تحالف «أوبك بلس» يبقي على السياسات... وينأى عن بيانات

الأسواق تقيم «العرض الأميركي» كـ«وضع مؤقت»

يبدو تحالف «أوبك بلس» في هذه المرحلة أقوى من أي وقت (رويترز)
يبدو تحالف «أوبك بلس» في هذه المرحلة أقوى من أي وقت (رويترز)
TT

تحالف «أوبك بلس» يبقي على السياسات... وينأى عن بيانات

يبدو تحالف «أوبك بلس» في هذه المرحلة أقوى من أي وقت (رويترز)
يبدو تحالف «أوبك بلس» في هذه المرحلة أقوى من أي وقت (رويترز)

أبقى تحالف «أوبك» بقيادة السعودية وحلفاؤه في «أوبك بلاس» بقيادة روسيا الخميس استراتيجيتهما المتمثلة في الزيادة الطفيفة لإنتاج النفط، رغم الضغوط الغربية من أجل زيادة الإنتاج فيما يهز الصراع في أوكرانيا السوق.
وقالت منظمة الدول المصدرة للنفط في بيان إنها ستزيد الإنتاج بمقدار 432 ألف برميل يوميا في مايو (أيار)، مقارنة بـ400 ألف برميل يوميا خلال الأشهر السابقة. وذكر التحالف أن «تعديل» السقف المرجعي يعود إلى أسباب تقنية.
وبهذا القرار، لا يحيد التحالف عن استراتيجيته التي يتبناها منذ ربيع العام 2021 بفضل انتعاش الطلب، بعد تخفيضات جذرية من أجل التعامل مع الصدمة التي أحدثتها جائحة كوفيد - 19.
وكان المحللون يتوقعون أن يبقى الوضع الراهن على ما هو رغم التوقعات المرتفعة، بعدما لامس النفط في 7 مارس (آذار) أسعاراً قياسية سجلها خلال الأزمة المالية عام 2008، وتجاوز عتبة 130 دولاراً للبرميل. ومنذ ذلك الحين، انخفضت الأسعار عن ذروتها.
وقرابة الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش، كان خام برنت بحر الشمال منخفضاً بنسبة 5.08 في المائة إلى 107.69 دولار للبرميل، فيما انخفض خام غرب تكساس الوسيط 5.43 في المائة إلى 101.96 دولار، متأثرا بمعلومات صحافية عن خطط محتملة لعمليات سحب مكثفة من الاحتياطات الاستراتيجية الأميركية. لكن الخامين حسنا وضعهما لاحقا عقب إعلان قرار «أوبك بلس»، وقلصا الخسائر إلى نحو 3.5 في المائة، خاصةً مع إعادة تقييم قوة «العرض الأميركي».
وقال ستيفن إنيس، الشريك المدير في إس. بي.آي أسيت ماندجمنت «إذا كان التاريخ الحديث يشير إلى أي شيء، فإن السحب من الاحتياطي سيكون إصلاحا مؤقتا فقط يشبه وضع ضمادة على ساق مكسورة».
وكان من المتوقع أن يعلن البيت الأبيض الخميس خطة لسحب ما يصل إلى مليون برميل يوميا من الاحتياطات الاستراتيجية الأميركية، وفق معلومات نقلتها وكالة بلومبرغ. وأوضح كارستن فريتش المحلل في «كوميرز بنك» أنه «في المجموع، يجب سحب ما يصل إلى 180 مليون برميل من الاحتياطات، وهو أمر غير مسبوق». وإذا طبق ذلك بفعالية، «لن يكون هناك نقص في المعروض في سوق النفط».
وبالنسبة إلى تحالف «أوبك بلس» الذي أنشئ عام 2016 بهدف تنظيم السوق، فإن «التقلب الحالي في الأسعار ليس بسبب الأساسيات، لكنه يعود إلى التطورات الجيوسياسية المستمرة». ويبدو تحالف «أوبك بلس» في هذه المرحلة أقوى من أي وقت. وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي الاثنين إنه (التحالف) «هنا ليبقى»، مشيرا إلى تصميمه على عدم ترك «السياسة» تؤثر على المنظمة. وأضاف: «ما لم يكن هناك جهة مستعدة لتوريد 10 ملايين برميل يوميا، لا يمكننا الاستعاضة عن الروس» في السوق.
من جهته، كرر وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الثلاثاء التزامه في «أوبك بلس» قائلا إنه إذا لم يكن الاتفاق «موجودا، لن يكون لدينا استقرار في سوق الطاقة» و«ستتفاقم مشكلة تقلب الأسعار».
وفيما تنتقد الوكالة الدولية للطاقة قرارات التحالف، أفادت وكالة «بلومبرغ» بأن تحالف «أوبك بلس» سيتوقف عن استخدام البيانات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة لتقييم امتثال دول التحالف بحصص الإنتاج المتفق عليها، وذلك وسط تزايد الخلافات بين المؤسستين.
وأضافت بلومبرغ أن منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، التي تعتبر الوكالة الدولية للطاقة واحدة من ستة مصادر خارجية لتقييم إنتاج الأعضاء، قد تصدر قراراً رسميا بهذا الشأن في وقت قريب.
وقررت اللجنة الفنية المشتركة لتحالف «أوبك بلس» أمس استبعاد بيانات وكالة الطاقة وسط مخاوف من احتمال تأثر البيانات الإجمالية للوكالة بوجهات نظرها فيما يتعلق بالتغير المناخي، وغياب الحياد السياسي، وفقاً لما نقلته «بلومبرغ» عن مندوبين.
وقال مصدر مطلع اطلاعا مباشرا على الأمر لرويترز إن اللجنة الفنية المشتركة لتحالف «أوبك بلس» قررت يوم الأربعاء استبدال وكالة الطاقة الدولية بتقارير وود ماكنزي وريستاد إنرجي كمصادر ثانوية تستخدم لتقييم إنتاج النفط الخام وامتثال الدول المشاركة، وذلك بأثر فوري. وأضاف أن القرار اتخذ بعد تحليل دقيق أجرته الأمانة العامة بطلب من اللجنة. ولم يذكر المصدر سببا للخطوة، لكن بعض أعضاء التحالف انتقدوا بيانات وكالة الطاقة الدولية في الآونة الأخيرة. وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي هذا الأسبوع في اجتماع خاص بالقطاع إن منظمات مثل وكالة الطاقة الدولية بحاجة لأن تكون «أكثر واقعية» وألا تقول معلومات مضللة للعالم.
ودعا مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول «أوبك بلس» مراراً لضخ مزيد من النفط لتحقيق الاستقرار بالأسواق، مرددا صدى آراء بعض الدول المستهلكة، مثل الولايات المتحدة، التي ترغب في رؤية المجموعة ترفع إنتاجها بوتيرة أسرع.


