«السلطة» تعتبر ممارسات إسرائيل إرهاب دولة

بعد مقتل أسير محرر وإصابة 200 فلسطيني في مواجهات «يوم الأرض»

جندي إسرائيلي يطلق عبوة غاز مسيل للدموع باتجاه متظاهرين فلسطينيين في رام الله بالضفة أمس (رويترز)
جندي إسرائيلي يطلق عبوة غاز مسيل للدموع باتجاه متظاهرين فلسطينيين في رام الله بالضفة أمس (رويترز)
TT

«السلطة» تعتبر ممارسات إسرائيل إرهاب دولة

جندي إسرائيلي يطلق عبوة غاز مسيل للدموع باتجاه متظاهرين فلسطينيين في رام الله بالضفة أمس (رويترز)
جندي إسرائيلي يطلق عبوة غاز مسيل للدموع باتجاه متظاهرين فلسطينيين في رام الله بالضفة أمس (رويترز)

نددت السلطة الفلسطينية بـ«إرهاب الدولة» الممارس من قبل إسرائيل التي واصلت التصعيد، أمس الجمعة، في الذكرى الـ46 لـ«يوم الأرض»، ما أدى إلى مقتل أسير محرر وأكثر من 200 إصابة في صفوف الفلسطينيين خلال قمع المسيرات السلمية.
وقال رئيس حكومة السلطة في رام الله محمد اشتية: «الاقتحامات الجنونية وجرائم القتل هي إرهاب دولة منظم ضد شعبنا، ينفذه جنود الاحتلال والمستوطنون معا». وحذر من التبعات الخطيرة لهذه الممارسات والسياسة التي تقف وراءها.
وكانت عمليات التصعيد الإسرائيلية، التي اعتبرت ردا على العمليات الفلسطينية المسلحة، قد تسببت في توسيع دائرة المظاهرات والمسيرات السلمية في الضفة الغربية. وقد بلغت أوجها في منطقة الخليل، حيث أعلن الأطباء في المستشفى الحكومي عن استشهاد الأسير المحرر، أحمد يونس صدقي الأطرش (28 عاما)، متأثراً بإصابته الفتاكة برصاص الاحتلال خلال مواجهات اندلعت بين الشبان وقوات الاحتلال في منطقة شارع الشهداء وسط الخليل. ويعتقد بأنه تعرض للرصاص من أحد القناصة الإسرائيليين.
وقد بدأت المواجهات في الخليل عندما وضعت القوات الإسرائيلية، صباح أمس الجمعة، مكعبات إسمنتية في منطقتي الحرايق على مدخل الخليل الجنوبي، ومدخل ترقوميا الغربي. وقال شهود عيان، إن قوات الاحتلال أغلقت الطريق في وجه الفلسطينيين لخدمة المستوطنين اليهود في مستعمرة «بيت حاجاي» المقامة على أراضي المواطنين، وهو المدخل الرابط بين مدينة الخليل، والقرى والبلدات الجنوبية للمحافظة، وشارع رقم 60 الاستيطاني. كما نصبت مكعبات إسمنتية على مدخل بلدة ترقوميا المحاذي لبلدة اذنا وشارع رقم 60 غرب الخليل، بهدف التضييق على المواطنين وحركة التنقل بالمكان. كما اعتقلت الشاب منذر الجعبة (19 عاما) من مدينة الخليل، والشاب معتصم البدوي (19عاما) من مخيم العروب شمال الخليل. واقتحمت مخرطة بعد تحطيم وتخريب أبوابها بجيباتها العسكرية في المنطقة الصناعية بمدينة الخليل، واستولت عليها، وتعود ملكيتها للمواطن أبو مصطفى الكركي.
وأصيب شاب بالرصاص الحي في يده وقدمه، والعشرات بالاختناق، خلال قمع قوات الاحتلال المسيرة المركزية التي انطلقت في قرية بلعين غرب رام الله، إحياء للذكرى الـ46 ليوم الأرض.
وفي منطقة نابلس، أفادت جمعية الهلال بإصابة 123 شخصاً بنيران الاحتلال خلال مواجهات في جبل صبيح ببيتا. وأشارت إلى إصابة 105 أشخاص بالاختناق جراء الغاز المسيل للدموع، فيما أصيب عشرة بالرصاص المغلف بالمطاط، وستة بالحروق.
وأصيب 9 محتجين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط بينهم طفلان والعشرات بالاختناق خلال قمع جيش الاحتلال لمسيرة كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان والتي انطلقت أحياء لذكرى يوم الأرض وتنديدا بجرائم الاحتلال المختلفة. وأفاد الناطق الإعلامي في إقليم قلقيلية مراد شتيوي أن مواجهات عنيفة مع جنود الاحتلال اندلعت بعد انطلاق المسيرة استخدم فيها الجنود الرصاص المعدني وقنابل الغاز ما أدى لوقوع 9 إصابات منهم الفتى خليفة رياض شتيوي 13 عاما، الذي نقل للمستشفى لتلقي العلاج، والفتى وصهيب منصور 14 عاما، والعشرات بالاختناق بينهم نائب رئيس حركة «فتح» محمود العالول ومحافظ محافظة قلقيلية رافع رواجبه. وأكد الفتي المصاب شتيوي أن عشرات الشبان تصدوا للجنود من مسافة الصفر، وحطموا الدروع التي كانوا يحتمون بها، ومنعوهم من التقدم لاقتحام البلدة من شدة المواجهات.
وأصيب متظاهر بشظايا قنبلة صوتية في عينه، وآخرون بالاختناق، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال والمستوطنين في قرية قريوت جنوب نابلس. وأفاد رئيس مجلس قروي قريوت نضال البدوي، بأن مستوطنين اقتحموا المنطقة الجنوبية الغربية من القرية بحماية جنود الاحتلال، وعندما تصدى المواطنون لهم أطلق جنود الاحتلال الرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع والصوت، ما أدى لإصابة شاب بشظايا قنبلة صوت بالعين، والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع.
وأصيب شابان بالرصاص الحي، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية دير غسانة شمال غربي رام الله. وأفاد شهود عيان بأن المواجهات اندلعت عقب اقتحام الاحتلال للقرية. واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر أمس الجمعة، 13 مواطنا من الضفة، ثلاثة منهم من جنين، وأربعة من رام الله وثلاثة من نابلس واثنان من بيت لحم.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.