«أصداء الاختيار 3»: انشقاقات «الإخوان» وخلافاتهم مع «السلفيين» تعود للواجهة

المقاطع الوثائقية في المسلسل المصري أثارت تفاعلاً

الفنان عبد العزيز مخيون يجسد دور المرشد محمد بديع في مسلسل «الاختيار 3»
الفنان عبد العزيز مخيون يجسد دور المرشد محمد بديع في مسلسل «الاختيار 3»
TT

«أصداء الاختيار 3»: انشقاقات «الإخوان» وخلافاتهم مع «السلفيين» تعود للواجهة

الفنان عبد العزيز مخيون يجسد دور المرشد محمد بديع في مسلسل «الاختيار 3»
الفنان عبد العزيز مخيون يجسد دور المرشد محمد بديع في مسلسل «الاختيار 3»

أظهرت مشاهد أذيعت ضمن حلقات المسلسل المصري «الاختيار 3»، جمعت قيادات من تنظيم «الإخوان»، انشقاقات داخل التنظيم، وخلافات «الإخوان» مع «السلفيين»، التي عادت للواجهة من جديد. المشاهد الوثائقية أبرزت حديث قيادات «الإخوان» عن عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي الأسبق في الانتخابات التي جرت عام 2012. ورئيس حزب «مصر القوية»، حيث تضمنت المقاطع حديث مرشد «الإخوان»، محمد بديع، عن الخلاف بين أبو الفتوح والتنظيم.

ووفق ما أظهرت المشاهد التي بُثت في الحلقة الرابعة لمسلسل «الاختيار 3»، فإن بديع قال في تسجيل صوتي ظهر فيه الرئيس الأسبق، محمد مرسي، متحدثاً عن أبو الفتوح: «أنا أعرفه أكتر من حضراتكم... أرجو أن تعفوني إني أتحدث عليه... نحن لم نفصله؛ إلا لأنه لم يلتزم بوعده مع إخوانه... أرسل لي وقال عندما يترشح الدكتور سليم العوا (أي في انتخابات الرئاسة) أنا سوف أنسحب من القصة». وأضاف بديع: «قولت له أنا بنصحك تتقدم نقيب أطباء، والناس وقتها هتحبك، و(الإخوان) هتحبك، والمشكلة اللي بينك وبين (الإخوان) تتحل لأنك رجعت للصواب... قالي لأ، عايزها». ولم يظهر خلال الحلقة توقيت تسجيل المشاهد، لكن ما جاء على لسان بديع، يشير إلى الفترة قبل الانتخابات الرئاسية عام 2012. ويعد أبو الفتوح، الذي خرج من تنظيم «الإخوان» عام 2011 بسبب اعتزامه الترشح للرئاسة، من أبرز الأسماء في تيار «الإسلام السياسي»، وحصل على المركز الرابع في انتخابات الرئاسة عام 2012، وفي يونيو (حزيران) 2013 أيّد الاحتجاجات التي دعت إلى إسقاط حكم مرسي.

وقال الباحث المتخصص في الشأن الأصولي بمصر، خالد الزعفراني، إن «مشاهد حديث بديع عن أبو الفتوح أشارت إلى الخلافات والانشقاقات داخل التنظيم، خاصة بين (الإخوان) وأبو الفتوح، الذي كان يرى أنه الأحق أن يكون مرشداً لـ(الإخوان) بدلاً من بديع، وسمعت منه هذه الرغبة أكثر من مرة، ورددها كثيراً في لقاءات عامة، وكان أبو الفتوح يتعامل بندية مع الشاطر، عكس مرسي، وكان يرى أنه الأحق من محمد مرسي بالرئاسة، لأنه صاحب كفاءة وتاريخ طويل مع الحركة الطلابية، فكل هذا أحدث خلافات عميقة بين أبو الفتوح والتنظيم». وأضاف الزعفراني لـ«الشرق الأوسط» أن «بديع كان لديه تخوف شديد من أبو الفتوح حينها، خاصة أن الثاني قد حصل على تزكية من يوسف القرضاوي (الذي يلقب بالأب الروحي لـ«الإخوان») للترشح للرئاسة، وحصل على دعم من عناصر إخوانية في الداخل والخارج».
كما أظهرت التسجيلات خلافات «الإخوان»، الذي تصنفه السلطات المصرية «تنظيماً إرهابياً» مع «السلفيين»، خاصة عقب ظهور محمد بديع، والنائب الأول لمرشد «الإخوان»، خيرت الشاطر، وهما يهاجمان «السلفيين»، حيث وصفهم المرشد بألفاظ «غير لائقة»، الأمر الذي أثار غضباً داخل «التيار السلفي»، مما دعا يونس مخيون، رئيس حزب «النور» السابق (الذي يوصف بأنه الذراع السياسي للتيار السلفي)، للقول إن «حزب (النور) شارك في ثورة (30 يونيو) مع جميع أطياف الشعب المصري ضد حكم (الإخوان)». وأضاف مخيون في تصريحات أن «(الإخوان) يريدون تشويه جميع الفصائل الأخرى، لكي يظهروا للشعب المصري بالصورة الفاضلة». وقال إن «(الإخوان) أرادوا إقصاءنا من المشهد السياسي، والجميع عرف كذبهم وتدليسهم، وأنهم هم من أرشدوا عنا الأمن، وحاولوا وصفنا بصورة سيئة».

