مشاورات ليبية لإنهاء انقسام المصرف المركزي

في ظل تنافس حاد بين باشاغا والدبيبة لاستمالة محافظه

جانب من لقاء محافظ مصرف ليبيا المركزي مع نائبه علي الحبري (صفحة المصرف على «فيسبوك»)
جانب من لقاء محافظ مصرف ليبيا المركزي مع نائبه علي الحبري (صفحة المصرف على «فيسبوك»)
TT

مشاورات ليبية لإنهاء انقسام المصرف المركزي

جانب من لقاء محافظ مصرف ليبيا المركزي مع نائبه علي الحبري (صفحة المصرف على «فيسبوك»)
جانب من لقاء محافظ مصرف ليبيا المركزي مع نائبه علي الحبري (صفحة المصرف على «فيسبوك»)

في خطوة تهدف إلى الإسراع بتوحيد أكبر جهاز مصرفي منقسم في ليبيا منذ عام 2014، اجتمع محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، ونائبه علي الحبري لمتابعة تنفيذ مشروع إعادة توحيد المصرف.
ويُوصف هذا الاجتماع الليبي - الليبي بأنه بادرة جيدة تصب في مصلحة الشعب الليبي، بالنظر إلى الانقسام الحاد الذي تشهده السلطة التنفيذية بسبب وجود حكومتين متنازعتين على السلطة.
وقال المصرف المركزي، ومقره طرابلس العاصمة، في تصريح مساء أول من أمس، إن الكبير والحبري عقدا اجتماع اللجنة التسييرية الثاني لمشروع إعادة توحيد المصرف المركزي، بحضور مكتب إدارة المشروع، المكون من مديري المشروع، وعدد من خبراء شركة «ديلويت» الدولية للخدمات المهنية الرائدة، التي جرى اختيارها في عملية تولاها مكتب الأمم المتحدة لإدارة المشروعات من أجل إجراء عملية المراجعة المالية الدولية لحسابات مصرف ليبيا المركزي في طرابلس والبيضاء.
وسبق لمجلس النواب الليبي عزل الكبير من منصبه، عقب الانقسام السياسي الذي ساد البلاد عام 2014، وعين الحبري بدلاً منه، لكن الأوضاع المالية ظلت تدار بشكل مركزي من العاصمة من قبل المصرف المركزي، برئاسة الكبير.
وشهدت العلاقة بين الكبير والحبري تقدماً ملموساً، عقب لقائهما في الثامن من يوليو (تموز) الماضي بمقر المصرف بالعاصمة، خلال مراسم تسليم تقرير لجنة المراجعة الدولية الخاص بمراجعة حسابات فرعي المصرف في طرابلس والبيضاء، وهو اللقاء الذي تم لأول مرة منذ عام 2014 «في إطار الجهود المبذولة لتوحيد المصرف المركزي»، التي دعمتها أميركا من خلال مبعوثها الخاص وسفيرها لدى ليبيا ريتشارد نورلاند.
وفي الاجتماع الثالث للكبير والحبري، تمت متابعة التقدم الذي أحرزه فريق مشروع إعادة توحيد المصرف في تنفيذ خطوات المشروع، في ظل ترحيب من أطراف محلية ودولية بـ«الجهود المشتركة وروح الفريق خلال هذا العمل».
ويعوّل فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية الجديدة، على مساندة المصرف المركزي لدعم برامج حكومته حال تمكنها من دخول طرابلس، في مواجهة خصمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، الذي يسعى هو الآخر لكسب ود الكبير لضمان وصول الأموال اللازمة، لكن مسؤولاً سياسياً بالعاصمة قال لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الكبير المُقرب من الدبيبة «يسعى للمحافظة على منصبه، بعيداً عن حالة الاستقطاب السياسي، وذلك من خلال تقارب من الطرفين المتنازعين، بحيث لا يحسب على أحدهما».
وفي آخر تصريح له، أشاد باشاغا بمحافظ المصرف المركزي، وبرئيس مجلس إدارة مؤسسة النفط مصطفى صنع الله، وهو ما عدّه متابعون محاولات لاستمالتهما لصالحه، باعتبار مؤسستيهما ذواتي ثقل مالي كبير ومؤثر في المعادلة السياسية، ويرجح كفة مَن يحكم ليبيا.
ورحّبت أطراف الحوار بتنفيذ الخطة المشتركة لتوصيل سيولة، قدرها مليار دينار ليبي إلى المنطقة الشرقية، بالتعاون بين إدارتي الإصدار بطرابلس وبنغازي، وذلك ليتم توزيعها على فروع المصارف التجارية بالمنطقة الشرقية، تزامناً مع شهر رمضان.
وفي يوليو الماضي، سلمت شركة «ديلويت» إلى البعثة الأممية لدى ليبيا تقريرها حول المراجعة المالية لقوائم المصرف المركزي. وقالت إنه يجب توفير الخبرة الفنية، وتنفيذ ما يتم التوصل له بسلاسة، وتخصيص أفضل الكوادر لدفع عملية إعادة التوحيد دون تعطيل لضمان الاستقلال والموضوعية، مؤكدة ضرورة الاتفاق على آلية التوزيع العادل والمجزي للعملة الأجنبية، وكيفية التعامل مع العملة في التداول (بما يشمل آلية سحبها من السوق المحلية، والتوافق على سياسة نقدية واحدة).
في شأن آخر، ناقش وزير العمل والتأهيل بحكومة «الوحدة الوطنية»، علي العابد، مع نظيره المصري وزير القوى العاملة محمد سعفان، عدداً من القضايا خلال اجتماعهما بالقاهرة مساء أول من أمس، أبرزها الاطلاع على استمرار عملية الربط الإلكتروني، وتنظيم وتسهيل تنقل العمالة المصرية، والمشكلات والمعوقات التي تواجه عودة الشركات المصرية للعمل في ليبيا. وكان القائم بأعمال السفارة الليبية بالقاهرة، السفير محمد عبد العالي مصباح، قد استقبل العابد ووكيل وزارة الخارجية للشؤون القنصلية ورئيس مصلحة الجوازات والجنسية مراد إحميمة، واطلع على الإجراءات المتخذة لتسهيل استقدام العمالة المصرية إلى ليبيا، في إطار الاتفاقيات الموقعة بين وزارتي العمل الليبية والمصرية.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».