ترقب مصري لإجراءات «التقشف الحكومي»

للمرة الثانية بعد الموجة الثانية لـ«كورونا»

معرض للسلع المخفضة في مدينة العريش بشمال سيناء المصرية (رويترز)
معرض للسلع المخفضة في مدينة العريش بشمال سيناء المصرية (رويترز)
TT

ترقب مصري لإجراءات «التقشف الحكومي»

معرض للسلع المخفضة في مدينة العريش بشمال سيناء المصرية (رويترز)
معرض للسلع المخفضة في مدينة العريش بشمال سيناء المصرية (رويترز)

يترقب قطاع واسع مع المصريين «الإجراءات التقشفية» التي قالت الحكومة إنها ستبدأ في تنفيذها مدفوعة بتأثيرات الصراع الروسي - الغربي، وقرارها بزيادة سعر الفائدة محلياً وفقدان العملة الوطنية لجزء من قيمتها أمام الدولار، وهو ما يتواكب مع بدء مفاوضات جديدة بين مصر وصندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قرض جديد. وفيما طمأن مسؤولون رسميون بأن إجراءات التقشف لن تطال برامج الحماية الاجتماعية أو مخصصات الصحة والتعليم التي تعهدت الحكومة باستمرارها، فإن ملامح التقشف وآثاره لا تزال محل ترقب حتى إحالة الموازنة التي يجري تعديلها «بسبب المستجدات» إلى البرلمان. ووفق ما نقلت وسائل إعلام محلية مصرية، أمس، فإن الحكومة «طلبت من جميع الوزراء والمحافظين ومسؤولي الدولة مراجعة ميزانياتهم وممارسة (الانضباط المالي) والتقشف في بعض الحالات اعتباراً من أبريل (نسيان) المقبل». وأقرت الحكومة موازنة «تقشفية»، وخفضت توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي المقبل، وذلك وسط تحذيرات من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، من أن ارتفاع أسعار النفط العالمية «يمثل ضغطا كبيرا للغاية على العملة والدولة». وفيما بدا مؤشراً لمخاوف من تأثر أسعار المحروقات محلياً دعا مدبولي المواطنين إلى «ترشيد استخدام المواد البترولية»، مشيرا إلى أن تضاعف سعر النفط إلى نحو 120 دولاراً للبرميل يعني أن الدولة تدفع الآن أيضاً الضعف مقابل الواردات بنحو مليار دولار شهريا. ولجأت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي، إلى قرار استثنائي مؤقت لتحديد سعر رغيف الخبز في السوق الحر، وذلك لمدة 3 أشهر قد تجدد. وأرجع مدبولي قرار إعادة هيكلة موازنة العام المقبل، إلى «الأوضاع العالمية الحالية وما نشهده من تغيرات اقتصادية متلاحقة»، وموضحاً أن حكومته «وضعت حلولاً وتوقعات للتعامل مع السيناريوهات الأكثر تشاؤما، للتخفيف من حدتها». ومع ذلك فإن الحكومة سعت إلى تبديد المخاوف الاجتماعية جراء التطورات، وأعلنت عن تخصيص 190.5 مليار جنيه (الدولار يساوي 18.24 جنيه للشراء بحسب سعر البنك المركزي المصري أمس) للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لصرف زيادة المعاشات بنسبة 13 في المائة بحد أدنى 120 جنيهاً بدءاً من أول أبريل (نيسان)، فضلا عن تدبير 2.7 مليار جنيه لضم 450 ألف أسرة جديدة للمستفيدين من «تكافل وكرامة». وتعيد الإجراءات التقشفية الحكومية المنتظرة إلى الأذهان تلك التحركات المماثلة التي أقدمت عليها مصر العام الماضي تحسباً للموجة الثانية من فيروس «كورونا المستجد»، وتضمنت الخطة السابقة أهدافاً منها «توفير أوجه الصرف غير الحتمية بنسبة تتراوح بين 20 و50 في المائة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.