انقسام في دمشق بعد تشديد عقوبات «نشر أخبار كاذبة»

TT

انقسام في دمشق بعد تشديد عقوبات «نشر أخبار كاذبة»

أثار القانون الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد وتضمّن تعديلات على عدد من مواد قانون العقوبات، نصّ أبرزها على أن يعاقب بالسجن لمدة ستة أشهر كل من ينشر أخباراً «كاذبة» من شأنها أن تنال من «هيبة» الدولة، انقساماً في أوساط العاصمة السورية، دمشق. ونشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) نصّ القانون الذي جاء في إحدى مواده: «كل سوري يذيع وهو على بيّنة من الأمر أنباء كاذبة أو مبالغاً فيها من شأنها أن تنال من هيبة الدولة أو مكانتها يعاقب بالحبس ستة أشهر على الأقل».
وكانت المادة قبل التعديل تنصّ على العقوبة ذاتها لكل سوري «يذيع في الخارج» الأنباء المذكورة.
وأضاف التعديل العقوبة ذاتها، أي السجن لمدة ستة أشهر، لـ«كل سوري يذيع أنباء من شأنها تحسين صورة دولة معادية للمساس بمكانة الدولة السورية».
وتصنّف دمشق كل الدول والجهات التي عارضت نظام الأسد أو قدمت الدعم لخصومه ومعارضيه خلال سنوات النزاع الطويلة بـ«المعادية».
وتضمّنت التعديلات إضافة بند ينصّ على أنه «يعاقب بالحبس سنة على الأقل كل سوري قام بكتابة أو خطاب يدعو فيه إلى اقتطاع جزء من الأرض السورية أو التنازل عنها».
وأبقى القانون على معاقبة كل من «حاول أن يسلخ عن سيادة الدولة جزءاً من الأراضي السورية... بالاعتقال المؤقت»، على أن تصل العقوبة إلى «الاعتقال المؤبد إذا لجأ الفاعل إلى العنف». وبفضل دعم حلفائها خصوصاً روسيا، باتت القوات الحكومية تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلاد، فيما لا تزال مناطق رئيسية خارجة عن سيطرتها، أبرزها مناطق نفوذ الأكراد في شمال وشمال شرقي البلاد، ومناطق سيطرة الفصائل المقاتلة والمعارضة في شمال غربي سوريا ومحيطها.
ومنذ عقود سبقت اندلاع النزاع عام 2011، تفرض السلطات قيوداً على حرية الرأي والتعبير وتلاحق المعارضين والكتّاب والمفكرين.
وقال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تقرير الشهر الحالي إن السكان «في أنحاء البلاد... عاشوا في خوف من التعرّض للاعتقال بسبب التعبير عن آرائهم، أو الانتماء إلى حزب سياسي معارض، أو نقل الأخبار للإعلام أو الدفاع عن حقوق الإنسان».
وجاءت التعديلات القانونية في وقت يزداد امتعاض السكان في مناطق سيطرة الحكومة من تداعيات الانهيار الاقتصادي الذي جعل الغالبية الساحقة من السكان تحت خط الفقر ويكافحون لتأمين احتياجاتهم الرئيسية.
وفاقم الغزو الروسي لأوكرانيا الأزمة الاقتصادية، مع ارتفاع أسعار السلع، في وقت تعتمد دمشق على حليفتها موسكو من أجل توفير احتياجاتها من القمح.
في المقابل، قال موقع «روسيا اليوم»، إنه «في خطوة لافتة» أصدر الأسد قانونا تضمن تعديلات ألغت عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة في جميع التشريعات السارية، واستبدلتها بعقوبة السجن المؤقت والمؤبد.
وفي التفاصيل، ذكرت وكالة أنباء «سانا» أن الرئيس بشار الأسد أصدر «القانون رقم 15 لعام 2022 الذي يتضمن تعديلات على عدد من مواد قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1949 وتعديلاته».
وأفيد في هذا السياق، بأن القانون الرئاسي الجديد رفع «الحدّ الأدنى والأعلى لعقوبة الغرامات التكديرية والجنحية والجنائية. وعدّل المادتين 285 و286 الواردتين في قانون العقوبات بحيث تحدد عقوبة من قام في سوريا بدعوات ترمي إلى المساس بالهوية الوطنية أو القومية أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية بالاعتقال المؤقت ويستحق العقوبة نفسها من نقل في سوريا أنباء يُعرف أنها كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها بث اليأس أو الضعف بين أبناء المجتمع». كما حدد القانون الجديد أيضاً «عقوبة كل سوري يذيع أنباء كاذبة أو مبالغاً فيها من شأنها أن تنال من هيبة الدولة أو مكانتها بالحبس ستة أشهر على الأقل ويستحق العقوبة نفسها، بحسب القانون، كل سوري يُذيع أنباء من شأنها تحسين صورة دولة معادية للمساس بمكانة الدولة السورية. ويُعاقب بالحبس سنة على الأقل كل سوري قام بكتابة أو خطاب يدعو فيه إلى اقتطاع جزء من الأرض السورية أو التنازل عنها».
إلى ذلك، «شدّد القانون الجديد العقوبات المفروضة على مرتكبي سرقة السيارات أو محتوياتها أو أي من أجزائها الخارجية، وكذلك على مرتكبي سرقة الدراجات الآلية».
وزاد موقع «روسيا اليوم» أن مجلس الشعب (البرلمان) السوري أقر مشروع القانون المتضمن تجريم التعذيب وأصبح قانوناً. وتضمنت المواد الواردة في مشروع القانون تعريف مفهوم جريمة التعذيب، وعدداً من العقوبات بحق مرتكبيها. ونقلت وكالة «سانا» عن وزير العدل أحمد السيد أن «سوريا من الدول التي صدقت على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.