«نتفليكس»: استراتيجية محتوانا في الأسواق العربية تركز على سرد القصص الواقعية

أكدت لـ «الشرق الأوسط» أن هذا النوع شهد طلباً غير مسبوق ويحظى بإقبال واسع من خارج المنطقة

«نتفليكس» تلاحظ اهتماماً كبيراً بالمحتوى العربي
«نتفليكس» تلاحظ اهتماماً كبيراً بالمحتوى العربي
TT

«نتفليكس»: استراتيجية محتوانا في الأسواق العربية تركز على سرد القصص الواقعية

«نتفليكس» تلاحظ اهتماماً كبيراً بالمحتوى العربي
«نتفليكس» تلاحظ اهتماماً كبيراً بالمحتوى العربي

كشفت شبكة «نتفليكس» العالمية أن استراتيجية المحتوى الخاصة بها في الشرق الأوسط ركزت بشكل أساسي على تبني أسلوب سرد القصص الواقعي، الذي شهد أخيراً طلباً غير مسبوق، وبات يحظى بإقبال واسع من خارج الأسواق العربية.
وقالت الشبكة العالمية إن قطاع صناعة السينما والترفيه في العالم العربي يشهد تحولات كبيرة، حيث ظهرت تحولات بثقافة الشباب في منطقة الشرق الأوسط قادت إلى اهتمام كبير بالمحتوى العربي، وهو ما أسهم في دفع مسيرة نمو المبدعين الإقليميين وظهور مزيد من عروض المحتوى العربي الأصيل.
وخلال العام الماضي، أطلقت «نتفليكس» ثلاثة مسلسلات عربية ممثلة في «أبلة فاهيتا دراما كوين»، وهو عبارة عن دمية ساخرة تعد من الأكثر شعبية في المجتمع المصري، إضافة إلى «مدرسة الروابي للبنات»، الذي تم تنفيذه بفريق ورؤساء أقسام معظمه من النساء، وتعده «نتفلكس» من أكثر مسلسلاتها نجاحاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واحتل مكانة ضمن قوائم «أفضل 10» على الشبكة ضمن عدة بلدان حول العالم. وأخيراً برنامج «الأسرع»، وهو أول برنامج عربي واقعي عن رياضة سباق السيارات. ومع بداية هذا العام، أطلقت الشبكة العملاقة مسلسل «البحث عن علا»، الذي حقق نجاحاً وجاء ضمن قائمة «أفضل 10 أعمال في العالم العربي».
في لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال أحمد الشرقاوي، رئيس المسلسلات العربيّة في «نتفليكس» شارحاً: «لا نرى أن صناعة المحتوى الترفيهي تقتصر على نشر محتوى باللغة الإنجليزية عالمياً فقط. إذ إننا نهتم في الدرجة الأولى بالمواضيع الشيقة التي قد تلقى قبولاً في أي مكان من العالم تُعرض فيه، بصرف النظر عن جنسية العمل. ولقد حظينا بفرصة العمل مع المواهب الناشئة والصاعدة في العالم العربي خلال السنوات القليلة الماضية، حيث كان لكل منهم توجهه الخاص في اختيار القصص النابعة من تجاربه الشخصية وبيئته المختلفة».
وأضاف الشرقاوي: «قدمنا الدعم اللازم لهم من الأدوات المطلوبة لسرد قصصهم بأفضل شكل ممكن، ولمنح الجمهور العربي والعالمي القدرة على متابعة محتوى لم يكن ليتوفر لهم لولا ذلك». وحقاً، قالت الشبكة إنها استثمرت في ترخيص المحتوى الموجود حالياً من العالم العربي، الذي لاقى رواجاً كبيراً لدى الجماهير على مر السنين، وإن الشركة تسعى لبث المسلسلات والأفلام العربية عبر العالم وتزويد المواهب وصناع الأفلام العرب بمنصة تدعم تطورهم وكسبهم للمعجبين على مستوى العالم.
وللعلم، في شهر يناير (كانون الأول) الماضي، أطلقت «نتفليكس» أول فيلم عربي لها يحمل عنوان «أصحاب ولا أعز». وهو النسخة العربية من الفيلم الإيطالي العالمي الناجح «بريفكت سترينجرز». وجمع هذا الفيلم - الذي أثار جدلاً - عدداً من الفنانين العرب، وهو من إخراج المخرج وسام سميرة، وشارك فيه من مصر ولبنان والأردن كل من المخرجة والممثلة نادين لبكي، ومنى زكي، وإياد نصار، وجورج خباز، وعادل كرم، وفؤاد يمين، وديامان أبو عبود.
كذلك عرضت «نتفليكس» خلال السنة الماضية، في مجموعتي «قصص فلسطينية» و«احتفاء بالسينما العربية»، أفلاماً عربية لمخرجين كنادين لبكي، وآن ماري جاسر، وإيليا سليمان، وهاني أبو أسعد، وزياد الدويري، ورائد أنضوني، وأمين نايف، وفرح النابلسي وغيرهم.
من جهة ثانية، قالت نهى الطيب، رئيسة الاستحواذ على المحتوى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا لدى «نتفليكس»، معلقة: «أنا سعيدة بتنوع وغنى المحتوى في شبكتنا، إذ تدأب نتفليكس على أن تتبوأ مكانتها كموطنٍ للسينما العربية، وتصبح الوجهة الأولى في العالم لمتابعة أعظم القصص العربية. نحن على ثقة تامة بأن القصص العظيمة قادرة على تخطي الحدود، ليجري سردها بلغات مختلفة، ومتابعتها من قبل أفراد يأتون من مختلف مشارب الحياة». وأضافت: «قد تكون هذه القصص ذات طابع عربي أصيل وفريد، إلا أنها تحمل في جوهرها القيم والمبادئ الإنسانية، ولذلك نعتقد أنها ستلاقي صدى بين الجمهور من حول العالم، وهذا برأيي ما يميز السرد القصصي الناجح».
على صعيد آخر، في عام 2020، وقعت «نتفليكس» اتفاقية متعددة مع استوديوهات «تلفاز 11» السعودية، حيث قدمت خلال يونيو (حزيران) من العام الماضي، موسماً جديداً من مسلسل «محافظة مسامير» يتطرق للتغييرات الحاصلة في المملكة بطريقة كوميدية، وذلك في إطار الشراكة الحصرية مع استوديو «ميركوت»، التي تمتد لخمس سنوات وتتضمن إنتاج مسلسلات وأفلام تركز على المملكة العربية السعودية.
وبالعودة إلى نهى الطيب، فإنها توضح: «إننا نسعى دوماً للقيام بدور فعّال ومثمر ضمن المجتمعات الإبداعية في العالم العربي. لذلك نفخر بشراكتنا مع الأصوات الراسخة والملهمة فيه لنتبادل الخبرات معهم، إذ إن استوديوهات (تلفاز 11) و(ميركوت) لهما باع طويل في التركيز على أصالة السرد القصصي لسنوات عديدة، وهما بمنزلة محفزات للثقافة الإبداعية العربية، وإنتاج محتوى سعودي عصري يلقى صدى واسعاً في الثقافة العربية». وكانت الشركة قد استثمرت خلال العامين الماضيين مبلغ مليون دولار أميركي في شراكة مع الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)، بهدف دعم طاقم العمل والحرفيين وصناع المحتوى المستقلين في قطاع السينما والتلفزيون عبر 13 دولة في العالم العربي. ونظمت كثيراً من البرامج وورش العمل بالشراكة مع المجتمعات الإبداعية للمساهمة في بناء المهارات وتزويد المبدعين بالأدوات التي يحتاجونها لسرد أفضل نسخة من قصصهم.
وتؤكد «نتفليكس»، في هذا السياق، أن نمو حضورها في العالم العربي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسعيها المستمر لتعزيز «الأصالة» في أعمالها، حسب تعبيرها، مشيرة إلى أن ذلك «أمر مطلوب أكثر من أي وقت مضى في المشهد الثقافي والاجتماعي المعاصر، حيث تحرص الشركة على الاستثمار في مزيد من المحتوى العربي، ولعقد الشراكات مع مؤسسات المجتمع المدني والصناعة للارتقاء بالمواهب الناشئة».


