ميليشيات إيرانية تنتشر في مواقع وسط سوريا بعد انسحاب روسي

TT

ميليشيات إيرانية تنتشر في مواقع وسط سوريا بعد انسحاب روسي

عزز «الحرس» الإيراني و«حزب الله» اللبناني، وقوات تابعة لـ«الفرقة الرابعة» التي يقودها اللواء ماهر شقيق الرئيس بشار الأسد، وجودهم العسكري في مستودعات مهين العسكرية بريف حمص الشرقي، ثاني أكبر مستودعات السلاح والذخيرة في سوريا، «عقب عملية انسحاب كاملة للقوات الروسية والفيلق الخامس الموالي لها، باتجاه مطار تدمر العسكري، استمرت لأيام».
وأفاد مصدر خاص لـ«الشرق الأوسط»، بـ«وصول تعزيزات عسكرية ضخمة خلال اليومين الماضيين، من الحرس الثوري الإيراني ضمت نحو 40 آلية عسكرية وأكثر من 17 سيارة وبيك آب مزودة برشاشات متوسطة وأخرى تقل عناصر من حزب الله اللبناني وعدداً من العربات المصفحة والآليات العسكرية للفرقة الرابعة في قوات النظام والعشرات من عناصرها، إلى مستودعات مهين العسكرية شرق حمص، عقب عملية انسحاب كامل للقوات الروسية بينها عناصر من مجموعات (فاغنر) ونحو 200 عنصر من الفيلق الخامس الموالي لروسيا، بالإضافة إلى أكثر من 23 آلية عسكرية وعدد من السيارات المحملة بالذخائر والمواد اللوجيستية وأجهزة اتصالات، باتجاه مطار تدمر العسكري شرق حمص، و5 طائرات مروحية رافقت القوات الروسية أثناء انسحابها من المستودعات».
وأشار إلى أنه «بهذه العملية باتت مستودعات مهين الاستراتيجية الواقعة جنوب شرقي منطقة مهين شرق حمص، خاضعة بشكل كامل للميليشيات الإيرانية والفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام والموالية لإيران، وحزب الله اللبناني، بعد عملية انسحاب القوات الروسية من المستودعات التي تشكل أحد أكبر مخابئ الأسلحة والذخائر ضمن منطقة جغرافية تحيط بها جبال وأودية، وتعد ضمن المناطق التي يمر من خلالها خط الإمداد العسكري بين حزب الله وإيران عبر العراق».
وأوضح المصدر أن «المناطق الممتدة من منطقة القلمون المحاذية للبنان 60 كلم شمال دمشق، ومناطق دير عطية ومهين والقريتين والسخنة شرق حمص وصولاً إلى مناطق أثريا بريف حماة الشرقي وحقول النفط في جنوب الطبقة بريف محافظة الرقة، باتت كلها خاضعة للنفوذ الإيراني والميليشيات المحلية والأجنبية الموالية لها، وعززت الفرقة الرابعة الموالية لإيران مؤخراً وجودها العسكري في شمال شرقي منطقة السخنة ببادية حمص، ونشر نحو 22 قاعدة ونقطة عسكرية جرى تزويدها بقواعد صواريخ كورنيت مضادة للآليات في تلك المنطقة».
وشهدت مستودعات مهين الاستراتيجية وتضم نحو 25 مستودعاً محصناً، على مدار السنوات الماضية، معارك عنيفة بين القوى المتصارعة في سوريا، وتمكنت فصائل المعارضة من السيطرة على المستودعات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، بعد معارك ضارية مع قوات النظام، قبل أن تستعيد الأخيرة السيطرة عليها.
وبعد توسع نفوذ تنظيم «داعش» في البادية السورية بين عامي 2013 و2015، نفذ التنظيم هجوماً مباغتاً تمكن خلاله من السيطرة على المستودعات، فيما استعادت قوات النظام السيطرة على المنطقة، حتى التدخل الروسي والسيطرة عليها من قبل القوات الروسية و«الحرس» واستخدامها في تخزين الأسلحة والذخائر، لدعم العمليات العسكرية ضد «داعش» في بادية حمص.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.