تحسن سندات الدين اللبنانية وهدوء السوق السوداء... والسلطة تحت «الرصد»

بعد الاتفاق مع صندوق النقد وعودة سفراء مجلس التعاون

أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن الاتفاق مع الصندوق حدث إيجابي للبنان )رويترز(
أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن الاتفاق مع الصندوق حدث إيجابي للبنان )رويترز(
TT

تحسن سندات الدين اللبنانية وهدوء السوق السوداء... والسلطة تحت «الرصد»

أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن الاتفاق مع الصندوق حدث إيجابي للبنان )رويترز(
أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن الاتفاق مع الصندوق حدث إيجابي للبنان )رويترز(

بدأ الإعلان عن توقيع الاتفاق الأوّلي بين لبنان وصندوق النقد الدولي، بتوليد انعكاسات إيجابية على الأسواق النقدية والمالية المحلية، وسط انتعاش الآمال بالتزام الحكومة ومجلس النواب بالاستجابة السريعة لإقرار حزمة القوانين الإصلاحية في المجالين المالي والمصرفي والخطوات الإجرائية التكميلية للانتقال إلى مرحلة إبرام اتفاقية برنامج تمويلي على مدار 4 سنوات وبقيمة تبلغ 3 مليارات دولار.
وفيما برزت أصداء إيجابية موازية لعودة السفيرين السعودي والكويتي إلى ممارسة مهامهما في بيروت، نوهت مصادر مالية متابِعة بإحالة رئيس مجلس النواب نبيه بري، مشروع القانون المعجل الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية (الكابيتال كونترول) على اللجان المشتركة، كأولى الخطوات الجدية لالتزام السلطات الدستورية المعنية الشروط الإصلاحية الضرورية لتسريع تطوير الاتفاقية وعرضها بصياغتها النهائية على مجلس إدارة الصندوق.
وبالتوازي، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن الاتفاق مع الصندوق حدث إيجابي للبنان، وسيسهم في توحيد سعر الصرف. وأعرب عن أمله، في اتصال مع «رويترز»، في تلبية الشروط المسبقة التي حدّدها الصندوق في الاتفاق على مستوى الخبراء، مع لبنان من أجل الحصول على موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على برنامج تمويلي.
وفي نطاق الأسواق، لوحظ أن أسعار سندات لبنان الدولية شهدت ارتفاعاً قوياً وصريحاً في بورصة لوكسمبورغ، وصلت نسبته إلى الحد الأعلى المتاح والبالغ 10%، لتصل الأسعار إلى متوسط 13 سنتاً لكل دولار، بعدما هوت دون 10 سنتات سابقاً وبلغت نحو 18 سنتاً بالحد الأعلى خلال عام.
وقد تلقفت سوق سندات «اليوروبوندز اللبنانية»، حسب التقرير الأسبوعي لـ«بنك عودة»، بإيجابية الأنباء حول توصّل لبنان إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي حول السياسات الاقتصادية، على أمل أن يفسح ذلك المجال أمام المفاوضات مع حاملي السندات. فسجلت الأوراق السيادية زيادات أسبوعية في الأسعار على طول منحنى المردود تراوحت بين نصف دولار ودولار (من مائة).
كما رصدت «الشرق الأوسط»، مَيل المبادلات النقدية في الأسواق الموازية إلى هدوء واضح وغياب شبه تام للمضاربات، حيث جرى معظم العمليات ضمن هوامش تقلبات محدودة تخللها التحسن النسبي في سعر صرف الليرة دون عتبة 24 ألف ليرة لكل دولار. أما التداولات على منصة «صيرفة» فبلغت 77.5 مليون دولار بسعر 22.1 ألف ليرة. فيما يترقب المتعاملون سرعة تقيد الحكومة بالشروط ومصير منصة «صيرفة» التي يضخ عبرها مصرف لبنان الدولارات النقدية لتغطية سحوبات الموظفين والمودعين والجزء الأكبر من الطلب على العملات الصعبة، بما يشمل طلبات مستوردي المحروقات وشركات الأدوية وسواها.
وتشمل الشروط المسبقة، موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية إعادة هيكلة البنوك التي تعترف بالخسائر الكبيرة في القطاع وتعالجها، مع حماية صغار المودعين والحد من اللجوء إلى الموارد العامة. وموافقة البرلمان على تشريع قرار مصرفي طارئ مناسب وضروري لتنفيذ استراتيجية إعادة هيكلة المصارف وبدء عملية إعادة القطاع المالي إلى حالته الصحية، وهو أمر أساسي لدعم النمو. والشروع في تقييم مصرف تلو الآخر بمساعدة خارجية لأكبر 14 مصرفاً من خلال توقيع الشروط المرجعية مع شركة دولية مرموقة.
وقد رحبت جمعية مصارف لبنان بتوقيع الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي، بوصفه «المخرج الوحيد الحيوي للأزمة الحالية غير المسبوقة، ويشكّل ضرورة لاستعادة الثقة ووضع حدّ للنزف الذي ما زال يطال الاحتياطيات المالية المتبقية». كما شددت على أهمية الإسراع في إقرار جميع التشريعات والإصلاحات اللازمة لتفعيل تطبيق برنامج كامل لصندوق النقد الدولي، بما في ذلك قانون «الكابيتال كونترول» الذي طال انتظاره، واستراتيجية اقتصادية شاملة وإدارة مستدامة للدين، بالإضافة إلى إصلاحات الحوكمة.
ولفت في بيان عمّمته الجمعية أمس، إلى أنها ورغم عدم حصولها على تفاصيل الخطة المالية لإعادة الهيكلة وتوزيع الخسائر على القطاعات المعنية كافة فإنها تُبقي أبواب القطاع المصرفي مفتوحة أمام أي حلّ للخروج من هذه الأزمة. وهي تتوقع أن تشمل الخطة توزيعاً عادلاً للخسائر على الحكومة ومصرف لبنان، نظراً لتراتبية المسؤوليات وبهدف تعزيز عملية استعادة المودعين لودائعهم. كذلك نوهت إلى أن العمل الجدي بدأ اليوم والعبرة تكمن في إمكانية تطبيق جميع الإصلاحات الطموحة المحدّدة في الاتفاقية والتي ترقى إلى درجة عالية من الأهمية. علماً بأن القطاع المصرفي من جهته يبقى على أتم الاستعداد لدعم الحكومة للوصول إلى حل عادل يضمن مستقبلاً مزدهراً للبنان.
كذلك تتضمن حزمة الشروط، موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية متوسطة المدى لإعادة هيكلة المالية العامة والدين، وهو أمر ضروري لاستعادة القدرة على تحمل الديون، وغرس المصداقية في السياسات الاقتصادية، وخلق حيز مالي للإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار الإضافي. أيضاً موافقة مجلس النواب على موازنة 2022، للبدء في استعادة المساءلة المالية. إضافةً إلى قيام مصرف لبنان بتوحيد أسعار الصرف لمعاملات الحساب الجاري المصرح بها، وهو أمر بالغ الأهمية لتعزيز النشاط الاقتصادي، واستعادة المصداقية والجدوى الخارجية، والذي سيتم دعمه من خلال تنفيذ ضوابط رسمية على رأس المال.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.