات الأوكرانية المدنيين مرة أخرى إلى مغادرتها.
وقال حاكم منطقة لوغانسك سيرغي غايداي إن القوات الروسية «سبّبت أضراراً بخط السكة الحديد في شاستيا، واعتباراً من الآن لن تجري عملية الإجلاء إلا بالحافلات». لكنه أوضح بعد ساعات أن عمليات الإجلاء استؤنفت الجمعة. وقال في وقت مبكر إن «ثلاثة قطارات للإجلاء تقل سكان منطقتي لوغانسك ودونيتسك تمكنت من التوجه إلى الغرب، وتم إصلاح السكة الحديد». وأضاف غايداي، على «فيسبوك»، أن «كل الأهوال التي شهدناها يمكن أن تتفاقم. لا تحكموا على أنفسكم بالإعدام! غادروا! الأيام القليلة المقبلة ستكون الفرصة الأخيرة للإجلاء».
في دونيتسك، قال رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية بافيل كيريلينكو إن ثلاثة قطارات للإجلاء توقفت مؤقتاً بعد ضربة روسية لخط سكة حديد. وأعلن رئيس بلدية هذه المدينة الصناعية التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة، والواقعة على نهر دنيبر الذي يمثل حدود المناطق الشرقية من البلاد، أن «عدداً كبيراً» من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم وصلوا حتى الآن إلى دنيبرو.
وأكّدت منظمة الصحّة العالمية، الخميس، أنّ أكثر من مائة هجوم استهدفت الخدمات الصحية في أوكرانيا، مطالبة بوصول المساعدات الإنسانية إلى مدينة ماريوبول التي تحاصرها القوات الروسية.
وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، خلال مؤتمر صحافي، إنّه «حتى اليوم تحقّقت منظمة الصحّة العالمية من 103 هجمات على الخدمات الصحية، مع 73 قتيلاً و51 جريحاً، بينهم عناصر طبية ومرضى»، معرباً عن أسفه لهذه الحصيلة «القاتمة». و89 من هذه الهجمات المؤكّدة طالت مؤسسات صحية والبقية عربات نقل غالبيتها سيارات إسعاف. وأعرب المدير العام عن «الغضب إزاء استمرار الهجمات على الخدمات الصحية»، مذكّراً بأنّها تشكّل «انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني». وكان المدير الإقليمي لأوروبا في منظمة الصحة العالمية هانز كلوغه قال، في مؤتمر صحافي في لفيف في غرب أوكرانيا، إنّ «منظمة الصحة العالمية تمكّنت من تسليم مستلزمات منقذة للحياة في العديد من المناطق المتضررة، لكن صحيح أن (الوصول إلى) بعضها لا يزال صعباً للغاية». وأضاف: «أعتقد أن الأولوية بوضوح هي ماريوبول».
ويحاصر الجيش الروسي وحلفاؤه الانفصاليون المدينة منذ أسابيع ويواجهون مقاومة أوكرانية شرسة. ويؤكد الطرفان أنّ الأوضاع الإنسانية هناك كارثية، والمدينة مدمّرة على نطاق واسع، والقلق كبير بشأن مصير المدنيين فيها، علماً بأنها كانت تضم أكثر من 400 ألف نسمة قبل الحرب. واتّهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، روسيا بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى ماريوبول لإخفاء «آلاف» الضحايا. وأكد كلوغه أنّ منظمة الصحة العالمية «تمكنت حتى الآن من تسليم 185 طناً من المستلزمات الطبية إلى المناطق الأكثر تضرراً في البلاد، لتصل إلى نصف مليون شخص».
ولم يحدد المسؤول في منظمة الصحة العالمية، الجهة المسؤولة عن الهجمات على الخدمات الصحية في أوكرانيا، مؤكّداً أنّ المنظمة «لا تتمتع بصلاحية» القيام بذلك. وأعرب المسؤول الأممي عن قلقه بشأن المستقبل، في حين تحشد روسيا قواتها في شرق أوكرانيا لشن هجوم جديد محتمل. وقال إن منظمة الصحة العالمية «تبحث كل السيناريوهات، من الاستمرار في علاج الضحايا بشكل جماعي» إلى «الهجمات الكيماوية». واعترف كلوغه بأنه «ليس هناك ما يضمن أن الحرب لن تزداد سوءاً».


