محمية شاطئ صور.. ثروة جمالية وموطن السلاحف المهددة بالانقراض

أشبه بكتاب حي في علم النبات والطبيعة

منظر عام لمدينة صور
منظر عام لمدينة صور
TT

محمية شاطئ صور.. ثروة جمالية وموطن السلاحف المهددة بالانقراض

منظر عام لمدينة صور
منظر عام لمدينة صور

تتألف من أكثر شواطئ لبنان الرملية جمالاً، وهو الشاطئ الأكبر المتبقي في لبنان. إنها «محمية شاطئ صور الطبيعية» التي تعد من أبرز وأكبر محميات لبنان وأروعها، والواقعة في مدينة صور جنوب لبنان.
وتوصف المحمية بأنها ذات الطبيعة «الثلاثية الأبعاد» لما تجمعه من تنوع بيئي، إذ تجمع الغطاء النباتي الأخضر والكثبان الرملية الصفراء والشاطئ البحري الأزرق. وتصل مساحتها إلى 3.8 كلم مربع. وهي اليوم تشهد خطة لاستمرارية حماية النباتات في نطاقها والتي يزيد عددها عن 300 نوع.
ويقول مدير المحمية المهندس حسن حمزة في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في أرجاء المحمية: «إن الهدف الرئيسي من إنشاء وتأهيل الكثير من المماشي هو الحفاظ على هذه النباتات الموزعة على أكثر من خمسين عائلة، ستة أنواع منها مهددة على الصعيد الوطني والإقليمي، أربعة منها متفردة، وعشرة نادرة وفي طليعتها الزنبق الرملي، وهناك خمسون نوعًا خاصة في شرق البحر المتوسط.
ويضيف: «باشرنا بمنع أعمال الصيد البري العشوائي التي تنال من الطيور النادرة المهاجرة إلى المحمية، ومنها طير المطلق والطائر: الشادي، والمخوِض، والجارح، والجاثم. وصياد السمك، والنورس، والخرشنة والطيور المستقرة (المستوطنة) مثل البواشق ودجاج الماء والحساسين واليمام والفرّي. كما تتم صيانة غرفة مراقبة الطيور، وغيرها من البنية التحتية للمحمية».
واللافت أن المحمية تنقسم إلى ثلاثة أقسام؛ القسم الزراعي، والعلمي والقسم السياحي الذي ينحصر في واجهة بحرية ذات بيئة ملائمة وخالية من التلوث، تجعلها مكان جذب للسياح في فصل الصيف وللسلاحف البحرية وموئلا للطيور المحلية والمهاجرة في فصل الشتاء.
وتشرح ناهد مسيلب، عضو لجنة محمية شاطئ صور الطبيعية: «باشرنا بتحديث المحمية لكن تركيزنا ينصب على المنطقة العلمية بغية حماية التنوع الحيوي الموجود فيها».
كما سيتم إنشاء بيوت خشبية لاستقبال الزوار ضمن برنامج متكامل، حيث سيقومون بزيارات إلى المنطقتين العلمية والزراعية.
ويعلق زوار المحمية على هذه المخططات بوصفها بالـ«جيدة جداً». ويؤكد فادي (23 عاما): «أتمتع باستكشاف نوع جديد من المحميات، فالقيمة الترفيهية تنبع من المساحة الريفية المفتوحة؛ أزور المحمية طيلة الموسم وبمعدل 8 مرات شهريا».
بدوره يعتمد رامي (25 عاما) على الشنركل (أنبوب طويل يستخدمه الغطاسون للتنشّق) أو على معدات الغطس خلال السباحة تحت الماء بهدف اكتشاف هذه المحمية الساحلية فيما يتنقل بقية أصدقائه مشيًا، أو بركوب الدراجة الهوائية.
أما شاطئ صور الجنوبي الواقع ضمن نطاق المحمية، فبات يحمل اسما آخر، اعتاده أبناء المنطقة وزوارها، هو «الخيام البحرية»، التي بدأ العمل بها قبل 21 عامًا.
فمع كل موسم بحري (خلال موسمي الربيع والخريف) يصبح الشاطئ الصوري، ملاذًا هادئًا وهانئًا، لعشرات آلاف المواطنين والمغتربين، على مدار الموسم.
