القاهرة: حازم بدر
توصلت دراسة دولية قادها باحثون بكلية دبلن في آيرلندا إلى أن ديدان الأرض يمكن أن تحل محل بعض الأسمدة المعدنية الصناعية عالية التكلفة. واكتشف الباحثون رؤى جديدة حول أهمية «ساكن التربة» بالنسبة إلى المحاصيل التي تتناول المغذيات.
دور حيوي
وتشير النتائج المنشورة أول مارس (آذار) الماضي، في دورية «سويل بيولوجي آند بايوكمستري»، إلى وجود اختصار في دورة نيتروجين التربة لم يتم التعرف عليه سابقاً تقوم بها ديدان الأرض، فعندما تكون نشطة تعمل على إثراء التربة والنباتات بسرعة من خلال النيتروجين الذي يفرز في مخاطها.
ويُنظر تقليدياً إلى دور ديدان التربة في دورة المغذيات على أنه مفيد، لكنه غير مباشر وبطيء وتراكمي، ومع ذلك قد لا تكون هذه القصة كاملة، وفقاً للبروفسور أولاف شميدت من كلية دبلن للزراعة وعلوم الغذاء. إذ يقول في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني للكلية: «البصيرة الجديدة الحقيقية التي وجدناها هي أن النيتروجين من الديدان ينتقل إلى المحاصيل بسرعة كبيرة، وحتى الآن افترضنا أن هذا ينطوي على عمليات تحلل بطيئة ودورة ميكروبية، لكن تجاربنا أظهرت أن حركة النيتروجين والكربون من ديدان التربة الحية إلى النباتات يمكن أن تكون سريعة للغاية».
ومن المعروف بالفعل أن وجود ديدان الأرض يزيد من غلة المحاصيل على المدى الطويل، من خلال حفر التربة وتغذيتها مما يخلق بنية جيدة للتربة ويطلق النيتروجين الذي يتم حبسه بعيداً في المواد العضوية للتربة.
وفي ظل الظروف المختبرية والميدانية، تمكن فريق الباحثين من آيرلندا وألمانيا والصين من تتبع نقل المغذيات من ديدان الأرض إلى التربة وشتلات القمح والحشرات الخضراء (حشرات المن) باستخدام طريقة تسمى «متتبع النظائر المستقرة».
ووجدوا أن الذباب الأخضر حصل على النيتروجين المشتق من ديدان الأرض بعد ساعتين فقط في ظل ظروف مختبرية، وبعد 24 ساعة في الحقل. واندهش الباحثون من مدى سرعة انتقال النيتروجين الدودي عبر التربة إلى الجذور والنباتات وفي الحشرات التي تتغذى على عصارة النبات.
يقول شميدت: «هذا مثير للغاية لأنه يشير إلى أن ديدان الأرض ربما تزود المحاصيل بالنيتروجين مباشرةً، وهي تفعل ذلك بالضبط عندما تكون المحاصيل في أمسّ الحاجة إليه لأن نشاط ديدان الأرض ونمو المحاصيل متزامنان نوعاً ما، حسب العوامل البيئية، في الغالب درجة الحرارة والرطوبة».
تقليل استخدام الأسمدة
ويمكن أن تكون الفوائد المكتشفة حديثاً ذات أهمية خاصة في أنظمة الزراعة التي تحاول تقليل استخدام الأسمدة الصناعية، ويجب على القطاع الزراعي تعظيم الفوائد المالية لهذا النيتروجين الذي توفره ديدان الأرض كبديل محتمل للأسمدة الصناعية، والتي تكون مكلفة للغاية، حيث تستمر سلاسل التوريد العالمية في التعافي من جائحة «كوفيد - 19» وارتفاع أسعار الطاقة. يضيف شميدت: «يمكن لهذا العمل أن يعلّم المزارعين كيفية إدارة الأرض وحياة التربة وإمدادات النيتروجين، من خلال تبني ممارسات المحاصيل التي تعزز ديدان الأرض، لقد علمنا من الأبحاث السابقة أن مجموعات ديدان الأرض الجيدة تسهم بكميات كبيرة من الناحية الزراعية من النيتروجين في التربة، لكننا لم نكن نعلم أنها يمكن أن تزود المحاصيل بالنيتروجين».
وبينما لا يمكن للمزارعين أن يعرفوا مسبقاً متى يجب استخدام الأسمدة المعدنية الصناعية لأن المحاصيل قد لا تحتاج إلى النيتروجين إذا كان الجو شديد البرودة أو شديد الجفاف، ومن ثم يُفقد النيتروجين باهظ الثمن في البيئة، حيث تتسرب النترات إلى المياه الجوفية أو في شكل نيتروجين الغازات المنبعثة في الغلاف الجوي، فإن جميع أشكال النيتروجين التي يتم توفيرها بشكل طبيعي، من مخازن التربة الخاصة، عن طريق التحلل والتمعدن، تعد ذات قيمة عالية اقتصادياً وبيئياً ومرغوباً فيها، لذا يجب تعظيمها، كما يؤكد شميدت. ويقول: «لا أعتقد أن ديدان الأرض ستحل محل جميع الأسمدة المعدنية والعضوية، ولكن استخدامها الكامل كمصدر غذائي طبيعي يمكن أن يخفض استخدام وتكلفة الأسمدة المعدنية الصناعية».
ويضيف: «بشكل عام، هذا سبب جديد آخر يجعلنا نعمل بشكل أكبر مع بيولوجيا التربة ونشجع استخدام كائنات التربة مثل ديدان الأرض، لأن استخدام الأرض وأساليب الزراعة لدينا ستكون أكثر استدامة بيئياً وأيضاً أكثر اقتصادية».