تواصل التحشيد العسكري في طرابلس وسط مخاوف من تجدد الاشتباكات

نجلاء المنقوش خلال لقائها بعض سفراء ليبيا في الخارج (الخارجية الليبية)
نجلاء المنقوش خلال لقائها بعض سفراء ليبيا في الخارج (الخارجية الليبية)
TT

تواصل التحشيد العسكري في طرابلس وسط مخاوف من تجدد الاشتباكات

نجلاء المنقوش خلال لقائها بعض سفراء ليبيا في الخارج (الخارجية الليبية)
نجلاء المنقوش خلال لقائها بعض سفراء ليبيا في الخارج (الخارجية الليبية)

لليوم الثاني على التوالي، واصلت حكومة «الوحدة» الليبية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، صمتها حيال الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس بين ميليشيات مسلحة، بعضها موالٍ لها، والتي ارتفع عدد ضحاياها إلى 8 قتلى على الأقل.
ووسط مخاوف من اندلاع جولة ثانية من الاشتباكات، أُغلق طريق المطار بالعاصمة طرابلس في ساعة مبكرة من صباح أمس، تزامناً مع استمرار التحشيدات العسكرية، مساء أول من أمس؛ لكن بوتيرة أقل من السابق لميليشيات ومجموعات مسلحة تابعة لحكومة الدبيبة.
ورصد سكان ووسائل إعلام محلية تحشيدات لـ«جهاز الدعم والاستقرار»، مقابل تحشيدات مماثلة لكتيبة «النواصي» و«اللواء 444 قتال»، وكتيبة «28 مشاة» طرابلس، بينما تعرض مقر كتيبة «النواصي» لقصف لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه.
وفى غياب أي إحصائية رسمية من حكومة الدبيبة، قالت وسائل إعلام محلية إن 8 أشخاص، بعضهم من الميليشيات، قتلوا في الاشتباكات التي شهدتها طرابلس بين «جهاز دعم الاستقرار» وكتيبة «النواصي»، مشيرة إلى سقوط عدد غير معلوم من الجرحى.
وتطابقت هذه الأرقام مع ما نقلته وكالة «نوفا» الإيطالية للأنباء، عن مصادر أفادت بمقتل 8 أشخاص على الأقل، في الاشتباكات التي استُخدمت فيها الأسلحة الثقيلة من «جهاز دعم الاستقرار»، التابع لحكومة الدبيبة، وكتيبة «النواصي»، في إطار الصراع بينهما للسيطرة على المنطقة، مشيرة إلى أنه غير مرتبط بالتوترات بين حكومة الدبيبة وغريمتها حكومة «الاستقرار» الجديدة الموازية، برئاسة فتحي باشاغا.
ونعت كتيبة «النواصي»، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الدبيبة، 5 من عناصرها، وقالت إنهم «شهداء واجب قُتلوا غدراً أثناء أداء مهامهم»، جراء الاشتباكات التي جرت في شارع الصريم ضد عناصر من «جهاز دعم الاستقرار».
في المقابل، اعتبر محمد صوان، أحد القيادات البارزة لتنظيم «الإخوان» ورئيس الحزب «الديمقراطي»، ما حدث بمثابة تأكيد على «حالة الانفلات الأمني» التي تعيشها العاصمة طرابلس، وفقدان حكومة الدبيبة التي وصفها بـمنتهية الولاية، سيطرتها على الوضع. وحذر من استغلال الحكومة لأموال الدولة في تحويل المجموعات المسلحة إلى قوة حماية خاصة بها لتستمر في السلطة، خارج إطار القانون.
لكن حكومة الدبيبة تجاهلت هذه الانتقادات، معلنة أن «اللجنة الوطنية» لتنفيذ خطتها المسماة «عودة الأمانة للشعب»، عقدت مساء أول من أمس اجتماعها الأول في العاصمة طرابلس، بهدف وضع اللائحة التنظيمية لعملها، تمهيداً لإجراء الانتخابات المؤجلة وفقاً للموعد الذي اقترحه الدبيبة بحلول شهر يونيو (حزيران) المقبل.
أمنياً، شهدت مدينة سبها في جنوب البلاد اشتباكات مسلحة في حي عبد الكافي، ما تسبب في إصابة شخص واحد على الأقل، ونزوح عدد من العائلات والمدنيين. وتزامنت هذه الاشتباكات مع اجتماع أمني بمقر منطقة سبها العسكرية، ضم آمر غرفة عمليات الجنوب اللواء سحبان، ومديري الأجهزة الأمنية بالمدينة، للوقوف على عمل الغرفة الأمنية المشتركة، وتطبيق خطة أمنية مشددة خلال شهر رمضان.
في غضون ذلك، أعلن جهاز إدارة مشروع النهر الصناعي انخفاض معدلات الإنتاج في منظومة الحساونة، نتيجة تذبذب الصبيب الكهربائي من المصدر على حقول الآبار ومحطات الضخ. وقال في بيان مساء أول من أمس، إن فرق التشغيل تعمل على إعادة تشغيل الحقول لتفادي حدوث نقص في المياه بمناطق الاستهلاك.
من جهة ثانية، طالب حافظ قدور، وزير الخارجية بحكومة باشاغا، نظيره السوداني علي الصادق، بعدم قبول ترشيحات سفراء أو أعضاء بالسفارة الليبية لحين إتمام عملية التسليم والتسلم بين حكومته وحكومة الدبيبة.
كما أكد قدور وقوف حكومته مع السودان، وقدم للصادق تعازيه في فاجعة غرق مركب في وادي النيل بولاية سنار.
بدورها، بحثت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، مع سفراء ليبيا لدى ألمانيا وفرنسا وسويسرا، المشكلات التي تواجه السفارات، وسبل تفعيل دورهم لدعم المسار الديمقراطي والاستقرار في ليبيا. وجاء ذلك بالتزامن مع تقديم صلاح مريحيل أوراق اعتماده سفيراً مفوضاً فوق العادة لليبيا لدى المملكة المتحدة وشمال آيرلندا، للملكة إليزابيث الثانية، في مراسم رسمية تمت في قصر باكنغهام بالعاصمة لندن، معرباً عن التقدير لجهود المملكة المتحدة في سبيل استقرار وسلامة ليبيا.
في سياق آخر، أعلن مصرف ليبيا المركزي أن إجمالي الإنفاق المالي للدولة خلال الشهور الثلاثة الماضية بلغ 14.7 مليار دينار، بينما بلغت الإيرادات المالية خلال الفترة نفسها 3.4 مليار دينار.



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً