مواجهات في ماريوبول ومحيط لوغانسك... ونيكولايف تتعرض لقصف جديد

أحد سكان ماريوبول يجلس في الطرق العام بعد فقدان منزله (رويترز)
أحد سكان ماريوبول يجلس في الطرق العام بعد فقدان منزله (رويترز)
TT

مواجهات في ماريوبول ومحيط لوغانسك... ونيكولايف تتعرض لقصف جديد

أحد سكان ماريوبول يجلس في الطرق العام بعد فقدان منزله (رويترز)
أحد سكان ماريوبول يجلس في الطرق العام بعد فقدان منزله (رويترز)

أحرزت القوات الروسية تقدماً محدوداً في محيط إقليم لوغانسك، بالتوازي مع استمرار المواجهات الضارية في ماريوبول ومحيطها. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية تدمير مطار عسكري أوكراني في مدينة نيكولايف بعد مرور أيام على توقف العمليات العسكرية في هذه المدينة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في إيجاز يومي، إن تشكيلات قوات دونيتسك واصلت هجومها في الليلة الماضية، وتم تدمير سرية كاملة من اللواء 25 الأوكراني المحمول جواً. وأوضح الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، أن وحدات دونيتسك «اخترقت تحصينات العدو وتمكنت من السيطرة على قرية نوفوباخموتوفكا، كما توغلت وحدات قوات لوغانسك إلى عمق كيلومترين وأغلقت قرية نوفوتوشكوفسكويه من الشرق والجنوب».
وزاد أن القوات المسلحة الروسية واصلت خلال الساعات الـ24 الماضية، قصف البنى التحتية العسكرية الأوكرانية، وقال الناطق العسكري إنه تم تدمير مركز قيادة اللواء الآلي المنفصل رقم 24 للقوات المسلحة الأوكرانية ومستودعات الذخيرة والأسلحة والمعدات العسكرية القريبة منه، نتيجة لقصف جوي بالقرب من مدينة ليسيتشانسك. وأفاد بأن سلاح الجو الروسي وجه ضربات مكثفة على مطار بالوفنويه بضواحي مدينة نيكولايف، وتم تأكيد تدمير ثلاث مروحيات تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية.
طائرات مسيرةكذلك أسقطت أنظمة الدفاع الجوي الروسية 6 طائرات مسيرة في الجو بمناطق على طول خطوط التماس في وسط وجنوب أوكرانيا. وخلال الليلة الماضية، ضرب الطيران العملياتي والتكتيكي للقوات الروسية وفقاً للناطق العسكري 14 منشأة عسكرية في أوكرانيا؛ بها موقعان للقيادة، ومنصتان قاذفتان للصواريخ المضادة للطائرات من طراز «بوك - إم1»، وبطارية مدفعية واحدة، ومستودعان للأسلحة الصاروخية والمدفعية والذخيرة، و3 مستودعات للوقود، بالإضافة إلى 6 مناطق ارتكاز ومناطق تركيز معدات للجيش الأوكراني.
وأعلن رئيس بلدية ماريوبول المحاصرة في جنوب شرقي أوكرانيا فاديم بويتشينكو، أن المدينة «دمرت بنسبة 90 في المائة»، فيما «40 في المائة من بنيتها التحتية غير قابلة للإصلاح». وقال في مؤتمر صحافي الاثنين: «الخبر المحزن هو أن 90 في المائة من البنية التحتية للمدينة دُمرت، و40 في المائة منها غير قابلة للإصلاح»، مضيفاً أن «نحو 130 ألف نسمة» لا يزالون محاصرين فيها.
مدينة خاركيفوقال الجيش الأوكراني إنه لا يزال يسجل هجمات بالمدفعية الروسية على مدينة خاركيف المحاصرة بشرق البلاد. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية إن هناك إمكانية وقوع هجمات جوية وصاروخية على أهداف مدنية في خاركيف. وبالإضافة إلى ذلك، عززت روسيا الدفاعات الجوية لقواتها في المنطقة وفي مدينة بيلغورود على الجانب الروسي من الحدود. وقد تعرض مستودع للوقود للاحتراق في بيلغورود الأسبوع الماضي. وقالت موسكو إن أوكرانيا شنت هجوماً بمروحية ضد منشأة التخزين. وقالت هيئة الأركان العامة إنها تراقب تحركات القوات الروسية التي تم سحبها من ضواحي كييف صوب بيلاروس في الشمال. وأضافت أنه سيتم نقل هذه الوحدات إلى داخل روسيا من بيلاروس بهدف استخدام هذه القوات مجدداً للقتال في شرق أوكرانيا.
خلو دونباستخلو دونباس التي هي راهناً تحت سيطرة أوكرانية شيئاً فشيئاً من سكانها الذين ركبوا القطار بالمئات في نهاية الأسبوع من محطة كراماتورسك الصغيرة هرباً من الزحف الروسي على منطقتهم. يروي ناصر وهو متطوّع في المجال الإنساني يسهم في تيسير عمليات الإجلاء: «الحال كذلك منذ نهاية الأسبوع مع نحو ألفي شخص في اليوم يتّجهون غرباً نحو لفيف ومدن أخرى. وكان قطاران ينطلقان في العادة من المحطة يومياً، لكن بات عدد القطارات اليوم أربعة».
