لجان البرلمان اللبناني تسقط «الكابيتال كونترول» مجدداً

مجلس الوزراء يبحثه غداً... وتخوف من عدم إقراره قبل الانتخابات

لبنانية تشتري زينة رمضان أمس في ظل أزمة اقتصادية حادة (أ.ب)
لبنانية تشتري زينة رمضان أمس في ظل أزمة اقتصادية حادة (أ.ب)
TT

لجان البرلمان اللبناني تسقط «الكابيتال كونترول» مجدداً

لبنانية تشتري زينة رمضان أمس في ظل أزمة اقتصادية حادة (أ.ب)
لبنانية تشتري زينة رمضان أمس في ظل أزمة اقتصادية حادة (أ.ب)

سقط مشروع جديد لقانون «الكابيتال كونترول» في اللجان النيابية اللبنانية قبل أن يصل إلى الهيئة العامة، التي كان يفترض أن تبحثه اليوم، لكن اللجان رمت الكرة في ملعب مجلس الوزراء ودعته لإرسال مشروع متكامل بدلاً من تقديمه كاقتراح قانون من قبل نائب مقرب من رئيس الحكومة.
وأعلن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي بعد ترؤسه اجتماع اللجان المشتركة أمس، عن «توصية للحكومة بأن تذهب في اتجاه صوغ مشروع قانون متماسك تأتي به إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره، آخذة في الاعتبار المصلحة العليا للمودعين».
وفيما تتجه الأنظار إلى ما ستقوم به الحكومة التي تعقد جلسة لها غداً (الأربعاء)، تعبّر مصادر نيابية عن خشيتها من أن يكون إقرار «الكابيتال كونترول» بات صعباً قبل الانتخابات النيابية في 15 مايو (أيار) المقبل بحسب ما تقول لـ«الشرق الأوسط». وتعتبر أن «الكرة اليوم في ملعب الحكومة التي عليها تقديم المشروع بالطريقة القانونية إلى البرلمان وليس بالصيغة التي قدّمت فيها بشكل ملتبس»، متوقعة أن يكون «الكابيتال كونترول» رغم سقوطه محوراً أساسياً في النقاشات التي ستسجل في جلسة البرلمان اليوم الثلاثاء. في المقابل، تنفي مصادر قريبة من رئاسة الحكومة التسليم بعدم إقراره قبل الانتخابات، إلا إذا كان «هناك قطبة مخفية لا نعرفها»، حسب قولها، فيما يؤكد النائب نقولا نحاس أن الكابيتال كونترول سيكون حاضراً في جلسة الحكومة التي ستعقد غداً في القصر الرئاسي وسيقره مجلس الوزراء ويحال إلى البرلمان». وترد المصادر على من يقول إنه يصعب عقد جلسة برلمانية مع انشغال النواب في حملاتهم الانتخابية، بالقول: «عندها المسؤولية تقع عليهم»، مؤكدة أنه يمكن عقد جلسة خلال الدورة العادية التي بدأت في 22 مارس (آذار) الحالي وتنتهي في نهاية مايو. ويوضح النائب نحاس لـ«الشرق الأوسط» أن «الاعتراض على الصيغة في اللجان النيابية كان من حيث الشكل وطلب النواب أن تقدمه الحكومة كمشروع وفق القانون، وهو ما سيتم العمل عليه في جلسة الحكومة غداً على الأرجح»، رافضاً الجزم باحتمال أن تدخل الحكومة تعديلات عليه أم لا، ومعتبرا أن الملاحظات التي تحدث عنها النواب تعبّر عن آرائهم ولا تعني أن الكتل التي يمثلونها سترفضه في البرلمان».
والاعتراض على صيغة «الكابيتال كونترول» المقدمة من الحكومة جاء في اجتماع اللجان النيابية على لسان عدد من النواب الذين يمثلون كتلاً مختلفة، وهم إضافة إلى اعتراضهم عليه من حيث الشكل اعتبروا كذلك أنه لا يحفظ حقوق المودعين واقتصار القرارات في لجنة تشكل من رئيس الحكومة وعدد من الوزراء وحاكم مصرف لبنان. وينص المشروع على اقتراح إنشاء لجنة خاصة برئاسة رئيس الحكومة أو وزير ينوب عنه، وتضم وزير المالية، وزير الاقتصاد والتجارة وحاكم مصرف لبنان، وتكون مسؤولة عن إصدار التنظيمات التطبيقية المتعلقة بشكل أساسي فيما يتعلق بحظر نقل الأموال عبر الحدود وبالتحاويل وبمدفوعات الحساب الجاري وبعمليات القطع، وتحديد سقوف للحسابات النقدية وبإعادة الأموال المتأتية عن عائدات الصادرات وغيرها من التدابير الخاصة المتعلقة بسعر صرف العملات الأجنبية وسواها.
وطالب رئيس لجنة المال والموازنة النائب في «التيار الوطني الحر» إبراهيم كنعان الحكومة بـ«إرسال ما اتفقت عليه مع صندوق النقد الدولي بمشروع قانون مفصل ومعلل، فيه أسباب موجبة، ونحن نتعهد أنه في أيام قليلة سندرس الصيغة حسب الأصول»، وسأل: «هل يجوز أن تصبح عملية إقرار ليرة للمودعين مربوطة بلجنة تتشكل من وزير حكومة ووزير مالية وحاكم مصرف لبنان؟ هل يعقل أن تختصر هذه اللجنة القضاء؟».
وانتقد النائب في «حركة أمل» علي حسن خليل طريقة طرح صيغة الكابيتال كونترول وقال بعد الجلسة: «منذ ثلاثة أيام وزع اقتراح، اليوم وزع اقتراح مغاير له أو مختلف عنه في بعض التفاصيل بطريقة تدفع إلى طرح الكثير من علامات الاستفهام».
ورداً على سؤال عما إذا كانت الصيغة المقدمة تلقى موافقة صندوق النقد الدولي، قال خليل: «هذا الالتباس الأساسي. نحن معنيون أولاً بموقف الحكومة، الحكومة معنية بالتنسيق مع صندوق النقد، اليوم ما سمعناه يقترب من حدود موافقة صندوق النقد. وهذا أمر يطرح أيضاً علامة استفهام. إذن ليس مشروع صندوق النقد الكامل وليس مشروع الحكومة بل نناقش اقتراحا هجينا لا أحد يستطيع الدفاع عنه... لا يوجد أب حقيقي لهذا المشروع ليدافع عنه، من هنا مطلبنا أن تقر الحكومة هذا الموضوع».
ولم يختلف موقف «حزب الله» الذي عبّر عنه النائب حسن فضل الله بقوله: نحن أمام اقتراح (كابيتال فورمات) لأموال المودعين وليس كابيتال كونترول، وهذا الاقتراح الهجين ليس مقبولاً بالشكل والمضمون، لأن المطلوب كان إقرار كابيتال كونترول لوقف التحويلات إلى الخارج منذ 3 سنوات».
وعبّر النائب بلال عبد الله عن موقف «اللقاء الديمقراطي»، مؤكداً على أهمية إقرار قانون الكابيتال كونترول، وتحدث عن ملاحظات كثيرة «على الورقة التي بين أيدينا ولا سيما ما يخص صغار المودعين والصناعيين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».