مشرعون يحذرون من استثناء شمال سوريا من «عقوبات قيصر»

«الخارجية» الأميركية تنفي أي تقارب مع النظام

سوق محلي في أريحا شمال غربي سوريا حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية وسط أزمات الوقود العالمية (د.ب.أ)
سوق محلي في أريحا شمال غربي سوريا حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية وسط أزمات الوقود العالمية (د.ب.أ)
TT

مشرعون يحذرون من استثناء شمال سوريا من «عقوبات قيصر»

سوق محلي في أريحا شمال غربي سوريا حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية وسط أزمات الوقود العالمية (د.ب.أ)
سوق محلي في أريحا شمال غربي سوريا حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية وسط أزمات الوقود العالمية (د.ب.أ)

رغم عدم وجود أي تحرك رسمي على الأرض، أو إعلان صادر عن الإدارة الأميركية برفع العقوبات عن النظام السوري، فإن مشرعين جمهوريين في الكونغرس الأميركي حذروا من أي خطوة قد تقدم عليها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في هذا الشأن.
وبدأت حالة «الشد والجذب» بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة، خصوصاً في الشأن السوري، منذ فترة طويلة، وتعود إلى إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وانتهت بموافقة الكونغرس بأغلبية ساحقة على «قانون قيصر»، الذي رسم السياسة الأميركية في التعامل مع الملف السوري.
بيد أن التسريبات الإعلامية والخطابات المتداولة في العاصمة واشنطن، تنبئ بتحرك أميركي في هذا الملف، قد يخالف ما اتُفق عليه في «قانون قيصر»، فقد أخبر البيت الأبيض العديد من العاملين في مراكز الأبحاث بإمكانية رفع بعض «العقوبات المفروضة على النظام السوري»، بمناطق الشمال السوري بكامله، بحجة تحسين الظروف الإنسانية والاقتصادية للسكان في هذه المناطق.
هذه الخطوة دفعت 3 مشرعين جمهوريين في مجلس النواب بالكونغرس، إلى إصدار خطاب موجه إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يتساءلون فيه عن سبب هذه الخطوة التي قد تتخذها الإدارة؛ إذا صحت الأنباء المتداولة. وفي الرسالة التي حملت توقيع كل من: النائب جو ويلسون من ولاية ساوث كارولينا، والنائبة كلاوديا تيني من ولاية نيويورك، والنائب بات فالون من ولاية تكساس، تحذير من خطوة تخفيف العقوبات عن النظام السوري والمناطق التابعة له.
وأفادت الرسالة بأن «قانون قيصر» يسمح بالتعامل مع المساعدات الإنسانية والمنظمات الدولية، وأن أي خطوة إضافية قد تعرض الإدارة إلى مخالفة القانون، مضيفة: «لماذا تأتي هذه الخطوات التي تناقلت تسريباتها وسائل الإعلام، في الوقت الذي لم تحل فيه المشكلة السورية سياسياً؟ وكيف ستضمن الإدارة عندما تسمح للمناطق الشمالية السورية بالإعفاء من العقوبات، ألا يستغل النظام السوري هذا الأمر، ويصبح لديه وصول إلى العملات الأجنبية ويستفيد من ذلك، لذا يجب على الإدارة الأميركية الرد على هذه التساؤلات بشكل جدي».
بدورها؛ نفت وزارة الخارجية الأميركية التساهل والتهاون في فرض العقوبات على نظام بشار الأسد، وكذلك المناطق التابعة لسيطرته، مع التشديد على السير في العملية السياسية التي أقرها مجلس الأمن التابع للأمن المتحدة برقم «2254». وأوضح متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، لـ«الشرق الأوسط»، أن إدارة الرئيس جو بايدن تعارض أي جهود لإعادة الإعمار التي يقودها النظام السوري، وأنها لن تتراجع عن موقفها «الثابت» حيال هذه القضية، حتى يتم إحراز تقدم في العملية السياسية، مؤكداً عدم «رفع أي عقوبات أو تحقيق أي إعفاءات لبشار الأسد ونظامه».
إلا إن المتحدث؛ الذي رفض الإفصاح عن هويته، تجاهل الرد على التسريبات والمخاوف التشريعية من خطورة استغلال النظام السوري رفع العقوبات عن المناطق الواقعة تحت سيطرة «قسد» في الشمال الشرقي، والمعارضة المدعومة من تركيا في الشمال الغربي، مشدداً على أن الإدارة تدعم «المساعدة الإنسانية لسوريا عبر الوسائل كافة؛ بما في ذلك الآلية العابرة للحدود التي أذن بها مجلس الأمن، وسنواصل المناقشات مع جميع أعضاء المجلس حيال هذا الأمر، لكننا نعتقد اعتقاداً راسخاً أن الآلية العابرة للحدود لا تزال لا غنى عنها لضمان وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى السوريين المحتاجين لها».
في تعليق على هذه التطورات، يرى الدبلوماسي السوري السابق في واشنطن بسام بربندي، أن «خطورة هذه الفكرة، لو صحت التسريبات، تكمن في أن البعض من مسؤولي الإدارة الأميركية ممن يتعاملون مع قضايا الشرق الأوسط، يعتقدون أنه لا حل للحروب في بلدان مثل سوريا واليمن، سوى الاعتراف بسلطة الأمر الواقع حتى لو كانت الإدارات في تلك المناطق تخضع لسلطة إرهابية، أو مرتبطة بجماعات إرهابية حسب التصنيف الدولي». ويعتقد بربندي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطورة هذه الفكرة التي يجري الترويج لها هي العمل على إيجاد قواسم اقتصادية مشتركة بين الأطراف المتصارعة في سوريا، حتى تصل في نهاية المطاف إلى حل سياسي يأخذ في الحسبان سلطات الأمر الواقع، ومصالحها حتى لو كانت غير شرعية، وهذا يعني تقسيماً اقتصادياً ثم سياسياً وجغرافياً. وهو قرار يتسق مع وصول الاتفاق النووي الغربي - الإيراني إلى نقطة النهاية السعيدة والأثمان الواجب دفعها لكل طرف ضمن هذا الاتفاق».
يذكر أن صحيفة «المونيتور» الأميركية، كانت أول من نشر عن الخطوة الأميركية المقبلة، والتي من المتوقع أن تعلن إدارة بايدن بموجبها عن إعفاء المناطق التي يسيطر عليها الأكراد والمعارضة في سوريا من العقوبات المفروضة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأن الإعفاءات من «قانون قيصر» تهدف لحماية المدنيين السوريين، وأن تنازل «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية» عن جميع العقوبات للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، لن يشمل النفط والغاز.



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.