الأزمة الروسية ـ الأوكرانية ضيفاً ثقيلاً على موائد رمضان في السعودية

الأزمة الروسية ـ الأوكرانية ضيفاً ثقيلاً على موائد رمضان في السعودية
TT

الأزمة الروسية ـ الأوكرانية ضيفاً ثقيلاً على موائد رمضان في السعودية

الأزمة الروسية ـ الأوكرانية ضيفاً ثقيلاً على موائد رمضان في السعودية

على خلاف السنة الماضية، وجد السعوديون والمقيمون أنفسهم هذا العام أمام ضيف ثقيل جديد على سفرتهم الرمضانية، تمثل في اشتعال الأزمة الأوكرانية - الروسية، ومتابعة آخر أخبارها.
وبعد أن كان فيروس كورونا هو الشغل الشاغل للجميع خلال العامين الماضيين، شهدت سفرة رمضان والتجمعات العائلية، نقاشات كثيرة حول أزمة أوكرانيا الأخيرة، وما هي التداعيات، لا سيما الغذائية على دول الشرق الأوسط والسعودية تحديداً.
يقول مطر الغامدي (47 عاماً)، «مع الانفراجة في أزمة كورونا شعرنا بنوع من الارتياح التدريجي، خصوصاً بعد تلاشي النسخة الأخيرة (أوميكرون) وتناقص الحالات اليومية، لكن اشتعال الحرب الروسية – الأوكرانية جعلها مادة دسمة للناس على موائد رمضان». وأضاف الغامدي قائلاً: «للأسف نمضي وقتاً طويلاً في تحليل الأحداث والحرب الجارية الآن، يمكنني وصفها بالضيف (الثقيل) مع دخول شهر رمضان».
من جانبه، يعتقد إبراهيم سهيل (40 عاماً) وهو مقيم في المملكة، أن نشوب الأزمة في أوكرانيا جدد المخاوف لدى الناس من استمرار الكوارث في العالم، وقال: «للتو شعرنا بالفرح بقرب زوال (كورونا)، ثم نفاجأ بحرب جديدة تداعياتها تطال جميع سكان الأرض».
واعترف سهيل بأن «جزءاً كبيراً من جلساتنا الرمضانية تستهلكه الأزمة الأوكرانية – الروسية، وكيف يمكن أن تنتهي، وما هي آثارها على دول الشرق الأوسط، والدول العربية تحديداً».
ويحذر خبراء من تداعيات خطيرة للحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، لا سيما في مجال الأمن الغذائي، باعتبار الدولتين من كبار مصدري القمح للعالم بنسبة تصل إلى 20 في المائة. كما أن الدول العربية تعد من كبار المستوردين للقمح من روسيا وأوكرانيا، وبحسب إحصاءات رسمية، فإن المخزون في بعض الدول لا يكفي سوى لأشهر قليلة.
إلى ذلك، يعتبر الشاب باسم علي (27 عاماً) الحديث عن الأزمة الروسية الأوكرانية مضيعة للوقت المفترض تخصيصه للعبادة في هذا الشهر الفضيل، على حد تعبيره.
وعلل حديثه بالقول: «ما يحدث في أوكرانيا هو صراع قوى كبرى، لا ناقة لنا فيه ولا جمل، لماذا نستهلك أوقاتنا الثمينة في رمضان لمناقشة ذلك، ستكون هناك تداعيات نعم، لكن نقاشنا لن يغير في الأمر شيئاً».
وعادة ما تجتمع العائلات في السعودية على مائدة الإفطار، أما الشباب فيفضلون التجمع في الاستراحات بعد أداء صلاة التراويح مساء، ويقضون وقتهم في النقاشات العامة والرياضية والمجتمعية الأخرى.



المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.