«أهلاً رمضان»... يستلهم روحانيات شهر الصيام وبهجته تشكيلياً في القاهرة

الخط العربي بخامة السيراميك للفنان علي حسن «الشرق الأوسط»
الخط العربي بخامة السيراميك للفنان علي حسن «الشرق الأوسط»
TT

«أهلاً رمضان»... يستلهم روحانيات شهر الصيام وبهجته تشكيلياً في القاهرة

الخط العربي بخامة السيراميك للفنان علي حسن «الشرق الأوسط»
الخط العربي بخامة السيراميك للفنان علي حسن «الشرق الأوسط»

تجارب متنوعة في الشكل والرؤية والجماليات، تعكسها نحو 100 لوحة في المعرض التشكيلي الجماعي، الذي ينظمه «غاليري دروب» في القاهرة، بعنوان «أهلاً رمضان»، حيث يستعرض 33 فناناً مصرياً، من مختلف التيارات والمدارس التشكيلية، تجاربهم الإبداعية المستلهمة من أجواء روحانيات الشهر الكريم، وأجوائه المفعمة بالبهجة.
سوسن سالم، مديرة الغاليري، تقول لـ«الشرق الأوسط»، «للأجواء الرمضانية في مصر مذاق استثنائي ونكهة خاصة، وطقوس فلكلورية يطبعها الفرح والبهجة، ينفرد بها المصريون. ومن هنا جاءت فكرة هذا المعرض الذي يضم نخبة متنوعة من التشكيليين، الذين ينتمون لجيل الرواد والوسط والشباب». وتتابع: «يمثل المعرض وجبة فنية دسمة، عبر فيها هؤلاء الفنانون بخطوطهم، ورموزهم، ومفرداتهم اللونية، عن تأثرهم البالغ، وارتباطهم الوثيق بالشهر الفضيل».
وعن الحارة المصرية، حيث موطن الطقوس الشعبية والرائحة المعتقة للأجواء الرمضانية، يتضمن المعرض لوحة لرائد الباستيل، الفنان الراحل محمد صبري، توحي للمتلقي بأنها لحظات ما قبل الإفطار، ويتجلى المسجد فيها، بينما تتعانق المشربية مع النوافذ والأبواب، وجمال المعمار، فيما يمثل العمل في حد ذاته «محاضرة علمية» في المنظور، والنسب، ورصانة التكوين، وفق تشكيليين، وتبرز الإضاءة سحر العناصر والمفردات المختلفة في الأحياء الشعبية، وكأن الفنان كان يعظم من خلالها حركة الناس، ونقاء قلوبهم، وبساطة نمط معيشتهم. ومن نقاء القلوب وأصالة الحياة الشعبية، تنقلنا اللوحات المائية للفنان جلال الحسيني إلى رمز السلام ورسول المحبة، وهو طائر الحمام، الذي يحتفي به في أعماله، فيقدمه لنا مسلطاً الضوء على رشاقة حركاته، وجمال شكله، وأناقة خطواته، سواء منفرداً أو في مجموعات، يقول الحسيني لـ«الشرق الأوسط»، «أعشق هذا الطائر، وأعتبره رمزاً للسلام، وأستدعيه وسيلة لإرساء قيم إنسانية عظيمة، وهي التسامح والتواصل بين البشر تصحيحاً لبعض المفاهيم المغلوطة عن الإسلام. ويُعد شهر رمضان فرصة حقيقية لبعث رسالة تحمل المعاني الحقيقية لسماحة الدين ووسطيته».
وتحتل أعمال فنون الخط العربي، مساحة كبيرة من خريطة المعرض، سواء بخطوط كلاسيكية، أو في إطار الاتجاهات الخطية الحديثة، قدمها خبراء متخصصون ومبدعون في هذا الفن، منهم الفنان صلاح عبد الخالق، الذي يقدم نصوص القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، من خلال أعمالٍ استخدم فيها أقدم أنواع الخطوط العربية، وهو الخط الكوفي، الذي يُعد أساس الحروف العربية، ولغة بصرية موسيقية، تؤكد احتفاء الحضارة الإسلامية بقيمة الجمال، فيما يمثل دعوة لإعادة تأمل الفنون الإسلامية، وما تحمله من مفاهيم سامية. وجاءت أعمال الفنان علي حسن، على السيراميك بلغة معاصرة متمسكة بالطاقة الروحانية وسمو الروح اللتين يبثهما رقي وانسيابية الحرف العربي في النفس.
تأتي مشاركة التشكيلي خالد السماحي في المعرض، من خلال «لوحة الصلاة في مسجد الحسين»، التي تعكس امتلاء المسجد التاريخي عن آخره بالمصلين في الشهر الفضيل، يقول السماحي لـ«الشرق الأوسط»، «يعد المشهد الأثير لكثرة أعداد المصلين في المساجد من أهم منابع الإلهام للفنانين التشكيليين في شهر رمضان»، مشيراً إلى أن «مسجد الحسين يكتسب أهمية خاصة، فهو شاهد على تاريخ القاهرة، والأحداث المختلفة التي شهدتها مصر على مر العصور».



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.