وكان محمد بديع قد قال في الحلقة الثانية من المسلسل أثناء حديثه مع الشاطر في وجود مرسي، إن «(السلفيين) ليس لهم ثقل في الشارع المصري... عشنا مع (السلفيين) وهم ليسوا يداً واحدة ولا اتجاهاً واحداً، قياداتهم لا تملك الأمر إلا على المجموعة التي معها، وبالتالي أي اتفاق صلب معهم لا تضمنه بأي حال من الأحوال، وهؤلاء لهم تصور ضيق عن فهم الإسلام أساءوا إليه وإلى أنفسهم».
من جانبه، أشار الزعفراني إلى أن «حديث بديع قد أغضب (السلفيين)»، موضحاً أن «(الإخوان) يرون أن (السلفيين) فريق مُخالف، كما أن (السلفيين) شعروا أنه حال تمكن (الإخوان) من السلطة سوف يتخلصون من أي فصيل خاصة (التيار السلفي)»، لافتاً إلى أنه «كان هناك تعنت من (الإخوان) ضد (السلفيين)، وظهر هذا خلال أحد اجتماعات مرسي التي عقدها مع الأحزاب قبل ثورة (30 يونيو) التي أطاحت بحكمه، وحينها وجه مرسي الدعوة لحزب (النور)، وأحزاب أخرى - اعتبرها (النور) صغيرة -، وهو الأمر الذي أغضب رئيس حزب (النور) حينها وغادر الاجتماع».
وحول علاقة «الإخوان» بـ«السلفيين». أكد الزعفراني أن «سياسة (الإخوان) هي الانفراد التام بالسلطة، و(السلفيين) كان لهم وجود في الشارع؛ لكن (الإخوان) لا يريدون آراء مخالفة لهم»، مضيفاً أن «قيادات (الإخوان) لم تكن خائفة من طمع (السلفيين) في الحكم».



قانون «الاقتراع المباشر» وانتخابات غوبالاند يشعلان التوتر في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

قانون «الاقتراع المباشر» وانتخابات غوبالاند يشعلان التوتر في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)

تحذيرات رسمية من إقليم بونتلاند الصومالي بشأن اقتراب البلاد من «حرب أهلية» مع تصاعد الخلافات بين الحكومة الفيدرالية والولايات بسبب رفض متبادل لقانون الاقتراع المباشر وانتخابات ولاية غوبالاند الجنوبية.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن تمسك الحكومة الفيدرالية الصومالية بقانون الاقتراع المباشر المرفوض من ولايتي غوبالاند وبونتلاند، وما تلاه من تطورات «سيعمق الخلافات ويشعل التوتر أكثر وينذر في الأفق باحتمال حدوث حرب أهلية في البلاد المثقلة بمواجهة حركة الشباب الإرهابية»، غير مستبعدين إبرام حلول حال تدخل أصدقاء الصومال لإيجاد صيغة تعاون بشأن الحكم والانتخابات.

عناصر من الجيش الصومالي خلال عملية عسكرية في محافظتي شبيلي الوسطى وغلغدود (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعرب إلياس عثمان لوغاتور، نائب رئيس ولاية بونتلاند، الثلاثاء، عن دهشته لما وصفه «بمعاداة الحكومة الصومالية لغوبالاند لكونها عقدت الانتخابات الخاصة بها ورفضت التمديد للإدارات الإقليمية»، مشيراً إلى أن «الحكومة الفيدرالية الصومالية تخرق قوانين البلاد وتعرضها لخطر الحرب الأهلية»، وفق ما نقله إعلام صومالي محلي.

ولاية غوبالاند التي تُعد «سلة غذاء» الصومال، وعاصمتها «كسمايو»، الميناء الاستراتيجي، أعادت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انتخاب أحمد مدوبي الذي يرأس الإقليم منذ إنشائه عام 2013، ويُعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

لكن هذا الاقتراع كان محل طعن في شرعيته من الحكومة الصومالية، من قبل أن يبدأ، وفق إعلان رئيس الوزراء حمزة عبده بري، في نوفمبر الماضي، مخالفته قانون الانتخابات الصادر لتنفيذه على كل عموم البلاد.

وتلا انتخاب مدوبي إعلان إقليم غوبالاند تعليق العلاقات والتعاون مع مقديشو، وإصدار محكمة «كسمايو» مذكرة اعتقال بحق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، متهمة إياه بـ«إشعال حرب أهلية وتقويض الوحدة الوطنية»، وذلك غداة إصدار محكمة بنادر الإقليمية التابعة لمقديشو، مذكرة اعتقال بحق مدوبي، متهمة إياه بـ«انتهاك الدستور الصومالي».

