انتخابات فرنسا... ماكرون ينام على {حرير استطلاعات الرأي}

منافساه من اليمين المتطرف واليسار المتشدد... واضمحلال الحزبين التاريخيين اليمين الديغولي واليسار الاشتراكي

الرئيس ماكرون خلال حملته الانتخابية أمس في مدينة ديجون (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون خلال حملته الانتخابية أمس في مدينة ديجون (أ.ف.ب)
TT

انتخابات فرنسا... ماكرون ينام على {حرير استطلاعات الرأي}

الرئيس ماكرون خلال حملته الانتخابية أمس في مدينة ديجون (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون خلال حملته الانتخابية أمس في مدينة ديجون (أ.ف.ب)

انطلقت أمس، رسمياً الحملة الرئاسية في فرنسا لأسبوعين يفضيان إلى الجولة الأولى يوم الأحد 14 أبريل (نيسان)، تتبعها جولة ثانية في 24 الشهر نفسه. وثمة إجماع في الوسطين السياسي والإعلامي على أن انتخابات الربيع الحالي لا تشبه أياً من سابقاتها. فهي من جهة تحصل في ظل حرب شعواء على أراضي القارة الأوروبية (أوكرانيا)، وهي من جهة ثانية تجري فيما فرنسا لم تتخلص بعد من جائحة «كوفيد - 19» ومتحوراتها، لا بل إن أعداد الإصابات عادت لترتفع بشكل حاد. ونتيجة تداخل هذين العاملين بقي أهم استحقاق ديمقراطي في فرنسا إلى حد بعيد هامشياً، إذ إن الأنظار ما زالت تتجه إلى ما يحصل ميدانياً ودبلوماسياً في الحرب الروسية على أوكرانيا، خصوصاً أن انعكاساتها تمس المواطن العادي، أكان ذلك في الارتفاع الحاد لأسعار مشتقات الطاقة أو أسعار الكهرباء، إضافة إلى السلع الأخرى بكل أنواعها. وجاء التهديد النووي ليضاعف قلق الشارع الذي أخذ يتحرك في الأيام الأخيرة بعد أن كانت أنشطة المرشحين الرئاسيين وبرامجهم وتصريحاتهم ووعودهم بعيدة عن أن تلقى أذناً صاغية. وما ضاعف من هامشية الحملة الانتخابية أن الرئيس إيمانويل ماكرون لم يعلن ترشحه رسمياً إلا في اليوم الأخير المتاح، وفق قانون الانتخابات، بحيث إن المرشحين الأحد عشر كانوا يتبارزون في فراغ، لأن المرشح الرئيسي (ماكرون) مأخوذ بالحرب في أوكرانيا وبالوساطة التي يحاول القيام بها من أجل وضع حد لهذه الحرب. ولعل أفضل دليل على ذلك أنه كان مرتهناً نهاية الأسبوع الماضي لثلاثة أيام في بروكسل من أجل ثلاث قمم (أطلسية وأوروبية ومجموعة السبع). ورفض ماكرون قطعياً قبول المبارزات التلفزيونية قبل الجولة الأولى كما أنه يقوم بحملته من بعد، حيث إنه لم يشارك في أي مهرجان انتخابي حتى اليوم، واكتفى بثلاثة {لقاءات} محصورة ومؤطرة.
ويرى كثيرون أن ماكرون يستطيع النوم على حرير استطلاعات الرأي التي تمنحه المرتبة الأولى في أولى الجولتين، كما تتوقع فوزه في الدورة الحاسمة. ويفيد آخر استطلاع نشرت نتائجه صحيفة {لو موند} المستقلة في عددها ليوم أمس، بأن ماكرون يمكن أن يحصل على 28 في المائة من الأصوات، متقدماً على منافسته مرشحة اليمين المتطرف مارين لو بن التي يمكن أن تحصل على 17.5 في المائة من الأصوات، فيما يحتل مرشح اليسار المتشدد أو {الاتحاد الشعبي} جان لوك ميلونشون على 14 في المائة. وأياً كان منافس ماكرون في الجولة الثانية، فإن الرئيس الحالي سيفوز بولاية جديدة من خمسة أعوام، بحيث يسير بذلك على خطى من سبقه من رؤساء الجمهورية الخامسة؛ أمثال الجنرال شارل ديغول والاشتراكي فرنسوا ميتران واليميني جاك شيراك. في المقابل، فشل جيسكار ديستان (يمين الوسط) ونيكولا ساركوزي (يمين) في البقاء بقصر الإليزيه، بينما امتنع الرئيس فرنسوا هولند (اشتراكي) من الترشح لولاية ثانية بسبب انهيار شعبيته وسطوع نجم ماكرون وتمرد رئيس حكومته وقتها إيمانويل فالس الذي قطع عليه درب الترشح.
