مطعم كوشينا.. عبق إيطالي على أطراف القاهرة

أروع بيتزا وباستا على أنغام الغيتار

ديكورات تُذكّر بالحواري الإيطالية  -  أكل إيطالي على أنغام الغيتار
ديكورات تُذكّر بالحواري الإيطالية - أكل إيطالي على أنغام الغيتار
TT

مطعم كوشينا.. عبق إيطالي على أطراف القاهرة

ديكورات تُذكّر بالحواري الإيطالية  -  أكل إيطالي على أنغام الغيتار
ديكورات تُذكّر بالحواري الإيطالية - أكل إيطالي على أنغام الغيتار

من النادر أن تجد مطعما يقدم الطعام الإيطالي بمذاق بلاده الأصلية، بل وينقلك إلى أجوائها، خصوصا البيتزا الإيطالية. فإذا أردت تناول البيتزا الإيطالية الكلاسيكية بمذاق نابولي، حيث ظهرت للوجود لأول مرة، فكل ما عليك هو أن تتوجه مباشرة إلى مطعم كوشينا (Cucina) الإيطالي في فندق «جي دبليو ماريوت» على أطراف القاهرة.
بداية من عربة الطماطم الخشبية ذات الطراز الإيطالي التي تستقبلك في البهو الشمالي للفندق، إلى النافورة الحجرية ذات الطراز الروماني، وتصميم «كوشينا» الذي يشبه الساحات الإيطالية «لا بياتزا» التي تحمل رائحة ميادين روما، واللوحات الفنية والجداريات المرسومة بالبعد الثالث والديكورات الخشبية البسيطة المزينة بالورود والمظلات الحمراء، وعناقيد قرون الفلفل الأحمر، والثوم والطماطم المجففة، والملابس المنشورة على «حبل غسيل» ومعها العلم الإيطالي، جميعها تنقلك إلى حواري نابولي وميلانو، حتى أسماء العاملين بالمطعم (فرانكو، وجوسيبي، ورومانو، وسلفاتوري، وتوتي، وستيفانو، وروبرتو، وجياني، وريكاردو) تجعلك في «الجو».
و«كوشينا» يعني بالإيطالية «المطبخ»، وجميع الطاولات تكشف الفرن الحجري الرئيسي، ويمكنك الاختيار من بين الطاولات الخشبية المتراصة في طابقين. وسواء في ميعاد الغذاء أو العشاء دائما الأجواء مرحة ومفعمة بالحيوية، تجعلك لا ترغب في مغادرة طاولتك، حيث تصاحبك أثناء تناول وجبتك أنغام أشهر الأغاني الإيطالية بل وعزف الغيتار الحي مع أشهر الأغاني الأوروبية في فترة السبعينات والثمانينات التي يعزفها ويغنيها الفنان سليمان، الذي يجول ويطوف بين الطاولات وينتقي لكل زبون الأغنية التي يظن أنها تناسبه، فإذا كنت مع أطفالك فسوف يعزف أغنية مثل «que sera, Oy como va»، ولو كنت مع زوجتك أو خطيبتك فسيختار أغنية رومانسية حالمة مثل «Lady, really love a woman»، والطريف أن البعض يفقد السيطرة أحيانا وينسى الطعام بسبب صوته الرائع وعزفه المحترف ويترك الطاولة ليرقص رقصة ثنائية أو يشارك سليمان الغناء لينال تصفيق جميع رواد المطعم.
يتميز «كوشينا» بقائمة طعام متفردة وغنية لدرجة محيرة؛ ما بين اللحوم أو الأسماك أو البيتزا أو الباستا، ناهيك عن المقبلات اللذيذة. ويقدم المطعم جميع أطباقه مع الخل البلسمي ومبشور الجبن البارميزان وزيت الزيتون وتشكيلة متنوعة من المقرمشات التي تفتح شهيتك على المزيد. كما تقدم الأطباق الرئيسية من الأسماك وفواكه البحر مع الخضراوات السوتيه والبطاطس المحمرة.