مقالات ذات صلة

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

أوروبا رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفة عن الأولى، وأن يسعى لتحقيق توازن في الحكم ومدّ غصن زيتون للديمقراطيين.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

بوصفها «أفضل طالب» في حلف الناتو، تحاول بولندا إشراك شركائها في مواجهة تحدي زيادة الإنفاق الدفاعي ومواجهة التهديد الروسي، حسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو».

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا خلال إطلاق صاروخ «أتاكمز» الأميركي الصنع نحو مياه البحر الشرقي قبالة كوريا الجنوبية في 5 يوليو 2017 (رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» الأميركية مجدداً وتتوعد بالرد

قالت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، إن أوكرانيا شنت هجوماً على منطقة بيلغورود بـ6 صواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع، الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ماريندرا مودي (رويترز)

تقرير: مقتل هندي في حرب أوكرانيا يجدد التوترات بين نيودلهي وموسكو

سلطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على قضية الهنود الذين يقتلون خلال قتالهم مع الجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

360 صحافياً مسجونون في العالم... والصين وإسرائيل في صدارة القائمة السوداء

عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
TT

360 صحافياً مسجونون في العالم... والصين وإسرائيل في صدارة القائمة السوداء

عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)

أعلنت لجنة حماية الصحافيين، اليوم الخميس، أنّ عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024، مشيرة إلى أنّ إسرائيل احتلّت، للمرة الأولى في تاريخها، المرتبة الثانية في قائمة الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين، بعد الصين.

وقالت جودي غينسبيرغ رئيسة هذه المنظمة غير الحكومية الأميركية المتخصصة في الدفاع عن حرية الصحافة، في بيان، إن هذا التقدير لعدد الصحافيين المسجونين هو الأعلى منذ عام 2022 الذي بلغ فيه عدد الصحافيين المسجونين في العالم 370 صحافياً. وأضافت أنّ هذا الأمر «ينبغي أن يكون بمثابة جرس إنذار».

وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، كانت الصين تحتجز في سجونها 50 صحافياً، بينما كانت إسرائيل تحتجز 43 صحافياً، وميانمار 35 صحافياً، وفقاً للمنظمة التي عدّت هذه «الدول الثلاث هي الأكثر انتهاكاً لحقوق الصحافيين في العالم».

وأشارت لجنة حماية الصحافيين إلى أنّ «الرقابة الواسعة النطاق» في الصين تجعل من الصعب تقدير الأعداد بدقة في هذا البلد، لافتة إلى ارتفاع في عدد الصحافيين المسجونين في هونغ كونغ، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

أمّا إسرائيل التي تعتمد نظام حكم ديمقراطياً يضمّ أحزاباً متعدّدة، فزادت فيها بقوة أعداد الصحافيين المسجونين منذ بدأت الحرب بينها وبين حركة «حماس» في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأكّدت المنظمة غير الحكومية ومقرها في نيويورك أنّ «إسرائيل حلّت في المرتبة الثانية بسبب استهدافها التغطية الإعلامية للأراضي الفلسطينية المحتلّة».

وأضافت اللجنة أنّ هذا الاستهداف «يشمل منع المراسلين الأجانب من دخول (غزة) ومنع شبكة الجزيرة القطرية من العمل في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة».

وتضاعف عدد الصحافيين المعتقلين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية خلال عام واحد. وأفادت المنظمة بأنّ إسرائيل التي تعتقل حالياً 43 صحافياً جميعهم من الفلسطينيين تجاوزت عدداً من الدول في هذا التصنيف؛ أبرزها ميانمار (35)، وبيلاروسيا (31)، وروسيا (30). وتضمّ قارة آسيا أكبر عدد من الدول التي تتصدّر القائمة.

وأعربت جودي غينسبيرغ عن قلقها، قائلة إن «ارتفاع عدد الاعتداءات على الصحافيين يسبق دائماً الاعتداء على حريات أخرى: حرية النشر والوصول إلى المعلومات، وحرية التنقل والتجمع، وحرية التظاهر...».