كيف تخطط ألمانيا لإعادة بناء جيشها؟

المستشار الألماني أولاف شولتز تعهد بتخصيص ميزانية مقدارها 100 مليار يورو للجيش (إ.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتز تعهد بتخصيص ميزانية مقدارها 100 مليار يورو للجيش (إ.ب.أ)
TT

كيف تخطط ألمانيا لإعادة بناء جيشها؟

المستشار الألماني أولاف شولتز تعهد بتخصيص ميزانية مقدارها 100 مليار يورو للجيش (إ.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتز تعهد بتخصيص ميزانية مقدارها 100 مليار يورو للجيش (إ.ب.أ)

تواجه ألمانيا مهمة صعبة لتحديث جيشها، وهو أمر تعهدت بالقيام به غداة الغزو الروسي لأوكرانيا؛ نظراً إلى معداته المتقادمة والبيروقراطية المتجذرة والجنود الذين يفتقرون الحافز.
وبعد 3 أيام من بدء الهجوم، تعهد المستشار الألماني، أولاف شولتس، في خطاب تاريخي بتخصيص ميزانية قدرها 100 مليار يورو للجيش، وزيادة الإنفاق السنوي على الدفاع ليشكل أكثر من اثنين في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.
وبينما ينعش الحديث عن زيادة الإنفاق العسكري قطاع صناعة الأسلحة، تسلط وكالة الصحافة الفرنسية الضوء على حال الجيش الألماني المعروف بـ«بونديس فير»، وتنظر في الطريقة التي ستوظَّف من خلالها الأموال فيما تسعى أكبر قوة اقتصادية في أوروبا لإعادة التسلح في تحول تاريخي في سياستها.
في الساعات الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا، أحدث قائد الجيش البري الألماني، ألفونس مايس، هزة عبر البلاد بإعلانه أن «الخيارات التي يمكننا عرضها على السياسيين لدعم (حلف شمال الأطلسي) محدودة للغاية». وكتب على شبكة «لينكد إن» الاجتماعية أن الجيش الألمانية «عارٍ تقريباً».
بدورها؛ أعلنت مفوضة الدفاع الألمانية، إيفا هوغل، في آخر تقرير سنوي لها عن «بونديس فير»، أن الجيش في وضع «مقلق».

وحالياً؛ لا يملك الجيش القدرة حتى على القيام بوظيفته الأساسية المتمثلة في الدفاع عن ألمانيا في حال تعرضها لهجوم، بحسب الخبير الدفاعي والنائب عن «الحزب الديمقراطي الحر» الليبرالي ماركوس فابر.
وأُنهك الجيش الذي أُسس عام 1955 جراء تدابير التقشف التي اتخذت على مدى سنوات.
ووفق تقرير نشر في ديسمبر (كانون الأول) بشأن حال الجيش، فإن أقل من 30 في المائة من السفن التابعة للبحرية الألمانية «تعمل بشكل كامل»، بينما العديد من المقاتلات في وضع لا يسمح لها بالطيران.
أما بالنسبة للمعدات البرية؛ فلا تعدّ غير 40 من 350 مركبة قتالية من طراز «بوما» «مؤهلة للحرب».
وحتى وإن امتلك المعدات، فلا يملك الجيش الألماني ما يكفي من الجنود لتشغيلها؛ فبوجود 180 ألف جندي في صفوفه (مقارنة مع 500 ألف عام 1990)، يعدّ عديد قواته أقل بآلاف عن الأعداد اللازمة لمواجهة أي غزو.
تعتقد هوغل أنه بدلاً من الاكتفاء بإنفاق المال لشراء معدات جديدة، «ينبغي تحديث الخطط والهياكل التي تجري عبرها عمليات الشراء» أيضاً لإحداث تغير حقيقي.
يقوم الجيش على أساس لا مركزي بترك الإشراف على بناء وإصلاح المباني للسلطات المحلية، مما يعني أنه حتى أبسط المشاريع قد يستغرق سنوات.
وهناك العديد من الأمثلة لثكنات تفتقد المرافق الصحية والمقابس الكهربائية والمياه الساخنة أو حتى مياه الشرب. وفي إحدى الحالات، استغرقت عملية تجديد ثكنة 23 عاماً.
وقالت هوغل في تقريرها: «لا يؤدي ذلك إلى إحباط في صفوف الجنود فحسب؛ بل يؤدي أحياناً أيضاً إلى فقدان الثقة بالعملية السياسية».