ويشرف على مطعم «كوشينا» الشيف الإيطالي جيوفاني سيو الذي جاء من ساساري منذ عدة سنوات، ويتمتع بخفة دم شعوب البحر المتوسط، والطريف أنه أحد المتحمسين جدا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ويؤيده بقوة، بل ويعتبره رئيسه، ويقول دوما في حديثه مع الزبائن «أحب السيسي جدا وأفتخر به، وأتمنى لو أن الرئيس الإيطالي يتعلم من الرئيس السيسي كيف تكون قيادة دولة».
من الأطباق التي يتميز بها الشيف جيوفاني والتي ننصح بتناولها: سمك القاروص مع الليمون وزيت الزيتون والصلصة البيضاء والخضراوات المشوية الطازجة، وصينية الدينيس بالفرن مع صوص الروزماري اللذيذ وشرائح الليمون، والاسباغيتي (فونغولي) مع المحار، والأسوبوكو ألا ميلانزي من اللحم البتلو المطهو بالأعشاب الإيطالية الطازجة، هذا فضلا عن كوكتيلات الجمبري والكاليماري المقلي.
كما يقدم «كوشينا» جميع أنواع البيتزا بأسعار معقولة ومناسبة، بداية من مارغريتا الكلاسيكية والتي تعتبر ثاني أشهر أنواع البيتزا الإيطالية، والتي سميت على اسم الملكة مارغريتا، وهي تعتمد على صوص الطماطم والجبن الموتزاريلا. ومن أصناف بيتزا كوشينا المميزة: بيتزا هاواي من لحم الديك الرومي المدخن مع الأناناس (65 جنيها)، وبيتزا كابريتشوزا المكونة من الديك الرومي المدخن والسلامى وعيش الغراب والخرشوف والزيتون الأسود والبيض (65 جنيها)، وبيتزا نابوليتانا بالأنشوجة والخردل (60 جنيها).
ومن أنواع السلطات المميزة: إنسلاتا دي شيزاري المكونة من الخس الروماني مع كريمة صلصلة السيزار بجبن البارميزان الإيطالي مغطاة بشرائح اللحم البقري المدخن والخبز المحمص بالثوم وقطع الدجاج بسعر (60 جنيها). ومن الأطباق الإيطالية التي لن تجدها إلا في «كوشينا»: أصناف الأرز الإيطالي ريزوتو كوتشينا وهو أرز بفواكه البحر مع الليمون والزعفران (80 جنيها)، وريزوتو آي فانجي بعيش الغراب والخل البلسمي والجرجير (75 جنيها)، وريزوتو آل سالموني آي اسباراجي، وهو عبارة عن أرز مع السالمون الطازج والاسباراجوس (90 جنيها). ليس هذا فحسب، فبعد تناول وجبتك يقدم لك «كوشينا» مجموعة متنوعة من المشروبات الساخنة والباردة.
لا يشترط المطعم الموجود في أحد أفخم فنادق القاهرة ذات الخمس نجوم ملابس كلاسيكية رسمية، ويمكنك ارتداء الملابس الكاجوال، ولكن يفضل الحجز في أيام العطلات خصوصا الجمعة والسبت لأنك لن تجد مكانا لقدم، كما يمكنك اصطحاب أطفالك حيث تقام أيام الخميس والجمعة والسبت أمسية ممتعة لصغار السن يخرجون فيها طاقاتهم إبداعاتهم حيث يصنعون البيتزا الخاصة بهم وبأشكال شخصيات كارتونية شهيرة، مثل: ميكي ماوس.
من أبرز رواد «كوشينا» المطرب الفرنسي إنريكو ماسياس، والمطربان المصريان عمرو دياب وهاني شاكر، والفنانة التونسية هند صبري، والقائمة تطول سواء من مشاهير العالم العرب أو العجم.



المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».