اللائحة المدعومة من السنيورة تراهن على خلط الأوراق اقتراعاً

المواجهة في بيروت الثانية تتطلب تعبئة الشارع السني

TT

اللائحة المدعومة من السنيورة تراهن على خلط الأوراق اقتراعاً

مع انتهاء المهلة المحددة لتسجيل اللوائح بأسماء المرشحين لخوض الانتخابات النيابية لدى وزارة الداخلية اللبنانية اليوم، تبقى الأنظار المحلية والدولية مشدودة إلى المعركة التي تجري في دائرة بيروت الثانية (11 مقعداً نيابياً) والتي تشهد منافسة قد تكون الأقوى لملء الفراغ النيابي المترتب على عزوف زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن خوضها وللمرة الأولى منذ العام 1996 عندما قرر رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري الانضمام إلى المعترك الانتخابي ليرثه لاحقاً بعد اغتياله نجله سعد الحريري.
فالسباق الانتخابي بات على أشده ويدور بين 6 لوائح بعضها مكتملة والأخرى ناقصة ومن ضمنها لائحتان، الأولى «بيروت تواجه» برئاسة الوزير السابق القاضي خالد قباني وكان لرئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة دور في رعاية تشكيلها والثانية «هيدي بيروت» بإشراف رئيس نادي الأنصار لكرة القدم نبيل بدر المتحالف مع الجماعة الإسلامية.
أما باقي اللوائح فهي تتوزع على «الثنائي الشيعي» وتضم مرشحين من غير الشيعة من جهة وعلى النائب فؤاد مخزومي الذي يتزعم لائحة مكتملة تحمل اسم «بيروت في القلب»، إضافة إلى لائحة غير مكتملة برئاسة «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش)، وأخرى تضم مرشحين من المجتمع المدني، وإن كان من يرعى تشكيلها يحاول قبل إقفال الباب أمام تسجيل اللوائح لدى وزارة الداخلية تذليل العقبات التي اصطدمت بها في اللحظة الأخيرة أدت إلى تأخير ولادتها بصورة نهائية.
وفي هذا السياق علمت «الشرق الأوسط» من مصادر محسوبة على الحراك المدني بأن ممثلين من المجموعات الناطقة باسم المجتمع المدني كانوا عقدوا لقاء موسعاً في الساعات الماضية ضم «بيروت تقاوم، تحالف وطني، بيروت مدينتي، مرصد، خط أحمر، ثوار بيروت، لنا وحقي» قبل أن يقرر أحد أعمدتها حسن سنو نجل رئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية فيصل سنو عزوفه عن خوض الانتخابات على خلفية الحملات التي استهدفته من قبل بعض المجموعات اليسارية، إضافة إلى مجموعة «حقي» التي تطالب بأن تتمثل بثلاثة مرشحين بدلاً من اثنين بضم مرشح شيعي إلى حصتها وبإصرارها أيضاً على أن تتمثل بمرشح عن الطائفة الإنجيلية في دائرة بيروت الأولى، وهذا ما ترفضه النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان.
وكشفت المصادر بأن لائحة الحراك المدني عن بيروت الثانية تضم عن السنة إبراهيم منيمنة، حسن سنو، قبل أن يعلن انسحابه وتحل مكانه على اللائحة فاطمة حماصني، وضاح صادق، سارة ياسين، إيمان طبارة، رشدي قباني، وعن الشيعة علي عباس ومحمود فقيه الذي يلقى معارضة من مجموعة «حقي» التي تطالب بأن تحل مكانه الشيعية ناهدة خليل، وعن الأرثوذكس نقيب المحامين السابق ملحم خلف، وعن الدروز ريما نصر الدين، وعن الطائفة الإنجيلية نهاد ضومط. ولفتت المصادر إلى أن طارق عمار الناطق باسم مجموعة «حقي» هو من أعاق ولادة اللائحة الائتلافية، وقالت بأن المفاوضات لم تنقطع وأن القيمين على تشكيل لائحة موحدة عاودوا ليل أمس التفاوض على أمل أن يتمكنوا من حسم الخلافات التي طرأت في اللحظة الأخيرة وإلا سيضطرون إلى تسجيل لائحتهم بمن حضر لدى وزارة الداخلية.
لذلك فإن العنوان السياسي الأكبر الذي يجمع بين لوائح «بيروت تواجه»، و«هيدي بيروت»، و«بيروت في القلب»، والقوى الثورية والتغييرية يكمن في مواجهتها من موقع الاختلاف مع محور الممانعة المتمثل بلائحتي «الثنائي الشيعي» و«الأحباش» برغم أنهما لم يتوحدا في لائحة واحدة لأن «جمعية المشاريع» تحاول أن تقدم نفسها للناخب في بيروت الثانية على أنها مستقلة ولديها هوية سياسية في محاولة للتمايز - ولو في الشكل - عن حليفها الثنائي الشيعي.
