الأمم المتحدة: لبنان يواجه «حالة طوارئ» في قطاع التعليم

رئيس الحكومة اللبنانية خلال احتفال اختتام مشروع إعادة تأهيل 280 مبنىً تعليمياً في بيروت أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة اللبنانية خلال احتفال اختتام مشروع إعادة تأهيل 280 مبنىً تعليمياً في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: لبنان يواجه «حالة طوارئ» في قطاع التعليم

رئيس الحكومة اللبنانية خلال احتفال اختتام مشروع إعادة تأهيل 280 مبنىً تعليمياً في بيروت أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة اللبنانية خلال احتفال اختتام مشروع إعادة تأهيل 280 مبنىً تعليمياً في بيروت أمس (أ.ف.ب)

يواجه لبنان «حالة طوارئ» في قطاع التعليم بعدما أثقلت أزمات متلاحقة كاهل إدارات المدارس والمعلمين والطلاب على حد سواء.
وقالت المسؤولة في «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)» في بيروت، ميسون شهاب، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن راهناً في حالة طوارئ. التعليم في لبنان في أزمة؛ لأن البلاد تعيش في أزمة».
وجاءت تعليقاتها على هامش احتفال المنظمة، الاثنين، باختتام مشروع إعادة تأهيل 280 مبنىً تعليمياً في بيروت، تضررت جراء انفجار مرفأ بيروت المروع في 4 أغسطس (آب) 2020، بقيمة إجمالية بلغت 35 مليون دولار.
وكانت المديرة العامة للمنظمة، أودري أزولاي، زارت بيروت إثر الانفجار، وأطلقت مبادرة دعت بموجبها المجتمع الدولي إلى تمويل أعمال التعافي مع التعليم والثقافة والتراث بوصفها أولويات رئيسية.
وتسبب الانفجار؛ الذي أودى بحياة أكثر من مائتي شخص وأصاب أكثر من 6500 بجروح محدثاً دماراً واسعاً في المرفأ وأحياء من العاصمة، في تعطيل تعليم 85 ألف طالب على الأقل، وألحق دماراً وأضراراً بعشرات المدارس والجامعات ومراكز التدريب، وفق «اليونيسكو».
ورغم أن قاعات التدريس باتت جاهزة لاستقبال الطلاب والمدرسين، فإن معاناة القطاع التعليمي جراء تبعات الانهيار الاقتصادي، والتي فاقمتها تدابير «كورونا»، ما زالت مستمرة.
وقالت شهاب: «لا تمتلك المدارس التمويل الكافي للعمل كما ينبغي، ولا يحظى المدرسون برواتب كافية للعيش برخاء، ولا تتوفر للطلاب وسائل النقل بسبب ارتفاع أسعار الوقود». وتابعت: «يؤثر ذلك كله على جودة التعليم».
بعد عامين من انهيار اقتصادي غير مسبوق، صنفه البنك الدولي من «بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850»، فقدت الليرة أكثر من 90 في المائة من قيمتها، وتآكلت القدرة الشرائية للسكان الذين باتوا عاجزين عن توفير احتياجاتهم الأساسية.
منذ مطلع السنة الدراسية، ترفع المؤسسات التربوية، لا سيما الخاصة، صرختها لعدم قدرتها على تأمين تكلفة التدفئة والتشغيل مع ارتفاع أسعار الوقود وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، ولا على زيادة رواتب المدرسين بالشكل المطلوب.
في المقابل، يعجز الأهالي عن دفع الأقساط المدرسية الآخذة في الارتفاع وتوفير تكلفة النقل.
وقالت «منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)»، في تقرير مطلع العام، إن نسبة الالتحاق بالمؤسسات التعليمية انخفضت من 60 في المائة خلال العام الدراسي السابق إلى 43 في المائة خلال العام الحالي.
وتخوض الحكومة الحالية منذ أشهر نقاشات مع صندوق النقد الدولي من أجل التوافق على خطة إنقاذية تتضمن إصلاحات جذرية في قطاعات عدة، مقابل حصولها على دعم مالي. لكنها لم تحرز أي تقدم بعد.
وأعربت مساعدة المديرة العامة لـ«اليونيسكو» للتربية، ستيفانيا جيانيني، عن تفاؤلها إزاء استمرار المجتمع الدولي في دعم قطاع التعليم في لبنان.
وقالت للوكالة على هامش مشاركتها في اختتام «اليونيسكو» مشروع إعادة تأهيل المؤسسات التربوية: «أعلم أن الأزمة الاقتصادية لا تزال تؤثر بشكل كبير على البلد، لكنني على ثقة أيضاً بأن لبنان لن يُترك... على وقع الأزمات الكبرى في العالم».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.