توقيف حركة «التنوير» يثير مخاوف «قمع الحريات» في ليبيا

التحقيقات أكدت اعترافهم بـ«الإساءة للدين»... والأمم المتحدة وصفت الخطوة بأنها «احتجازات تعسفية»

المستشار الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)
المستشار الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)
TT

توقيف حركة «التنوير» يثير مخاوف «قمع الحريات» في ليبيا

المستشار الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)
المستشار الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)

كشف النائب العام الليبي، المستشار صديق الصور، النقاب عن حالة اللغط التي واكبت إعلان حركة «التنوير» الليبية، وقف نشاطها بشكل نهائي بالبلاد، بعد اعتقال بعض أعضائها من قبل جهاز الأمن الداخلي في ظروف غامضة.
وأوضح النائب العام الليبي، أمس، أن التحقيقات التي أُجريت مع 5 متهمين ينضوون ضمن «جماعة سرية» موسومة بحركة «التنوير» التي أُسست على خلاف أحكام القانون، انتهت إلى «اعترافهم بأنهم يدعون لـ(الإلحاد)، ويرفضون الأديان، ويتعمدون الإساءة إلى الدين الإسلامي».
وأورد بيان النائب العام الأحرف الأولى لأسماء المتهمين الخمسة في الحركة التي تضم تجمعاً مدنياً يُعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان في ليبيا، والتي كانت أرجعت وقف نشاطها في البلاد لما سمَّته «افتقار ليبيا لوجود هامش من الحرية يسمح بنقاش القضايا الثقافية والفكرية».
وتعد ليبيا من المجتمعات المحافظة؛ إذ تتمسك غالبية الأسر بالتقاليد الاجتماعية والاحتفالات الدينية الموروثة، فضلاً عن تمسكها بتحفيظ أبنائها القرآن الكريم في كتاتيب.
وفوجئت الأوساط السياسية في ليبيا، بتعميم أصدرته هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالبلاد، نهاية الأسبوع الماضي، لخطباء المساجد، بضرورة التزام الحديث في خطبة الجمعة عن «خطر الإلحاد».
وحرص عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الذي يواجه منافسة من غريمه فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار»، على الدخول على خط الأزمة، وقال عقب افتتاحه مسجد أبورقيبة وسط طرابلس، الجمعة الماضي: «ربي يبعدنا عن هذه الآفة... وهذا الشعب الطيب سنراه يلتف في المساجد خلال شهر رمضان، يكبر ويهلل، ولنا أن نخاف على شبابنا»؛ مضيفاً أن «ليبيا بُنيت على أساس قوي، ولا يمكن إلا أن ترفع راية التوحيد، ولا يمكن أن نرى فيها ملحداً».
في السياق ذاته، قال مكتب النائب العام، إن وكيل النيابة العامة باشر التحقيق في الوقائع التي ظهرت بمحضر جمع الأدلة المرفوع من جهاز الأمن الداخلي، في مواجهة عدد من المتهمين «بارتكاب فعل الترويج للإلحاد داخل المجتمع؛ والإساءة إلى الدين الإسلامي، والتشكيك فيما حفظته الشريعة الإسلامية». وذهب إلى أن «المتهمين اعترفوا بأنهم من دعاة الإلحاد، وتعمدوا الإساءة إلى الدين الإسلامي، والاستهزاء بأحكامه الشرعية؛ وأذاعوا أفكارهم حول إنكار المعتقدات؛ وسعوا لنقل ذلك إلى المجتمع بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي؛ والفاعلية في الملتقيات العلمية والاجتماعية».
ولفت النائب العام إلى أن المتهمين «روجوا لأفكار ونظريات، ترمي إلى تخلي الناس عن الدين الإسلامي، واستجابة عدد من الأشخاص لهم. كما شرعوا في تغيير النظم الأساسية للمجتمع تحت مظلة جماعة أُسست على خلاف القانون».
وأمرت النيابة العامة بعد انتهاء التحقيق معهم بحبسهم احتياطياً؛ وقررت إحالة الأوراق لغرفة الاتهام، تمهيداً لتقديمهم للمحاكمة عن «جريمة الدعوة إلى التخلي عن الدين، وشروعهم في هدم أحد النظم الأساسية للمجتمع».
في المقابل، أعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن شعورها بـ«القلق»، بسبب «حملة القمع المتزايدة التي تمارَس بحق المجتمع المدني في ليبيا».
وقالت المفوضية في بيان أصدرته مساء أول من أمس، إن عناصر من جهاز الأمن الداخلي، وجماعات مسلحة تابعة للدولة، يقومون باحتجازات تعسفية ضد مدافعين عن حقوق الإنسان، وفاعلين في المجتمع المدني، بدعوى حماية «القيم الليبية والإسلامية»، وإخضاعهم للتعذيب والترهيب، بما في ذلك المضايقات اللفظية.
وتحدثت المفوضية عن تعرض 7 أشخاص للاعتقال التعسفي من قبل جهاز الأمن الداخلي في طرابلس الذي أخضعهم للتحقيق، ونشر مقاطع فيديو مسجلة لهم على صفحات «فيسبوك»، يظهرون فيها وهم يدلون باعترافات تؤكد أنهم «ملحدون ولا دينيون وعلمانيون ونسويون»، ويستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لنشر «الإلحاد وازدراء الدين».
وذهبت المفوضية إلى أنها تلقت «ادعاءات بأن هذه الاعترافات تم الحصول عليها بالإكراه، مما يثير مخاوف جدية بشأن الحظر المطلق لممارسة التعذيب»، منوهة إلى أن الاعترافات طالت أيضاً «عدداً من الرجال والنساء، غالبيتهم آثر الاختباء في الوقت الحالي بعد تلقيهم تهديدات بالقتل».
وأثارت مقاطع الفيديو المسجلة التي نُشرت على صفحات «فيسبوك» موجة من خطاب الكراهية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، بحسب المفوضية، إلى جانب تداول قائمة بأسماء نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، ومطالبات بمحاكمة من شملتهم تلك القائمة كمرتدّين، بموجب الشريعة الإسلامية، والحكم عليهم بالإعدام إذا ثبتت إدانتهم.
ودعت المفوضية السلطات الليبية إلى «الوقف الفوري لهذه الحملة العنيفة ضد الليبيين الذين يمارسون حقوقهم الإنسانية ويدافعون عنها»، والإفراج الفوري غير المشروط عن جميع المعتقلين تعسفياً، مع ضمان حماية من «انتُزعت اعترافاتهم تحت الإكراه».
وانتهت المفوضية بدعوة السلطات الليبية لإجراء تحقيقات «فورية وفعّالة في ادعاءات انتهاك حقوق الإنسان، بما في ذلك ادعاءات ممارسة التعذيب، ومحاسبة الجناة المشتبه فيهم»، بمن فيهم أعضاء جهاز الأمن الداخلي.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.