ويقرّ أندري الذي تنتظر زوجته مع الطفلين وصول القطار وقد احتموا مع حقائبهم من المطر تحت سقف كشك لبيع البطاطا المقلية بأن «الوضع سيئ. وقد غادر كثيرون والرجال يبقون هنا في حين تذهب عائلاتهم».
لا تخفي صوفيا حزنها، وتقول: «أرسل كغيري أطفالي إلى الغرب»... «حيث لا منشآت عسكرية»، على ما يوضح أندري. منذ أعلنت روسيا نيّتها «تركيز الجهود على تحرير دونباس»، تعيش هذه المنطقة الغنية بالمناجم الواقعة في شرق أوكرانيا حالة من الذعر خشية استهدافها بهجوم عسكري واسع النطاق.
وتتوقّع السلطات الأوكرانية أن يتفاقم الوضع في المنطقة، في حين تحاول القوات الروسية التضييق على الجيش الأوكراني المتمركز منذ 2014 على خطّ قتال يمتدّ من دونيتسك جنوباً وصولاً إلى لوغانسك شرقاً، عاصمتي «جمهوريتين» انفصاليتين مواليتين لروسيا تحملان الاسمين عينيهما، وبات يشمل إزيوم في شمال غربي البلد التي سقطت قبل فترة قصيرة بين أيدي الروس.
قلب المنطقة الساخنةوتقع كراماتورسك التي باتت بحكم واقع الحال منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2014 عاصمة للجزء الذي ما زال تحت سيطرة أوكرانية، في قلب هذه المنطقة الساخنة ما يعني أنها ستكون محاصرة. تكشف فيكتوريا وهي طبيبة شابة تعمل في المجال الإنساني: «بحسب المعلومات الأخيرة، تدفع روسيا جنودها شرقاً وسنُحاصر من كلّ الجهات عمّا قريب». وتردف: «نأمل في أن يصمد جيشنا. فقد نشهد المصير عينه كماريوبول»، في إشارة إلى المدينة المطلّة على بحر آزوف جنوباً التي عاث فيها الروس دماراً. وهي تقرّ: «لم نشهد في الواقع حرباً فعلية بعد في كراماتورسك».
وكانت كراماتورسك الواقعة في حوض الدون تضمّ قبل الحرب أكثر من 150 ألف نسمة. وهي مدينة كبيرة نسبياً ولا تظهر عليها كثيراً آثار القصف الذي استهدف المطار. والوضع هادئ راهناً والشوارع خالية من المارة ويخيّم عليها هدوء كذاك الذي يسبق العاصفة. ويحذّر أندري من أن «القصف قد يبدأ في أيّ وقت».
وتؤكد سفيتلانا التي اصطحبت صديقتها إلى محطة القطار: «الشائعات تنذر بحدوث أمر رهيب هنا». وقد غادر أطفال سفيتلانا، في حين بقيت هي هنا مع زوجها للاعتناء بالجدّة. تصطف العائلات مع الأطفال الصغار على الجهة اليمنى من رصيف القطار، في حين يقف الكبار في السنّ والنساء الوحيدات على الجهة اليسرى، ومن بين هؤلاء امرأة أخرى اسمها سفيتلانا تحمل حقيبة ظهر سوداء مليئة بالمقتنيات في يد وتمسك كلبتها في اليد الأخرى. وحتّى الكلبة ميكا ترتجف من «التوتّر، فهي فهمت أن أمراً ما يحدث»، على حدّ قول صاحبتها. وتكشف سفيتلانا: «دبّر لي أصدقاء شقّة في ريفني (على بعد أكثر من 300 كيلومتر من غرب كييف). وقد استولى علينا الخوف فعلاً. وانتظرنا حتّى اللحظة الأخيرة لكن حان وقت المغادرة».
انتقال جبهة القتاليضمّ شرطيّ بزيّ أسود يحمل سلاحاً ابنته بين ذراعيه. ويقول والد: «هم فلذات الكبد». يجلس أفراد عائلة ريبالكو على مقعد ويتبادلون أطراف الحديث. ويأكل الابن الأصغر الشوكولا، في حين تلعب شقيقته الكبرى. وينام قطّ سيامي في علبة. وتقول الجدّة تامارا: «أردنا البقاء حتّى اللحظة الأخيرة، لكن بقاء الأطفال محفوف بالمخاطر. ويُقال إن جبهة القتال ستنتقل إلى هنا. ويصعب عليّ أن أصدّق الأمر. وسيبقى زوجي هنا، فهو شديد التعلّق بمنزله وحديقته والكلاب».
العمليات مضبوطة جداً ويركب السكان القطار بالدور وسط أجواء من التوتّر والحزن والاستسلام. يصل القطار المؤلف من 10 عربات زرقاء باتّجاه خميلنيتسكي في رحلة تمتدّ على 800 كيلومتر غرباً وتستغرق 14 ساعة. ويتكدّس الركّاب في العربات بمساعدة المتطوّعين. ويخبر المشرف على القطار سيرغي بوباتيينكو: «في الأحوال العادية، نضع أربعة أشخاص في كلّ قسم، لكن الآن نضع ثمانية، أي نحو 700 مسافر في القطار». وهو يعتذر عن لباسه غير الرسمي إذ لم يتسنّ له أن يعتني بمظهره من «كثرة العمل».
ويركب الجميع القطار في خلال بضع دقائق بعد عناق خاطف من هنا وقبلة سريعة من هناك ويد طفل على الزجاج لتوديع ذويه. ويقول إيفان زوج تامارا: «لماذا أبقى هنا؟ مدينتي ستكون بحاجة إليّ من دون شكّ. وأنا قد ولدت هنا وأمضيت حياتي هنا. سوف ننتظر أن تمرّ هذه الفترة الصعبة».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.