مقالات ذات صلة

النفط يرتفع بفضل توقعات ارتفاع الطلب من الصين في 2025

الاقتصاد منظر عام لمصفاة فيليبس 66 كما شوهدت من مدينة روديو بكاليفورنيا أقدم مدينة لتكرير النفط بالغرب الأميركي (رويترز)

النفط يرتفع بفضل توقعات ارتفاع الطلب من الصين في 2025

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، مع توقع المتعاملين بالسوق ارتفاع الطلب بالصين، العام المقبل.

الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرغ (أرشيفية - رويترز)

«أوبك»: تجديد تفويض هيثم الغيص أميناً عاماً للمنظمة لولاية ثانية

قالت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنها جدَّدت ولاية الأمين العام، هيثم الغيص، لمدة 3 سنوات أخرى في اجتماع افتراضي عقدته المنظمة، يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد مضخة نفطية في حقل بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

تراجع طفيف للنفط... والتوتر الجيوسياسي وسياسة الصين يحدان من خسائره

تراجعت أسعار النفط قليلاً يوم الثلاثاء متمسكة بمعظم مكاسبها من الجلسة السابقة. فيما حدّ التوتر الجيوسياسي وسياسة الصين من الخسائر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (أ.ف.ب)

هل يعاد انتخاب الغيص أميناً عاماً لـ«أوبك» غداً؟

من المقرر أن تعيد منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» انتخاب الأمين العام الحالي هيثم الغيص لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد سفينة حفر تديرها شركة «سيدريل» تستعد لبدء أول عملية حفر لها في بحر الشرق كجزء من مشروع استكشاف الغاز والنفط في كوريا الجنوبية (إ.ب.أ)

النفط يصعد مع زيادة التوتر في الشرق الأوسط

صعدت أسعار النفط في المعاملات يوم الاثنين مع زيادة التوتر في الشرق الأوسط في أعقاب إطاحة قوات المعارضة السورية بالرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.