وواجه مكتب المشتريات المركزي؛ ومقره كوبلنتس والذي يوظف نحو 10 آلاف شخص، انتقادات لاعتباره بطيئاً للغاية ومشتتاً.
وقال فابر إنه «حتى بالنسبة لعمليات الشراء الأصغر، وضعت إجراءات مرهقة على مدى السنوات».
وينتظر الجيش الألماني منذ سنوات الحصول على بنادق جديدة مكان تلك المتقادمة من طراز «جي36». وطور العديد من المصنعين أسلحة جديدة، لكن العملية متوقفة.
وأما «قوة المشاة الجبلية» التي تعد من قوات النخبة، فتحتاج بشدة إلى زلاجات جديدة، بينما كان يتعين منذ زمن طويل أيضاً استبدال مظلات الجيش التي عفا عليها الزمن.
ولتحسين الوضع، تفكر الحكومة في زيادة الإنفاق بما يفوق الحاجة لعرض مناقصات.
أعلنت ألمانيا بالفعل أنها ستستبدل بمقاتلاتها القديمة من طراز «تورنادو» أسطولاً جديداً من مقاتلات «الشبح» الأميركية «إف35» وطائرات «يوروفايتر»، تكلف كل منها نحو 100 مليون يورو.
كما تراهن على مقاتلات «سكاف» الأوروبية على الأمد البعيد، وتريد شراء مسيّرات مقاتلة من إسرائيل، وهو خيار كان الائتلاف الحاكم يرفضه إلى أن غزت روسيا أوكرانيا.
كما تسعى ألمانيا إلى شراء منظومة مضادة للصواريخ من إسرائيل يمكنها توفير غطاء حماية لها ولدول الاتحاد الأوروبي المجاورة.
وتبلغ تكلفة نظام «آرو3» الإسرائيلي الذي تفكر برلين في حيازته نحو ملياري يورو (2.2 مليار دولار) ويمكن أن يبدأ تشغيله عام 2025.

ويمكن تركيب نظام الرادار المقابل له في 3 مواقع في ألمانيا لتنقل بيانات الرقابة التابعة له إلى موقع مركزي حيث يراقب الجنود الوضع تحسباً لأي تهديد على مدى 24 ساعة. وفي حال رصد هجوم صاروخي، يطلَق صاروخ «آرو3» لاعتراض الصاروخ في الفضاء وتدميره هناك.
في الأثناء، هناك إمكان حيازة «منظومة قتالية برية رئيسية»، وهي دبابة أوروبية جديدة تستخدم في المعارك، لكن ليس قبل عام 2035.
سيتعين أيضاً الاستبدال بمروحيات النقل المستخدمة حالياً، على الأرجح مروحيات «شينوك» الأميركية.
وفي المجمل، سيستغرق تطوير جميع معدات الجيش لتتوافق مع المعايير الحديثة «ما يصل إلى 8 سنوات»، بحسب فابر، علماً بأن الأمر لا يروق لكثيرين في ألمانيا.
ووقع نحو 600 شخصية عامة من سياسيين وشخصيات دينية وفنانين عريضة على الإنترنت الأسبوع الماضي للتنديد بما وصفوه بـ«سباق تسلح»، وحذروا من أن الإنفاق في هذا المجال سيؤدي إلى خفض الإنفاق على قطاعات أخرى.



بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.