التصوير «المفاهيمي» يتوغل في الأمكنة المهجورة بالسعودية

معاذ العوفي لـ«الشرق الأوسط»: 100 صورة في «التشهد الأخير»

العوفي يحاول البحث عن بقايا حياة في الأمكنة المهجورة
العوفي يحاول البحث عن بقايا حياة في الأمكنة المهجورة
TT

التصوير «المفاهيمي» يتوغل في الأمكنة المهجورة بالسعودية

العوفي يحاول البحث عن بقايا حياة في الأمكنة المهجورة
العوفي يحاول البحث عن بقايا حياة في الأمكنة المهجورة

يصعب التوغل داخل الأمكنة المهجورة، لكونها تجربة أشبه بالمغامرة، بيد أنّها تفتح شهية بعض المصورين الذين يجدون ضالتهم في هذه المواقع المثيرة للفضول، وهو ما دفع السعودي معاذ العوفي لخوض هذه التجربة عبر كاميرته التي تجوب الأمكنة المهجورة في السعودية، بحثاً عن الجمال المستتر فيها.
مواقع مثل العلا والدرعية والحناكية وتثليث، تُشكل أبرز محطات العوفي، في تجربة لافتة بهذا المجال، يحكي تفاصيلها لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «أنا لست مصوّراً، بل أرى نفسي مستكشفاً، وشخصاً فضولياً يستخدم التصوير لتوثيق ردة فعل أو بحثاً عن التفاتة مشاعرية، فأنا ألتقط الصورة إذا وجدت ما يحرك أفكاري أو مشاعري». ويكمل: «قدمت أفلاماً مفاهيمية، وأرى أنّ تصويري مفاهيمي»، مع الإشارة لكون هذا النوع من التصوير يركز على توضيح فكرة ما.


                                               معرض «نبوي» في رمضان يتناول وجوه زوار المسجد

وأبان العوفي أنّه لا يشبه المصور التقليدي، معتبراً أنّ التصوير بمثابة الأداة من بين عدة أدوات يتمكن خلالها من إيصال المشاعر إلى الناس أو عكس صدى مشهد يحدث أمامه، مشيراً إلى أنّ أغلب صوره تطرح الأسئلة والمفاهيم، إلى جانب التصوير بهدف توثيق الأماكن الأثرية والنقوش والمباني الحجرية والبيوت المهجورة.
تغوص أعمال العوفي في أنسنة الأماكن المهجورة، وضخ روح الحياة إلى المواقع المنسيّة، وهو أمر يوضح أنّه يبدو غير مقصود من قبله، قائلاً: «ربما يعود ذلك لأنني أبحث فيها عن بقايا حياة»، مشيراً إلى أنّ دافع الرغبة في الاستكشاف يحركه في اتجاهات عدة، لرؤية ما له قيمة في هذه الأمكنة وما تركه البشر فيها من أمور ربما لا يراها الآخرون أو لا يكترثون بها.
- معرض «نبوي»
العوفي الذي يدين بالامتنان للأمير فيصل بن سلمان، أمير منطقة المدينة المنورة، نظير دعمه له منذ بداياته، يستعد لإطلاق كتابه (نبوي) الذي يتناول زوار المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، قائلاً: «هو يدور حول أهل المسجد وزواره والحياة الإنسانية فيه، بعيداً عن جانب العمارة والتاريخ، حيث يركز على وجوه الناس والزوار»، كاشفاً عن معرض يحضر له حالياً، بذات الاسم (نبوي)، يعتزم إطلاقه في مركز المدينة للفنون بالمدينة المنورة، خلال شهر رمضان المقبل.
- «التشهد الأخير»
وللعوفي محطة مهمة، تتمثل في سلسلة «التشهد الأخير» التي عرضها في دول عدة، مثل أميركا وفرنسا وبلجيكا وغيرها، وتعتمد على التقاط الصور للمساجد المهجورة أو المتروكة، قائلاً: «بدأت فيها عام 2014، وصوّرت أكثر من 100 مسجد على مسافة تتجاوز 2000 كيلومتر، في مختلف الطرق التي كنت أمر بها خلال سفري ورحلاتي، بما في ذلك القرى المهجورة التي تركها أهلها».
وبسؤاله عما يستوقفه، يقول: «يستوقفني كل شيء يثير داخلي الأسئلة، هناك ما أراه يطرح عليّ سؤالاً ما، فأنا أبحث عن الأسئلة أكثر من بحثي عن الأجوبة»، مبيناً أنّ الكثير من الأشياء التي يراها مؤخراً في عمله وبحثه كفنان تجعله يقول (أين السؤال؟)، ويردف «تستوقفني الأشياء المتروكة بعد حركة البشر من آثار وطبعات ومن جمال أو ربما تخريب أو إضافة».
- بصمة اليد
المتابع لسيرة العوفي يلحظ اعتماده حركة وضع اليد أمام الصورة في الكثير من اللقطات، وبسؤاله عن دافع ذلك، يجيب: «قبل نحو 5 سنوات تمنيت أن أذهب في رحلة عمرة، ووجدت حينها عند صديق لي سترة للكعبة علقها في بيته، كلوحة، ولشدة حماسي وضعت يدي فوقها، مما بدا وكأني أضع يدي أمام الكعبة، والتقطت الصورة، وبعد ذلك صرت أكرر نفس الحركة في الطبيعة أو الصحراء وغيرها».
وعبر اللمس باليد، يعتقد العوفي أنّ الشعور من الممكن إيصاله إلى الجمادات، ومعرفة ماذا يحس الإنسان من خلالها وما الذي تعكسه داخله، لرغبته الملحة في التواصل معها، مستشهداً ببحوث علمية تشير إلى أنّ الخلايا العصبية في نهاية الأطراف، تبدو مثل العقل في كونها تكشف ما يحس به الإنسان، مضيفاً: «لا يوجد ما هو أقوى من حاسة اللمس».


                                                        أغلب صور العوفي تقدم أسئلة ومفاهيم جديدة

- رحلة المغامرة
لكن ما الذي يعتريه قبل التصوير؟ يوضح العوفي أنّه دائماً ما يكون مسكوناً بحالة البحث عن المغامرة والمجهول والجديد، ويضيف: «أحب أن أجد نفسي في حالة حضور تام عندما أستكشف مكاناً ما، حيث أكون حاضراً وواعياً، من دون التفكير بالماضي أو المستقبل، لذا تشدني الأماكن المهجورة والخالية، لأنّ فيها نوعاً من المغامرة واليقظة العالية إلى جانب الرغبة في الاكتشاف».
وعن أهم الصور التي استطاع التقاطها، يشير العوفي إلى جبل العهين في محافظة الحناكية (ثالث كبرى محافظات منطقة المدينة المنورة)، والممتلئ بالنقوش التاريخية الموغلة في القدم، قائلاً: «هو أشبه بحفلة ملكية، في مشهد مهيب، لذا أعتبره من أهم الآثار التي رأيتها». وينتقل لموقع آخر في محافظة تثليث (جنوب غربي السعودية)، حيث استطاع التقاط صور فريدة في هذا المكان غير المألوف لعدسة المصورين، مع تأكيده على تعطشه الدائم لاكتشاف مواقع جديدة تثير دهشته.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.