فـ«الأحباش» بحسب المصادر البيروتية «تتحالف سياسياً مع الثنائي الشيعي في تحالف اندماجي استراتيجي وتتفق معه في العناوين الكبرى التي لا تقتصر على الداخل اللبناني، وإنما تنسحب على تلازمها في الموقف من النظام السوري ومحور الممانعة بقيادة إيران، وبالتالي فإن افتراقهما ترشحاً واقتراعاً لا يعني أنهما على وشك الدخول في خلاف حول الخيارات السياسية الكبرى بمقدار ما أن «الأحباش» تسعى لمراعاة الناخب السني.
كما وأن الأسباب الموجبة التي تحاول «الأحباش» تقديمها لتبرير عدم تحالفها الانتخابي مع الثنائي الشيعي سرعان ما تسقط بتحالفها مع محور الممانعة في دائرة طرابلس - المنية - الضنية، وأيضاً في دائرة الشوف - عاليه وفي دوائر أخرى لا مرشحين لديها فيها، مع أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل قرر الاستعانة بحليفه «حزب الله» والطلب منه التدخل لدى «الأحباش» لتوضيح ما يتردد حالياً في دائرة بيروت الأولى حول انفتاح «جمعية المشاريع» على المصرفي أنطوان صحناوي طلباً لتأييدها للائحة التي يدعمها في هذه الدائرة والمنافسة للوائح حزب «القوات» و«التيار الوطني» والمجتمع المدني والتي يترشح عليها النائب الكتائبي المستقيل نديم بشير الجميل.
فدائرة بيروت الأولى وإن كانت تشهد واحدة من أعنف المعارك الانتخابية وتعتبر مسيحية - مسيحية بامتياز فإن للصوت المسلم وتحديداً السني تأثير مباشر على مجريات المنافسة التي يفترض أن تشهدها، وهذا ما يؤدي إلى تسليط الضوء على القوة الانتخابية التي يتمتع بها التيار الأزرق وما إذا كان سيشارك بكثافة في العملية الانتخابية انطلاقاً من تأزم علاقة زعيمه الرئيس الحريري بـ«القوات» و«التيار الوطني».
ويبقى السؤال: هل ستشهد الانتخابات في بيروت الثانية الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع؟، خصوصاً وأنها تتمتع بثقل سني بخلاف الحضور الرمزي للطوائف الأخرى باستثناء الحضور الذي يمثله الثنائي الشيعي باحتلاله المرتبة الثانية بعد الطائفة السنية. وهل ستؤدي الدعوات بعدم مقاطعة الانتخابات إلى استنهاض الشارع السني لملء الفراغ الناجم عن غياب «المستقبل» عن المبارزة الانتخابية، خصوصاً وأن استطلاعات الرأي تجمع حتى الساعة على أن نسبة الاقتراع السني ستكون متدنية ومنخفضة عما كانت في دورة الانتخابات السابقة، إلا إذا حصلت مفاجأة ليست مرئية حتى الساعة أدت إلى إعادة خلط الأوراق اقتراعاً؟ وهذا ما تراهن عليه لائحة «بيروت تواجه» المدعومة من السنيورة التي تباشر بدءاً من اليوم بتشغيل ماكينتها الانتخابية بتوزيع المهام على مرشحيها.
ويتردد على هذا الصعيد بأن لائحة «بيروت تواجه» تراهن على الدخول في مساكنة مع السواد الأعظم من جمهور التيار الأزرق لإقناعه بضرورة الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع لقطع الطريق على محور الممانعة لملء الفراغ في الساحة البيروتية، وإن كانت لائحة «هيدي بيروت» تضع نصب عينيها كسب تأييده، معتبرةً من وجهة نظرها بأنها الأقرب إليه من اللوائح الأخرى، برغم أن كلمة الفصل تبقى لصناديق الاقتراع للاحتكام إلى نتائجها لتبيان ما إذا كانت نسبة الاقتراع ستعكس حالة من الإحباط السني تمثلت في الإحجام عن المشاركة كما يجب في العملية الانتخابية، وبالتالي فإن من شروط المواجهة إعلان التعبئة السياسية في الشارع السني لتأمين التوازن المطلوب، وإلا فإن الإخلال به سيدفع باتجاه تغيير الوجه السياسي لبيروت بافتقادها إلى التمثيل الوازن في البرلمان العتيد.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.