عبد اللهيان يواجه انتقادات رغم تمسكه بـ«رفع تصنيف الحرس الثوري»

مقرب من خامنئي شكك في معرفة وزير الخارجية بنطاق مسؤولياته

عبد اللهيان يستقبل إنريكي مورا المنسق الأوروبي للمحادثات النووية في طهران أمس (إ.ب.أ)
عبد اللهيان يستقبل إنريكي مورا المنسق الأوروبي للمحادثات النووية في طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

عبد اللهيان يواجه انتقادات رغم تمسكه بـ«رفع تصنيف الحرس الثوري»

عبد اللهيان يستقبل إنريكي مورا المنسق الأوروبي للمحادثات النووية في طهران أمس (إ.ب.أ)
عبد اللهيان يستقبل إنريكي مورا المنسق الأوروبي للمحادثات النووية في طهران أمس (إ.ب.أ)

تحول رفع تصنيف «الحرس الثوري» من قائمة الإرهاب، من قضية عالقة في مفاوضات فيينا، إلى سجال داخلي بين المحافظين، بعدما أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان تمسكه بالشرط، رغم إشادته بـ«تضحية» قادة «الحرس» في منحه الضوء الأخضر لتجنب أي «عقبة» في مسار إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات.
وقال عبد اللهيان لأول مرة في تصريح لقناة «خبر» إن إسقاط التصنيف «الإرهابي» عن «الحرس الثوري» من «القضايا المهمة في المفاوضات» التي تنهي عامها الأول الأسبوع المقبل. وأوضح أن «المشكلة (راهناً) تكمن في بعض القضايا المهمة العالقة بيننا وبين الولايات المتحدة»، و«التنصيف» هو من القضايا «على جدول الأعمال». وقال إن عدداً من قادة «الحرس» طلبوا من وزارة الخارجية «القيام بما هو ضروري توافقاً مع المصالح الوطنية للبلاد، وفي حال وصلنا إلى نقطة تتم فيها إثارة مسألة (الحرس)، فيجب ألا تكون مسألة (الحرس الثوري) عقبة أمامكم». ووصف هذا الموقف الذي نسبه إلى كبار قادة «الحرس» بأنه «تضحية».
وأثارت رواية عبد اللهيان عن قادة «الحرس» انقساماً واسعاً في الأوساط الإيرانية. وحاول المؤيدون للاتفاق النووي تسليط الضوء على جزء من تصريحات الوزير عن «الضوء الأخضر» الذي حصل عليه من قادة «الحرس»، دون الإشارة إلى تمسكه بضرورة رفع «الحرس». في المقابل، تعرض عبد اللهيان لانتقادات من الأوساط المؤيدة لـ«الحرس الثوري»، وكان في مقدمة المنتقدين، حسين شريعتمداري رئيس تحرير صحيفة «كيهان» وممثل المرشد الإيراني، الذي أبدى استغرابه من تصريح عبد اللهيان.
وكان شريعتمداري يعلق على أسئلة وكالة «فارس»؛ أبرز المنصات الإعلامية لـ«الحرس الثوري». وقال: «كانت تصريحات غريبة وغير متوقعة من شخص في منصب وزير الخارجية»، وذهب أبعد ما ذلك بقوله: «قد تؤدي إلى الاعتقاد بأنه الوزير ليس لديه المعرفة المطلوبة والكافية بشأن القضايا الجارية في نطاق مسؤولياته». وأضاف: «نتوقع من قيادة (الحرس) أن تعلن موقفها بسرعة ووضوح، وأن تعدل تصريحات وزير الخارجية».
وحذر شريعتمداري من أن تفسر تصريحات عبد اللهيان على أنها «مؤشر على احتمال تراجع إيران عن شرط خروج (الحرس) من قائمة الإرهاب». وانتقد على وجه خاص قول عبد اللهيان «ذروة التضحية»، وقال: «أن تنسب هذه التصريحات إلى قادة (الحرس)، فلا يتسق مع أي من الخصائص المعروفة لقادة (الحرس الثوري)، ومن المؤكد أنه كانت لديه أخطاء إملائية»، عادّاً أن ما ورد على لسان عبد اللهيان «اتهام لأبرز مدافعي (...) إيران».
وخاطب شريعتمداري الوزيرَ عبدَ اللهيان بقوله إن «الخطأ الآخر الذي ارتكبته هو أن تسمي الاستسلام تضحية، والأسوأ من ذلك أن تنسب الاستسلام إلى قادة (الحرس)».
ولم يتأخر الرد من عبد اللهيان، الذي لجأ إلى حسابه في شبكة «إنستغرام»، للدفاع عن موقفه بشأن «تضحية» قادة «الحرس»، من دون أن يشير إلى شريعتمداري مباشرة. وقال عبد اللهيان: «من الواضح أنه لا يمكن أن أتحدث بوضوح أكبر عن الموقع المحوري لـ(الحرس)... ما قيل أمس هو نهج كبار القادة الذين لا يتوانون لحظة في تأمين وحماية مصالح الشعب بشرط التوصل إلى اتفاق جيد وقوي ومستدام»، وأضاف: «لا يمكن التوصل إلى مثل هذا الاتفاق إلا مع المراعاة الكاملة لـ(الخطوط الحُمر)، وبديهياته قابلة للتحقق، لهذا؛ فإن الانطباع غير الوارد لبعض الأعزاء من تصريحات أمس، خاطئ؛ لأن القضية ليست تخطي أو المساومة على (الخطوط الحمر) في الأساس». وفي تغريدة على «تويتر»، اتهم ممثل طهران في البرلمان، النائب علي خضريان، الوزيرَ عبدَ اللهيان بإثارة ثنائية «مصالح الحرس» ضد «مصالح الناس»؛ «لأن موضوع المنفعة الشخصية ليس لدى الجماعة (الحرس)... فإنها تعارض المصالح الوطنية وتكمل خطة العدو لإثارة الشقاق بين أركان النظام والشعب. كلمته خاطئة تماماً». وأضاف: «نتوقع من الجهاز الدبلوماسي أن يتصرف في المفاوضات وفق السياسة الحازمة للنظام بإلغاء العقوبات كافة، بضمانات واقعية وعملية (...)؛ لأن البرلمان لن يتنازل ما لم يتأكد من الاتفاق الجيد».
وهذه أول مرة يواجه فيها عبد اللهيان، المحسوب على المحافظين المتشددين والذي تربطه صلات وثيقة بـ«فيلق القدس»، انتقادات حادة منذ توليه منصبه في أغسطس (آب) الماضي.
على نقيض السجال؛ رأي فريق من المحللين الإيرانيين أن عبد اللهيان حاول رفع المسؤولية عن عاتق «الحرس الثوري» في تأخير إنجاز مفاوضات فيينا، كما تتعارض رواية عبد اللهيان عن «مرونة» قادة «الحرس» مع التسجيل الصوتي لوزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف في أبريل (نيسان) العام الماضي، والذي أثار ثنائية «الميدان والدبلوماسية»، منتقداً غياب دور موازٍ بين «الحرس الثوري» ووزارة الخارجية على الصعيد الإقليمي.



قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
TT

قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، رفع مستوى التأهب لمواجهة أي هجوم إيراني مباغت، على الرغم من أن التقديرات تشير إلى «احتمالات ضعيفة للغاية».

وأوضحت مصادر أمنية مقربة منه أن التصريحات المتداولة في واشنطن وتل أبيب بشأن تصاعد التوتر واحتمالية شن هجوم أميركي على طهران لا تعكس بالضرورة قراراً وشيكاً.

وأضافت المصادر أن الرئيس جو بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا مختلف الخيارات والسيناريوهات، بما في ذلك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكن الرئيس لم يتخذ حتى الآن قراراً نهائياً بهذا الشأن.

وأفادت المصادر بأن بعض القوى في الجهاز الأمني الإسرائيلي ترى أن التغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، عقب الضربات التي تلقتها إيران و«حزب الله» اللبناني و«حماس»، التي بلغت ذروتها بانهيار نظام بشار الأسد في سوريا، قد تدفع إيران لاتخاذ إجراءات انتقامية متطرفة ضد إسرائيل.

ومع ذلك، تؤكد التقديرات السائدة بين القيادات الأمنية في تل أبيب أن هذا الاحتمال لا يزال ضعيفاً للغاية. لكن، حرصاً على عدم وقوع مفاجآت، أصدر هيرتسي هليفي توجيهات باتخاذ تدابير احترازية صارمة، بما في ذلك رفع جاهزية سلاح الجو وقوات الدفاع الجوي للتعامل مع أي تطورات محتملة.

تحديات طهران

ويرى المؤيدون لاحتمالية قيام إيران بشن هجوم على إسرائيل في الوقت الراهن أن تدهور الأوضاع الداخلية في طهران يشكل دافعاً لمثل هذا التحرك. ويتجلى هذا التدهور في الانهيار الحاد لقيمة الريال الإيراني، وتصاعد الانتقادات للمسؤولين، وعودة بوادر الاحتجاجات الشعبية، بالإضافة إلى مشكلات التلوث وانقطاع التيار الكهربائي، والضغوط الأميركية المتزايدة. ومن المرجح أن تتفاقم هذه التحديات مع دخول الرئيس الجديد، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، مما يضع حكام إيران أمام تحديات إضافية.

ووفقاً لما نقله موقع «واللا» العبري، فإن ترمب، المعروف بسياساته غير المتوقعة، قد يتخذ خطوات مفاجئة من شأنها خلخلة التوازنات القائمة في المنطقة. وفي السياق ذاته، تناولت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الأحد، هذا الموضوع، مشيرةً إلى أن هذه التحولات تصب في مصلحة إسرائيل، نظراً لدعم ترمب المطلق لها ورفضه القاطع السماح لإيران بتطوير قدراتها النووية.

