شاشة الناقد

مشهد من فيلم A Thousand Fires
مشهد من فيلم A Thousand Fires
TT

شاشة الناقد

مشهد من فيلم A Thousand Fires
مشهد من فيلم A Thousand Fires

A Thousand Fires ★★
1-2
إخراج: سعيد تاج فاروقي
فرنسا - سويسرا - هولندا (2021)
تسجيلي | عروض: مهرجان لوكارنو
منطقة ماغواي في وسط دولة ميانمار (شرقي الهند) هي المكان الذي اختاره المخرج سعيد تاج فاروقي مكاناً لتصوير شريحة مجهولة من الواقع. هناك في بعض القرى ما زالوا يستخرجون النفط بطريقة شبه يدوية. يعمد الواحد إلى آلة حفر صغيرة ذات محرك كهربائي يعمل باليد (كما سيارات مطلع القرن الماضي) حتى يملأ برميلاً. معدل البراميل التي يستطيع إخراجه بهذه الطريقة هو واحد في الأسبوع. بطبيعة الحال، فإن حصاد هذا الكم الضئيل من النفط بالكاد يكفي لتشغيل عجلة الحياة ذاتها.
يختار المخرج عائلة من زوجين وولديهما وهم يعيشون في تلك الرقعة من الزمان والمكان بوداعة وتواضع. يقول الأب للكاميرا إن مثل هذا العمل لا يمكن تأديته إلا بالعرق. نراه يستخرج وزوجته النفط نهاراً ويرتاح في كوخه ليلاً. لا يبدو أن هناك شيئاً كثيراً يمكن فعله في ذلك الركن من الحياة.
لكن ما يزيد هم رب العائلة حقيقة أن ابنه الشاب لا يريد أن يعمل مع والده ولا حتى استكمال دراسته بل الانخراط في فرقة كرة قدم. نشاهده يلعب (ليس ماهراً) ويتحدث لوالده مبشرّا إياه في مشهد آخر قائلاً: «لم يعد هناك نفط كثير في هذه الأرض».
يلتقط المخرج بعينين شغوفتين بالتفاصيل مشاهد معبّرة تلتزم ألوان المكان بدراية وتمنحها ومن فيها من أجساد ووجوه وطبيعة الحضور الملائم. بكلمات أخرى، هناك معرفة فنية بكيف ومتى يختار المخرج لقطاته بحيث تبقى لافتة. في الواقع هذا أفضل ما في الفيلم كون الموضوع، رغم جانبه الإنساني الواضح، لا يثير إلا اهتمام موضعي غير عابر لكثير من المشاهدين.

Black Crab ★★
إخراج: آدم بيرغالسويد (2022)مغامرات [مهام عسكرية] | عروض: «نتفليكس»
منذ متى لم يعد مهماً معرفة لماذا تقع الأحداث على النحو الذي نشاهده؟ أو لماذا تقع أساساً؟ مثل كتاب بلا غلاف ينطلق «بلاك كراب» في قصّته مع تمهيد هلامي حول حرب أهلية تقع في السويد، ولو أنه أيضاً يقول في بعض حواره «الأعداء يغزون البلاد من الشمال». هل هي حرب أهلية أم لا؟ وأي شمال هذا إذا كان البحر هو ما يجاورها شمالاً؟
ناوومي راباس تنضم إلى فريق من بضعة مجندين يحملون سلاحاً بيولوجياً سوف ينهي الحرب القائمة. هذا ما يقوله الفيلم ولا يزيد. كيف وما هو هذا السلاح تحديداً وكيف سينهي الحرب إذا ما كان فتاكاً لدرجة أنه سيهدد البشرية جميعاً؟ لا نعرف. لكن الفريق عليه أن ينتقل من هنا إلى هناك. وللشرح يضع قائد المهمّة إصبعه على خريطة لا نرى تفاصيلها ثم يمر بإصبعه على عرض الخريطة حتى آخر نقطة ممكنة ويقول: «من هنا إلى هناك». لمنح البطلة بعض الدوافع الخاصّة لقبول المهمّة هناك، في مطلع الفيلم، فصل مختصر للحرب المرغومة. هي مع ابنتها في سيارة تتعرض لهجوم مسلحين. تحاول الدفاع عن ابنتها لكن أيدي بعض المتحاربين تصل إليهما وتفصلهما عن بعض. قائد المهمّة يخبرها لاحقاً أنها ستجد ابنتها في نهاية الرحلة - المهمّة التي ستقوم بها. هذا هو الأمل الذي يحرّكها وهو دافع مقبول
بعض المناطق الفاصلة ما بين «هنا» و«هناك» ثلجية. الثلج رقيق لذلك على الفريق أن يمشي فوق الثلج عوض أن يستخدم المركبات. سنراهم يتزلجون كما لو كانوا يقومون بألعاب أولمبية لكن سريعاً ما يسقط أحد أعضاء الفريق في الماء عندما ينكسر ذلك الثلج الرقيق تحت قدميه. هذا المشهد وسواه يُثير اهتمام المرء كمفارقات لكن روح التشويق غائبة عما نراه. كذلك يتحوّل الفيلم تدريجياً إلى سرد مشاهد أكثر مما هو سرد قصّة فعلية. في الدقائق العشرين الأخيرة، أو نحوها، يضيف الفيلم تطوّرات أخرى غير مثيرة للاهتمام. قد تلتقي بطلة الفيلم بابنتها وقد لا تلتقي (لن أقول)، لكن المُشاهد عند هذه النقطة قد لا يكترث.

Deep Water ★★
إخراج: أدريان لِن
الولايات المتحدة (2022)
دراما - تشويق | عروض: تجارية
هذا أول فيلم للمخرج أدريان لِن منذ عشرين سنة عندما قام بتحقيق فيلم بعنوان «غير مخلصة» (Unfaithful). ذلك الفيلم، مع دايان لاين ورتشارد غير لا يختلف، في أسلوبه ونوعه عن أفلام المخرج السابقة الذي لا يزال أكثرها شهرة لليوم «جاذبية مميتة» (Fatal Attraction) مع غلن كلوز ومايكل دوغلاس سنة 1987. ومن دون أن ننسى إعادة «لوليتا» إلى الحياة على الشاشة سنة 1997 من بعد أن قام ستانلي كوبريك سنة 1952 بتحويل رواية فلاديمير نابوكوف إلى فيلم آخر معروف بين أعماله.
نقطة لقاء فيلم العودة للِن مع أفلامه السابقة هي توجهه صوب مواضيع تشويقية يعالجها بصرياً بمشاهد ساخنة عاطفياً. الجريمة هنا ليست بعيدة المنال عن الرواية التي وضعتها باتريشا هايسميث واختارها المخرج كتذكرة عودة وهي تقوم على حكاية زوجين (بن أفلك وآن دي أرماس) متفاهمين على منح الزوج لزوجته حرية كاملة. تستطيع أن تتعرف وتغازل بل وأن تعشق أي رجل تريده. رغم ذلك («كاتش 22») نرى الزوج غاضباً من تصرفاتها في أكثر من موقف. كيف ولماذا وهو الذي اتفق معها على هذا الوضع؟
الجزء «البوليسي» في الفيلم أن من تتعرّف عليهم الزوجة في مجال اختبار صبر زوجها وسعياً للتمتع بحريتها الغرامية يختفون في ظروف غامضة عندما ينتقل الزوج من الغيرة إلى الجريمة. أمر آخر لا يكترث لِن لتوفير منطلقاته.

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز