«جحيم» وجثث ومقابر جماعية شمال كييف

«لقد كان جحيماً». بهذه العبارة لخّص أحد سكان مدينة بوروديانكا (45 كيلومتراً شمال غربي كييف) الوضع الذي عاشه سكان هذه المنطقة منذ بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير (شباط) الماضي. وعاينت «الشرق الأوسط» في جولة على هذه المدينة، ومدن أخرى قرب كييف، جسوراً مدمرة وجثثاً متناثرة ومواقع يُشتبه في أنها تحوي مقابر جماعية... وبقايا دبابات روسية محترقة.
يتطلب الوصول إلى بوروديانكا التفافة طويلة تمر عبر إربين وبوتشا وغيرهما من القرى القريبة التي فرغت بدورها من سكانها. ومع تطور المعارك، فقدت المدينة أسباب الحياة. فلا ماء ولا كهرباء أو غاز للتدفئة، وطبعاً لا خدمات هاتف خلوي أو إنترنت، ورغم ذلك بدأ الناس يعودون إليها الآن. عشرات الأوكرانيين كان في الإمكان رؤيتهم وهم يمشون في الطرقات عائدين نحو قراهم، يحملون أكياساً بلاستيكية أو حقائب صغيرة ويقطعون المسافات الفاصلة باتجاه قرى فوزل وهستوميل.
في بوروديانكا لا يتطلب الأمر جهداً لتعثر على من يروي حكايته، ولكن الأمر لا يخلو من توتر يظهره الناجون من السكان تجاه محدثهم. قال رجل رفض إعطاء اسمه: «كان جحيماً، في يوم 23 فبراير (شباط) كان كل شيء طبيعياً، اليوم التالي بدأت المعارك. في 25 فبراير وصلت القوات الروسية وحاولت اقتحام المدينة، وبالفعل دخلت المدينة، ولكن قوات الحرس الإقليمي الأوكرانية تصدت لهم بقنابل المولوتوف، وأحرقت رتلاً داخل المدينة». ويتابع: «دمروا قلب المدينة، دمروا المتاجر والمنازل ثم سرقوا كل شيء، قتلوا الناس في الشوارع، وهناك مقابر جماعية وجثث ملقاة في الطرقات».
من بوروديانكا طريق آخر يقود إلى إيفانكيف التي من الصعب دخولها من دون مساعدة جرار زراعي، ولكن الجرار الوحيد الذي صادفناه كان صاحبه بغاية الانشغال. فقد كان يقف قرب رتل مدمر من الآليات الروسية ويجمع قطع غيار لآليات أخرى روسية سبق أن سحبها إلى مزرعته: «كنت أريد المساعدة، ولكن لا أعتقد أن لدي الوقت، ولا تحاولوا العبور إلى إيفانكيف بسيارتكم هذه، ستغرقون في الوحل».
...المزيد