وردا على سؤال يجيب حمزة: «أنشئت المحمية عام 1998، وتم إعلانها منطقة (رطبة ذات أهمية عالمية) عام 1999 وفقًا لاتفاقية (رامسار) للمناطق الرطبة». وللمحمية قيمة أثرية كبرى، إذ تعتبر جزءًا من مدينة صور القديمة التي تمّت تسميتها في عام 1984 من قبل منظمة «اليونيسكو» كموقع تراث عالمي. وتعد المدينة واحدة من أكثر المدن العالمية الغنية ثقافيًا، نظرًا لكونها نقطة التقاء لكثير من الحضارات: الفينيقية، والرومانية، والإغريقية، والبيزنطية.
كما تتضمن المدينة كنوزًا أثرية عدة هي المدينة القديمة والأسواق. حيث يعود تاريخ أقدم الآثار في رأس العين وتل الرشيدية وصور القديمة إلى 5 آلاف سنة قبل المسيح.
ويستمد الموقع فرادته من وجود عيون المياه والينابيع والمستنقعات التاريخية التي لا تبعد إلا بضعة أمتار عن البحر، مما يخلق حدا من المياه قليلة الملوحة. وتلعب هذه الموارد المائية دورًا هامًا في حياة المجتمع المحلي كمصادر للمياه المستخدمة من المزارعين المحليين لري مساحات زراعية شاسعة. ومن ببينها «برك رأس العين» التي يعود تاريخها إلى العصر الفينيقي.
من ناحية أخرى، تستقطب هذه البيئة الهشة نوعين من السلاحف البحرية المهددة بالانقراض عالمياً، وهما «السلحفاة الخضراء» و«السلحفاة ذات الرأس الضخم»، إضافة إلى أنواع كثيرة من الحشرات، وعصافير المستنقعات التي تنتشر بكثرة في أرجائها. فضلا عن تميز المحمية بوجود نبتة «البنكراتيوم» التي لا تنمو إلا على شاطئ مدينة صور.
ومن الزهور والنباتات «عشبة البرك» - نبات مائي، يمتاز بأزهاره البنية، وينمو في مستنقعات المياه العذبة وهو مهم لأعشاش الطيور كما هو مصدر للغذاء. «النرجس البحري»: ينتج زهرًا أبيض، كبيرًا وجميلاً، في الصيف، يمكن العثور عليه في الكثبان الساحلية.
وتعتبر مستنقعات المياه العذبة المحاطة بالقصب العنصر الأساسي والجاذب في المحمية من الناحية العلمية.
وفيما تقع المسابح الشعبية الجيدة والرخيصة بمياهها النظيفة وتسهيلاتها الأساسية في جنوب صور، تبقى الشهرة في المحمية أيضا للمساكن البحرية.
وتوضح مسيلب: «تعمل مستنقعات المياه العذبة على تنقية الجو من ثاني أكسيد الكربون أكثر ثلاثين ضِعفًا من الغابات. مما يساعد على تحسين المحيط البيئي، في ظل أزمة التلوث العالمية».
ومن الخطوات المستقبلية وفق مسيلب إنشاء ناد للغطس، حيث سيواكب الغطاسون زوار المحمية في رحلات بحرية للتعرف إلى المناطق الأثرية المغمورة بالمياه ومن بينها الآثار الفينيقية والرومانية على مقربة من شاطئ مدينة صور، ورؤية فوارات المياه العذبة والتنوع الحيوي البديع، خاصة في موسم السلاحف البحرية.
وانتقالا إلى أشهر المطاعم المطلة على شاطئ صور نجد: «فيلا مار»، و«سانسيت»، و«لاكوستا» و«شواطينا».
وفي الختام يرى حمزة أنه على الرغم من اعتراف وزارة البيئة بالمحمية والترخيص لها فإنها لا تزال تفتقر إلى الدعم المادي، فضلا عن وجوب السير قدما في تفعيل ثقافة المجتمع المحلي بدورها.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.