المركز الدولي للكتاب.. فضاء ثقافي جديد في العاصمة المصرية

في محاولة للدولة لاستعادة دورها الثقافي والتثقيفي

وزير الثقافة المصري (وسط) في افتتاح المركز
وزير الثقافة المصري (وسط) في افتتاح المركز
TT

المركز الدولي للكتاب.. فضاء ثقافي جديد في العاصمة المصرية

وزير الثقافة المصري (وسط) في افتتاح المركز
وزير الثقافة المصري (وسط) في افتتاح المركز

بعد أن ظلت مجرد فرع ومنفذ بيع لكتب الهيئة المصرية العامة للكتاب يؤمها الباحثون والمثقفون فقط للبحث عن كتب أغلبها من أمهات التراث اصفرت أوراقها أو مجلات ثقافية حكومية، دشن وزير الثقافة المصري عبد الواحد النبوي، ود. أحمد مجاهد رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، أخيرا «المركز الدولي للكتاب» ليكون مساحة ثقافية جديدة تدعمها الدولة في مواجهة الساحات والفضاءات الثقافية المستقلة التي تدعمها هيئات خاصة أو مثقفون وفنانون مصريون واختفاء دور الدولة بشكل عام كمنتج ومنظم وصائغ للهوية الثقافية في مواجهة الثقافة الافتراضية الكونية التي أصبحت تشهد تنظيم الفعاليات الثقافية المختلفة وتتيح الكتب الإلكترونية للجميع. وكانت المراكز والمكتبات التابعة للدولة قد تراجع دورها الفاعل قبيل ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، إذ كانت قرينة الرئيس الأسبق سوزان مبارك حريصة على وجود الدولة في الساحة الثقافية كفاعل ومحرك رئيسي.
وصرح وزير الثقافة المصري بأن «مصر في أمسّ الحاجة إلى مزيد من المراكز الثقافية لمحاربة التطرف والإرهاب»، معلنا عن إقامة فرعين جديدين لهيئة الكتاب بوسط الصعيد ووسط الدلتا ملحقين بمطبعة، في إطار خطة استراتيجية لتسويق كتب قطاعات وزارة الثقافة على مستوى المحافظات المصرية والقرى التابعة لها.
دشن المركز بحضور عدد كبير من المثقفين والناشرين المصريين الذين رحبوا بالفكرة كثيرا وأعربوا عن سعادتهم بالمركز الذي يجمع ما بين كونه مقهى ثقافيا ومنفذ بيع لجميع إصدارات هيئات وزارة الثقافة ودور النشر المصرية الخاصة ومعرضا للمنتجات الحرفية واليدوية المصرية. يأتي ذلك تزامنا مع احتفالات اليوم العالمي للكتاب، وسوف يحصل الزوار على حسم خاص على أسعارها 50 في المائة بمناسبة الافتتاح ولمدة أسبوع.
وشهد الاحتفال بالمركز الجديد الاحتفال أيضا بعيد الميلاد السبعين للروائي المصري جمال الغيطاني، الذي أعرب عن سعادته بافتتاح منارة ثقافية جديدة بالقاهرة، وقام بتوقيع أعماله الكاملة الصادرة مؤخرا عن الهيئة العامة للكتاب، وتشتمل على مجلدين للأعمال القصصية، وثلاثة مجلدات للأعمال الروائية، بالإضافة إلى كتاب عن الغيطاني للدكتور بشير قمري عنوانه شعرية النص الروائي - قراءة تناصية في كتاب التجليات. كما تم تكريم الغيطاني وإعطاؤه درع هيئة الكتاب وإهداؤه بورتريه بريشة الفنان عمرو فهمي.
جدير بالذكر أن المركز الدولي للكتاب يقع في منطقة حيوية في قلب القاهرة (منطقة وسط البلد) خلف دار القضاء العالي وعلى بعد مسافة قليلة من ساحة بيع الكتب المستعملة الشهيرة «سور الأزبكية» التي تعتبر المنافس الشرس لدور النشر الحكومية والخاصة، والقرب من عدد من المراكز الثقافية الأجنبية وأهم المكتبات المصرية. وهو مُقام على مساحة 900 متر مربع مقسمة على ثلاثة أدوار، ويضم قاعة لحفلات التوقيع وقاعة للاطلاع والقراءة المجانية، ومقهى ثقافيا، وجزءا لمنتجات صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، ومعرضا مصغرا لمنتجات الحرف البيئية والمشغولات اليدوية لصندوق التنمية الثقافية، فضلا عن قاعة اطلاع للأطفال والرسوم الفنية بالدور الأرضي.
وإلى جانب إصدارات الهيئة العامة للكتاب، يضم المركز الدولي للكتاب كتب قطاعات وزارة الثقافة مثل: المجلس الأعلى للثقافة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، صندوق التنمية الثقافية، المركز القومي للترجمة، بالإضافة إلى إصدارات عدد من دور النشر، منها: دار الشروق، الدار المصرية اللبنانية، دار أطلس، دار ميريت، دار أخبار اليوم، دار العين، مجمع اللغة العربية، وغيرها.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.