وقبل انتخابات غوبالاند بيومين، صادق مجلسا البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعني بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي، وآخرون من أبرزهم الرئيس الصومالي الأسبق، شريف شيخ أحمد، الذي صرّح قبل نحو أسبوع بأنه «لا يمكن إجراء انتخابات صوت واحد لشخص واحد، لا تشارك فيها ولايتا بونتلاند وغوبالاند والسياسيون المعارضون، مع عدم وجود أجواء أمنية تسمح بإجراء الانتخابات المذكورة حتى في العاصمة الصومالية».

وفي ضوء التطورات المستمرة بين حكومة الصومال وإقليم غوبالاند، وتحذير بونتلاند، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، أن العلاقة «وصلت لمرحلة اللاعودة»، مؤكداً أن تشريع الانتخابات وضع البلاد والأقاليم في «تحدٍّ حقيقي وسيكون عقبة كبيرة نحو مسار سياسي موحد».

ووفق تقدير تورشين، «ستتعمق تلك الخلافات أكثر ويزداد التوتر وقد يدفع أقاليم أخرى لحذو خطى غوبالاند وبونتلاند في رفض التشريع مع تزايد مخاوف الانزلاق في حرب أهلية»، لافتاً إلى أن «بعض الأطراف قد تعزز حدوث تلك الحرب لتعظيم مكسبها في ظل توتر علاقاتها مع الصومال».

وكان مدوبي انسحب من اجتماعات «المجلس الاستشاري الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي ترعاها الحكومة الفيدرالية، ورفض نتائجها التي أقرت العودة لإجراء انتخابات مباشرة موحدة، في سبتمبر (أيلول) 2025، وهو نظام شهدته البلاد وكانت آخر انتخابات مباشرة عام 1968، تلتها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، والتي تعتمد بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس.

وفي ظل ذلك الرفض، يرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن قانون الاقتراع المباشر وانتخابات غوبالاند قد يستمران في «إشعال التوتر في الصومال» بسبب عدة عوامل أولها أن الحكومة الفيدرالية في مقديشو وولايات مثل غوبالاند وبونتلاند لديها رؤى مختلفة حول كيفية إدارة الانتخابات وهذا الاختلاف يمكن أن يؤدي إلى تصعيد التوترات، وثانيها أن استمرار رفض الاقتراع المباشر سيعكس انقساماً عميقاً حول شرعية الحكومة الفيدرالية، «مما يزيد من الاستقطاب».

وباعتقاد بري فإن تصريحات لوغاتور تشير إلى مخاوف حقيقية من أن الأوضاع قد «تتجه نحو صراع أكبر»، متوقعاً أنه «إذا استمرت الأوضاع الحالية دون حل، فستكون هناك تحركات عسكرية محتملة ويمكن أن تتصاعد التوترات إلى مواجهات عسكرية بين القوات الحكومية وقوات الولايات، فضلاً عن حدوث تدخلات خارجية، وقد تؤدي التوترات بين الصومال وإثيوبيا إلى تدخلات تؤجج الصراع».

وتوترت علاقة مقديشو مع أديس أبابا وإقليم أرض الصومال الانفصالي منذ بداية العام، مع عقد إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً مع الإقليم، تحصل بموجبه على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

ورفضت مقديشو تلك الخطوة وعدّتها مساساً بالسيادة، وأدى الاتفاق إلى توتر في منطقة القرن الأفريقي، وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وإعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في نوفمبر الحالي، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029؛ بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة الصومال واستقلاله».

وفي ظل هذا التصعيد، لا يرى تورشين «فرصة لإنهاء خطر حدوث حرب أهلية، إلا بتحرك أصدقاء الصومال في هذه المرحلة لإيجاد صيغة للتعاون بين الحكومة المركزية والأقاليم للتوافق وإدارة المشهد السياسي والحكم».

ويمكن أيضاً بخلاف تحرك أصدقاء الصومال أن يتجنب الصومال الحرب الأهلية والتدخلات الإثيوبية من «خلال حدوث حوار شامل بين الحكومة الفيدرالية والولايات لتجنب الانزلاق نحو الصراع، ويمكن أن يشمل هذا الحوار جميع الأطراف المعنية، مع دعم من المجتمع الدولي للأطراف الصومالية لتسهيل الحوار والوساطة»، وفق المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري.

ويضيف بري لتلك الحلول أيضاً: «الاستثمار في بناء مؤسسات قوية وموثوقة يمكن أن يساعد في تحقيق الاستقرار ومنع النزاعات ومعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، التي تؤدي إلى الاستياء، يمكن أن تسهم في الاستقرار».

ورغم تفاؤل بري، في إمكانية أن يجد خلاف غوبالاند والحكومة الصومالية مسار حل فإنه يرى أن «الوضع بات معقداً في ظل التطورات والتلويح بخطر الحرب الأهلية ويتطلب جهوداً متضافرة من جميع الأطراف المعنية لتحقيق السلام والاستقرار في الصومال».