مقالات ذات صلة

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي صحافيون من مختلف وسائل إعلام يتشاركون موقعاً لتغطية الغارات الإسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

حرب لبنان تشعل معركة إعلامية داخلية واتهامات بـ«التخوين»

أشعلت التغطية الإعلامية للحرب بلبنان سجالات طالت وسائل الإعلام وتطورت إلى انتقادات للإعلام واتهامات لا تخلو من التخوين، نالت فيها قناة «إم تي في» الحصة الأكبر.

حنان مرهج (بيروت)

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
TT

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)

أثارت بيانات عن ارتفاع الإنفاق الإعلاني على محتوى الفيديو عبر الإنترنت خلال الربع الأول من العام الحالي، تساؤلات حول اتجاهات الناشرين في المرحلة المقبلة، لا سيما فيما يتعلق بتوجيه الطاقات نحو المحتوى المرئي بغرض تحقيق الاستقرار المالي للمؤسسات، عقب تراجع العوائد المادية التي كانت تحققها منصات الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي.

مؤسسة «لاب» LAB، وهي هيئة بريطانية معنية بالإعلانات عبر الإنترنت، كانت قد نشرت بيانات تشير إلى ارتفاع الإنفاق الإعلاني على الفيديو في بريطانيا خلال الربع الأول من عام 2024، وقدّر هذا النمو بنحو 26 في المائة مقارنة بالتوقيت عينه خلال العام الماضي، حين حققت الإعلانات عبر الفيديو عوائد مالية وصلت إلى 4.12 مليار جنيه إسترليني داخل المملكة المتحدة وحدها. وتتوقّع بيانات الهيئة استمرار النمو في عوائد الإعلانات في الفيديو حتى نهاية 2024، وقد يمتد إلى النصف الأول من 2025.

