اتهامات للحوثيين بالتلاعب في تحديد قوائم المغادرين عبر مطار صنعاء

TT

اتهامات للحوثيين بالتلاعب في تحديد قوائم المغادرين عبر مطار صنعاء

عقب إعلان الأمم المتحدة عن هدنة جديدة في اليمن مدتها شهران نصت أهم بنودها على تسيير رحلتين جويتين تجاريتين أسبوعياً عبر مطار صنعاء إلى كل من مصر والأردن، سارعت الميليشيات الحوثية في صنعاء إلى فتح باب المزاد لمن يدفع من المرضى اليمنيين من ذوي الحالات المستعصية مبالغ مالية أكثر ليتم تقييد أسمائهم ضمن كشوف أول رحلة جوية علاجية إلى خارج اليمن.
واتهمت مصادر طبية وأخرى من ذوي المرضى، الميليشيات الحوثية بالتلاعب في تحديد أسماء المرضى والمسافرين المنتظر مغادرتهم على متن هذه الرحلات، وهم بالآلاف.
وبحسب ما أوردته وسائل إعلام الميليشيات سارعت اللجنة الحوثية الطبية إلى توجيه دعوات وصفت من قبل يمنيين بـ«الشكلية» إلى المرضى بمناطق سيطرتها تحضهم على الإسراع في تجهيز الخطوات المتوجبة للسفر عبر مطار صنعاء الدولي حسب الرحلات المشار إليها والتي سيعلن عنها عبر الجهات الانقلابية.
وشكا سكان وذوو مرضى في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الانقلابيين لـ«الشرق الأوسط»، من سوء استخدام وإدارة الجماعة لعملية تسجيل المرضى المسافرين لتلقي العلاج في الخارج، وبدء فرضها بصورة يسودها نوع من السرية والكتمان على كثير منهم رشاوى لمنح الأولوية في المغادرة للسفر.
واتهم بعضهم الميليشيات بأنها «تقحم كل شيء في أتون تفرقتها العنصرية حيث تعطي الأولوية دائماً لأشخاص واستبعاد آخرين من الحصول على مساعدات إغاثية ومعونات نقدية وعينية من عائدات الزكاة، ومن اقتناء غاز الطهي، وصولاً إلى اعتمادها مؤخراً مرضى بعينهم وحرمان آخرين من تقييد أسمائهم بكشوف السفر لتلقي العلاج خارج البلاد».
وناشد ذوو مرضى الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن للضغط على الانقلابيين ووقف إعطاء الأولوية والتفضيل للسفر وفق التبعية والانتماء.
في السياق نفسه، أفادت مصادر طبية متعددة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن اللجنة الطبية الحوثية شرعت قبل نحو يومين في تسجيل أسماء ما نسبتهم 45 في المائة من المرضى المنحدرين من محافظة صعدة (معقل الميليشيات) وجلهم جرحى ومصابون بأمراض مختلفة من أتباع الجماعة من أجل منحهم فرصة دون غيرهم من المرضى للسفر إلى الأردن أو مصر للاستطباب بعد فشل كبرى المشافي بمناطق الجماعة في علاجهم. وأشارت المصادر إلى أن الميليشيات خصصت أيضاً نسبة 25 في المائة لصالح المرضى من بقية المحافظات تحت سيطرتها أغلبهم ممن يكنون الولاء والطاعة لها ولزعيمها عبد الملك الحوثي، في حين فتحت المزاد لنسبة 30 في المائة من المرضى المسافرين، الذين يتوجب عليهم دفع مبالغ كرشاوى وإتاوات إلى اللجنة نفسها.
واتهم عاملون في اللجنة الطبية بصنعاء قيادات حوثية بارزة في مقدمها المعمم الحوثي طه المتوكل المعين وزيراً للصحة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها بوقوفهم خلف إجراء سلسلة من التغييرات داخل اللجنة الطبية وفقاً لمصالحهم، إلى جانب مصادرتهم ونهبهم المتعمد لمخصصات مالية كبيرة كانت قد اعتمدتها حكومات يمنية سابقة عبر وزارة المالية لصالح اللجنة بهدف تنظيم ودعم وتسهيل عمليات سفر المئات من الفئات الأشد ضعفاً من المرضى اليمنيين إلى الخارج.
وذكر العاملون، الذين فضلوا حجب معلوماتهم، أن الميليشيات لا تزال حتى اللحظة تواصل سرقة جميع المنح الداخلية والخارجية المخصصة من المالية ومن رجال أعمال وفاعلي خير ومن منظمات وهيئات دولية لصالح المرضى اليمنيين المعسرين، الذين تستدعي حالاتهم المرضية الحرجة السفر خارج البلاد لتلقي الرعاية الطبية اللازمة.
وأفاد العاملون، لـ«الشرق الأوسط»، بأن عمل اللجنة الطبية العليا قبل أن تخضع لسيطرة وإدارة الميليشيات كان مرتبطاً أساساً بوزارة الصحة العامة والسكان في الحكومات المتعاقبة.
وقالوا: «إن من أبرز مهام تلك اللجنة سابقاً ما كان يتمثل بالإشراف المباشر على تنظيم سفر المرضى اليمنيين إلى الخارج بعد تسلمهم جميع مستحقاتهم مباشرة من وزارة المالية، إضافة إلى مساهمتها بشكل دائم في تصحيح العمل الطبي وتقديم الدعم لعدد من المنشآت الطبية الحكومية والخاصة فيما يتعلق بالنهوض بقطاع الصحة وللحد من وجود أي اختلالات أو تجاوزات».
وتحدثوا عن أن الميليشيات وفور انقلابها حولت جميع مهام تلك اللجنة إلى مجرد وسيلة ناطقة باسمها تظهر فقط لحظة إقامة المناسبات وعند إصدار التصريحات الداعمة لمواقف الجماعة والمشجعة لاستمرار حربها ضد اليمنيين.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.