في هذا السياق، أفادت مصادر أمنية في تل أبيب بوجود «قلق واضح» في إسرائيل والولايات المتحدة من احتمال أن تقدم طهران على اتخاذ «خطوة متطرفة»، رداً على الضربات التي تلقتها أو قد تتلقاها مستقبلاً، تتمثل في التوجه نحو تطوير تسلح نووي بوتيرة متسارعة. وترى تل أبيب وواشنطن أن من واجبهما التدخل بالقوة لمنع هذا السيناريو.

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

خيارات العمل العسكري

وفي تقرير نشره مراسل «أكسيوس» في تل أبيب، باراك رافيد، أشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش مع مستشاريه احتمالية شن هجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية. وأوضح التقرير أن هذا الخيار سيصبح وارداً في حال توافرت معلومات تفيد بأن طهران بدأت بتحقيق تقدم سريع في تطوير أسلحة نووية، وذلك قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، مهامه الرسمية في البيت الأبيض في العشرين من الشهر الحالي.

وجاء في تقرير موقع «واللا» الإلكتروني، الخميس الماضي، أن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، عرض على بايدن «قبل بضعة أسابيع» خيارات لشن عمل عسكري أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في حال تسارع النظام في طهران نحو تطوير أسلحة نووية قبل نهاية ولاية بايدن في 20 من الشهر الحالي، وفقاً لما نقل عن ثلاثة مصادر مطلعة.

وأشار التقرير إلى أن توجيه ضربة أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني خلال فترة يعد فيها بايدن «بطة عرجاء» سيكون بمثابة مقامرة كبرى. فمن جهة، أكد الرئيس الأميركي التزامه بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لكن من جهة أخرى، فإن تنفيذ هجوم كهذا قد ينطوي على خطر نقل أزمة إقليمية أكبر في الشرق الأوسط إلى خليفته، دونالد ترمب.

وذكرت المصادر أن «بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا خلال الاجتماع مختلف الخيارات والسيناريوهات، لكن الرئيس لم يتخذ قراراً نهائياً». وأضافت أن بعض مساعدي بايدن، ومن بينهم سوليفان، «يرون أن تآكل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية والقدرات الصاروخية، إلى جانب الضعف الكبير لوكلاء إيران في المنطقة، قد يعزز فرص توجيه ضربة ناجحة ضد المنشآت النووية، مع تقليل مخاطر الانتقام الإيراني والتصعيد الإقليمي».

وقال الدبلوماسي السابق، داني زاكن، إن «ترمب، يبدو مصمماً على استعادة مكانة الولايات المتحدة كأكبر قوة عالمية. لا يبدو هذا التقدير بعيداً عن الواقع، حيث من المتوقع أن تكون ولايته هذه مختلفة تماماً عن (الولايات العادية) التي شهدتها إدارة الرؤساء الديمقراطيين ومعظم الجمهوريين، وأن التغييرات ستتم بسرعة أكبر وبعظمة أكبر من تلك التي حدثت في ولايته السابقة». وأضاف: «استناداً إلى محادثات أجريتها مع مسؤولين سابقين وآخرين في الإدارة المقبلة، ومع موظف كبير في البنتاغون، إضافة إلى مصدر سياسي إسرائيلي مطلع على الاتصالات مع كبار مسؤولي الإدارة الجديدة، تبدو الأمور أكثر من إيجابية لإسرائيل، ولديها طابع عملي للغاية».

وفيما يتعلق بإيران وإمكانية شن هجوم ضدها، قال زاكن إن هناك نيةً من الإدارة الجديدة لتوسيع وتطبيق العقوبات على صادرات النفط الإيراني إلى الصين، وهو المصدر الأساسي لتمويل النظام في طهران. ومع ذلك، من المحتمل أن يفضل ترمب خوض مفاوضات مع النظام الإيراني على أساس التهديد، بهدف التوصل إلى اتفاق يجبره على التنازل الكامل عن برنامجه النووي تقريباً.

وأضاف: «ترمب ليس من محبي الحروب، بل هو محب للصفقات الكبيرة، ومصمم على تنفيذها بسرعة». وذكر أيضاً: «ترمب يسعى لصفقة كبرى، شاملة، تقوم على أساس (صفقة القرن) من جوانب اقتصادية وأمنية. الرئيس الحالي ليس دونالد ترمب 2017، بل أصبح أكثر نضجاً بكثير، ويعرف خفايا الإدارة. على مدار سنوات إدارة بايدن، تابع عن كثب القضايا المركزية، خصوصاً القضايا الخارجية. وإذا كان قد احتاج إلى عامين في ولايته السابقة لتنفيذ التغييرات الكبرى في الشرق الأوسط، فسيتم ذلك الآن في بداية ولايته».

وحسب مصدر آخر نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن ترمب يسعى إلى اتفاق مع إيران، لكنه يعتمد على إسرائيل للضغط العسكري على طهران، بهدف تسريع تراجعها عن مطالبها السابقة والتوجه نحو اتفاق نووي يرضي جميع الأطراف.