وإذا كانت استطلاعات الرأي توفر صورة وقتية لحالة الرأي العام، فإنها لا تعني أبداً أن الأمور ستبقى جامدة لا تتحرك. ثمة ثلاث ديناميات فاعلة: الأولى تخص مارين لو بن التي تأمل في أن يكون خوضها المنافسة للمرة الثالثة مختلفاً عن المرتين السابقتين. ورغم أن ترشح أريك زيمور المتموضع على أقصى اليمين المتطرف الشعبوي حرمها من نسبة مهمة من الأصوات، فإنها نجحت في أن تستعيد موقعها وتفرض نفسها بوصفها المنافس المرجح لماكرون. لو بن لم تغير حرفاً في برنامجها الانتخابي المتأصل في اليمين المتطرف. إلا أنها في المقابل سعت لتلميع صورتها لدى الناخبين وتشذيب خطابها والابتعاد عن الاستفزازات والطروحات التقليدية لليمين المتطرف. ولعل آخر ما ابتدعته مع المشرفين على حملتها الانتخابية اختيارها ملف القدرة الشرائية للمواطن لتجعل منه حصان طروادة الذي تأمل في أن يقودها إلى الجولة الثانية وما وراءها. وتعتبر لو بن أنها تجاوزت الخطر المتمثل في أريك زيمور الذي تسبقه بسبع نقاط، لا بل إنه أسدى لها خدمة سياسية بحيث برز اعتدالها مقابل تطرفه. وبحسب استطلاع الرأي المشار إليه، فإن ملف القدرة الشرائية يمثل الاهتمام الأول للمواطن الفرنسي، وذلك بنسبة 54 في المائة، تليها الحرب في أوكرانيا (36 في المائة) فالبيئة (27 في المائة) وملف المهاجرين (النسبة الأخيرة نفسها). وتراهن لو بن على استجلاب أصوات زيمور (11.5 في المائة) ونسبة من أصوات مرشحة اليمين الكلاسيكي فاليري بيكريس التي تراوح مكانها (10 في المائة)، لا بل إنها خسرت كثيراً من شعبيتها بعد أن كان مقدراً لها أن تكون هي منافسة ماكرون، نظراً للدور التقليدي لليمين الفرنسي في إدارة شؤون البلاد. لكن مشكلتها أن ماكرون أحدث وصوله إلى السلطة عام 2017 زلزالاً مدوياً، لأنه تخطى الأحزاب، وأهمها اثنان: اليمين الكلاسيكي (حزب الجمهوريون) والحزب الاشتراكي اللذان تناوبا على حكم فرنسا منذ تأسيس الجمهورية الخامسة عام 1958 ونسفهما من الداخل. ثم إن ماكرون يقود وينفذ سياسة يمينية الطابع؛ والدليل على ذلك، من جهة، السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي اتبعها منذ خمس سنوات، وكذلك برنامجه للسنوات الخمس المقبلة، ومن جهة ثانية الهوية السياسية لمن يحكمون معه. فرئيس حكومته ووزير الاقتصاد ووزير الداخلية وكثيرون غيرهم جاءوا إليه من اليمين، كما أن شخصيات يمينية فاعلة ومرموقة أعلنت دعمها له، وبالتالي فإن التوقعات تفيد بأن بيكريس، الوزيرة السابقة ورئيسة منطقة {إيل دو فرنس} (أي باريس وجوارها) ستصاب بهزيمة ماحقة ستتردد أصداؤها في الانتخابات التشريعية اللاحقة وفي إعادة تشكيل المشهد السياسي يميناً.
مفاجأة الحملة الثانية عنوانها جان لو ميلونشون الذي يتقدم شيئاً فشيئاً في استطلاعات الرأي، وينجح في اجتذاب مزيد من المواطنين إلى مهرجاناته الانتخابية. ويراهن ميلونشون على قدرته على اجتذاب أصوات آن هيدالغو، مرشحة الحزب الاشتراكي (مرشحته يمكن أن تحصل على 2 في المائة)، أو أصوات المرشح الشيوعي فابيان روسيل (3.5 في المائة). كذلك يأمل ميلونشون في أن يجتذب إليه نسبة من الأصوات التي تصب حتى اليوم لصالح لو بن من الطبقة العمالية. ويطرح ميلونشون برنامجاً حكومياً يمثل قطيعة مع السياسات المتبعة حتى اليوم عن طريق رفع قيمة الحد الأدنى للأجور وفرض ضريبة الثروة وتعزيز التقديمات الاجتماعية والصحية وتجميد أسعار السلع الأساسية وخفض سن التقاعد لستين عاماً ومجانية التعليم من الحضانة حتى الجامعة... وميلونشون، مرشح حزب {فرنسا المتمردة} يخاطب الناخبين من فوق رأس المرشحين ويدعو لاتحاد شعبي جامع. وثمة من يعتقد أن الأخير يمكن أن يكون الرجل الثاني، إذ إنه يحصل اليوم على 14 في المائة من الأصوات، ويكفيه أن تتراجع شعبية لو بن بعض الشيء، أو أن ينجح في الترويج لمبدأ {الاقتراع المفيد} ليحقق حلم منافسة ماكرون في الجولة الثانية.
بيد أن الأخير، رغم تراجع شعبيته قليلاً (من 30 إلى 28 في المائة) ما زال المرشح الأوفر حظاً. فإدارته لملف كورونا ونجاحه في تعبئة أوروبا لمواجهة تبعاتها وديناميته الدبلوماسية التي تجلت مرة أخرى، في ملف الحرب على أوكرانيا، كل ذلك يضعه في مصاف فوق مصاف المنافسين. لكن ماكرون يحذر فريقه الانتخابي وحزبه {فرنسا إلى الأمام} ومناصريه من الارتكان إلى ما تقوله استطلاعات الرأي وينبه من مقاطعة الناخبين باعتبار أن نتائج الانتخابات معروفة سلفاً. لذا فإنه ينوي أن يرمي بكامل قواه بالمعركة الرئاسية في الأسبوعين المقبلين رغم تأكيده أنه سيبقى يمارس مهامه الرئاسية وإدارة شؤون فرنسا وحماية الفرنسيين {حتى ربع الساعة الأخير}.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.