مراقبون التقتهم «الشرق الأوسط» يرون أن هذا الاتجاه قد ينعكس على خطط الناشرين المستقبلية، من خلال الدفع نحو استثمارات أوسع في المحتوى المرئي سواءً للنشر على المواقع الإخبارية أو على «يوتيوب» وغيره من منصّات «التواصل».

إذ أرجع الدكتور أنس النجداوي، مدير جامعة أبوظبي ومستشار التكنولوجيا لقناتي «العربية» و«الحدث»، أهمية الفيديو إلى أنه بات مرتكزاً أصيلاً لنجاح التسويق الرقمي. وحدّد من جانبه طرق الاستفادة من الفيديو لتحقيق عوائد مالية مثل «برامج شركاء (اليوتيوب) التي يمكن للناشرين من خلالها تحقيق أرباح من الإعلانات المعروضة في فيديوهاتهم».

وعدّد النجداوي مسالك الربح بقوله: «أيضاً التسويق بالعمولة عن طريق ترويج منتجات أو خدمات من خلال الفيديوهات والحصول على عمولة مقابل كل عملية بيع عبر الروابط التي تُدرج في هذه الفيديوهات... أما الطريقة الأخرى - وهي الأبرز بالنسبة للناشرين - فهي أن يكون المحتوى نفسه حصرياً، ويٌقدم من قبل مختصين، وكذلك قد تقدم المنصة اشتراكات شهرية أو رسوم مشاهدة، ما يوفر دخلاً مباشراً».

ومن ثم حدد النجداوي شروطاً يجب توافرها في الفيديو لتحقيق أرباح، شارحاً: «هناك معايير وضعتها منصات التواصل الاجتماعي لعملية (المونتايزيشن)؛ منها أن يكون المحتوى عالي الجودة من حيث التصوير والصوت، بحيث يكون جاذباً للمشاهدين، أيضاً مدى توفير خدمات تفاعلية على الفيديو تشجع على المشاركة والتفاعل المستمر. بالإضافة إلى ذلك، الالتزام بسياسات المنصة».

ورهن نجاح اتجاه الناشرين إلى الفيديو بعدة معايير يجب توفرها، وأردف: «أتوقع أن الجمهور يتوق إلى معلومات وقصص إخبارية وأفلام وثائقية وتحليلات مرئية تلتزم بالمصداقية والدقة والسرد العميق المفصل للأحداث، ومن هنا يمكن للناشرين تحقيق أرباح مستدامة سواء من خلال الإعلانات أو الاشتراكات».

في هذا السياق، أشارت شركة الاستشارات الإعلامية العالمية «ميديا سينس» إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعاً في استثمارات الناشرين البارزين في إنتاج محتوى الفيديو، سواء عبر مواقعهم الخاصة أو منصّات التواصل الاجتماعي، بينما وجد تقرير الأخبار الرقمية من «معهد رويترز لدراسة الصحافة» - الذي نشر مطلع العام - أن الفيديو سيصبح منتجاً رئيسياً لغرف الأخبار عبر الإنترنت، وحدد التقرير الشباب بأنهم الفئة الأكثر استهلاكاً للمحتوى المرئي.

من جهة ثانية، عن استراتيجيات الاستقرار المالي للناشرين، أوضح أحمد سعيد العلوي، رئيس تحرير «العين الإخبارية» وشبكة «سي إن إن» الاقتصادية، أن العوائد المالية المستدامة لن تتحقق بمسلك واحد، بل إن ثمة استراتيجيات يجب أن تتضافر في هذا الشأن، وأوضح أن «قطاع الإعلام يواجه تغيّرات سريعة مع تزايد المنافسة بين المنصّات الرقمية وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل (ميتا) و(غوغل) وغيرهما، كما تواجه هذه السوق تحدّيات كبيرة تتعلق بالاستقرار المالي واستقطاب المستخدمين، فلم يعد الاعتماد على نماذج الدخل التقليدية (سائداً)... وهو ما يفرض على وسائل الإعلام البحث عن طرق جديدة لتوفير الإيرادات وتقديم محتوى متميز يجذب الجمهور».

كذلك، أشار العلوي إلى أهمية الاعتماد على عدة استراتيجيات لضمان الاستقرار المالي لمنصات الأخبار. وعدّ المحتوى المرئي والمسموع إحدى استراتيجيات تحقيق الاستقرار المالي للناشرين، قائلاً: «لا بد من الاستثمار في المحتوى المرئي والمسموع، سواءً من خلال الإعلانات المُدمجة داخل المحتوى، أو الاشتراكات المخصصة للبودكاست والبرامج الحصرية، لكن التكيّف مع التغيرات السريعة في سوق الإعلام يدفع وسائل الإعلام لتطوير وتنويع مصادر دخلها، لتشمل عدة مسارات من بينها الفيديو».