العراق يدخل عملياً في الفراغ الدستوري

العراق يدخل عملياً في الفراغ الدستوري
TT

العراق يدخل عملياً في الفراغ الدستوري

العراق يدخل عملياً في الفراغ الدستوري

يدخل العراق غداً (الأربعاء) الفراغ الدستوري بعدما عجز البرلمان منذ أول جلسة له في 9 فبراير (شباط) الماضي عن انتخاب رئيس للجمهورية. ويتنافس على منصب الرئيس 40 مرشحاً؛ في مقدمتهم مرشح «الاتحاد الوطني الكردستاني» الرئيس الحالي برهم صالح، ومرشح «الحزب الديمقراطي الكردستاني» ريبر أحمد. وكان أحمد حل محل المرشح السابق وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري الذي أقصته المحكمة الاتحادية العليا عن الترشح بتهم فساد حين تولى منصب وزير المالية حيث سحب البرلمان العراقي الثقة منه عام 2016. وطبقاً للعرف السائد في العراق؛ فإن مناصب الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان) توزع على المكونات الثلاثة (الشيعي والسُنّي والكردي). فطبقاً لهذا العرف الذي ليس له سند في الدستور العراقي، فإن منصب رئيس الوزراء؛ وهو المنصب التنفيذي الأول في البلاد، من حصة الشيعة لأنهم المكون السكاني الأكبر في العراق. أما منصب رئاسة البرلمان؛ فهو من حصة العرب السُنّة، بينما تذهب رئاسة الجمهورية إلى الكرد. وكردياً؛ فإن المناصب في بغداد وإقليم كردستان تقسم بين الحزبين الكرديين الرئيسيين طبقاً لاتفاق مكتوب بينهما، حيث بموجب هذا الاتفاق يتولى «الحزب الديمقراطي الكردستاني» برئاسة مسعود بارزاني مناصب إقليم كردستان وهي رئاسة الإقليم ورئاسة الحكومة بالإقليم، بينما يتولى مرشح من «الاتحاد الوطني» منصب رئاسة الجمهورية في بغداد. لكن بعد وفاة الرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني عام 2013 وتولي الرئيس الأسبق فؤاد معصوم وهو من «الاتحاد الوطني الكردستاني» منصب رئيس الجمهورية (2014 - 2018)، فإن الخلاف بين الحزبين الكرديين بدأ خلال الدورة البرلمانية عام 2018 حيث طالب «الحزب الديمقراطي» بمنصب رئاسة الجمهورية. وبينما لم يتوصل الحزبان إلى اتفاق بينهما بشأن المنصب، فقد دخلا بمرشحين اثنين إلى قبة البرلمان العراقي؛ هما الرئيس الحالي برهم صالح، ووزير الخارجية الحالي فؤاد حسين عن «الحزب الديمقراطي»؛ حيث كان الفوز من نصيب صالح عن «الاتحاد الوطني الكردستاني». وطوال السنوات الأربع الماضية، لم يتمكن الحزبان الكرديان من تسوية المشكلات الخاصة بينهما؛ سواء داخل الإقليم وفي بغداد؛ الأمر الذي انعكس عليهما خلال هذه الدورة التي بدت مختلفة عن سابقاتها من دورات البرلمان العراقي الأربع؛ بسبب إصرار زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية. وحيث إن الصدر تمكن من اجتذاب «تحالف السيادة» السني بزعامة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان، و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني معه، فإنهم، ورغم امتلاكهم أغلبية داخل البرلمان، لا يملكون أغلبية الثلثين اللازمة لانتخاب رئيس الجمهورية. المحكمة الاتحادية العليا في العراق كانت قد أفتت باستمرار الرئيس الحالي برهم صالح في منصبه إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومن جانب آخر طالبت البرلمان العراقي بفتح باب الترشح لانتخاب الرئيس في غضون فترة وجيزة تنتهي غداً 6 أبريل (نيسان) الحالي. وكان البرلمان عقد 3 جلسات من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، لكن في كل جلسة لم يتمكن أي من التحالفين المتصارعين؛ تحالف «إنقاذ وطن» أو الثلاثي بزعامة مقتدى الصدر، وتحالف «الإطار التنسيقي» و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، من تأمين النصاب القانوني لتمرير مرشحه. وما دام الاختلال في التوازن قائماً بين أغلبية شبه مريحة يملكها «التحالف الثلاثي (إنقاذ وطن)» لكنها ليست كافية لتمرير الرئيس لأنه يحتاج إلى 220 نائباً؛ وهم ثلثا أعضاء البرلمان العراقي، فإن تحالف «الإطار التنسيقي» و«الاتحاد الوطني الكردستاني» بات يملك ما بات يسمى «الثلث المعطل». من جهته، أعلن زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر أنه منح خصومه في البيت الشيعي مهلة 40 يوماً تنتهي في شهر شوال المقبل لغرض تشكيل الحكومة من دون الكتلة الصدرية. والمشكلة التي بات يواجهها الجميع هي انتهاء المهلة الدستورية غداً وما قد يترتب عليه من مخالفة صريحة للدستور، اعترف بها رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق القاضي فائق زيدان. وبينما ينتظر السياسيون نهاية مهلة الصدر في وقت بدأت فيه المشاورات الخاصة بين مختلف القوى من أجل الوصول إلى حل قبل نهاية المهلة التي منحها الصدر؛ فإن الأنظار تتجه الآن إلى المحكمة الاتحادية العليا التي كانت منحت البرلمان فترة وجيزة، وهو ما يعني أنه في حال جرى تجاوز الفترة الوجيزة، فإن الخيارات تبقى مفتوحة أمامها لاتخاذ القرار المناسب؛ بما في ذلك إمكانية سحب الشرعية من البرلمان من منطلق أن أولى مهامه انتخاب رئيس للجمهورية، وهي المهمة التي لم يوفق فيها رغم كل ما منحته المحكمة الاتحادية من فرص.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.