فلسطينيو الضفة ينتخبون مجالسهم البلدية... وغزة تمتنع

الاتحاد الأوروبي وفصائل يطالبون «حماس» بتمكين الغزيين من أداء حقهم في الانتخاب

متظاهرة فلسطينية خلال وقفة احتجاجية في الذكرى 46 ليوم الأرض شرق غزة (أ.ب)
متظاهرة فلسطينية خلال وقفة احتجاجية في الذكرى 46 ليوم الأرض شرق غزة (أ.ب)
TT

فلسطينيو الضفة ينتخبون مجالسهم البلدية... وغزة تمتنع

متظاهرة فلسطينية خلال وقفة احتجاجية في الذكرى 46 ليوم الأرض شرق غزة (أ.ب)
متظاهرة فلسطينية خلال وقفة احتجاجية في الذكرى 46 ليوم الأرض شرق غزة (أ.ب)

انتخب الفلسطينيون في الضفة الغربية مجالسهم البلدية في المرحلة الثانية والأخيرة من الانتخابات المحلية.
وجرت الانتخابات المحلية في الضفة الغربية فقط بعدما رفضت حماس إجراءها في قطاع غزة في خطوة أثارت انتقادات واسعة.
وأدلى الفلسطينيون بأصواتهم في 50 هيئة محلية في جميع محافظات الضفة الغربية بما في ذلك المناطق التي تخضع تحت سيطرة إسرائيل ومنها مركز اقتراع في بلدة جبع التابعة للقدس و12 مركز اقتراع تقع في مناطق الخليل المصنفة بـ(H2).
وقال رئيس لجنة الانتخابات المركزية، حنا ناصر، في المؤتمر الصحافي الذي عقد بمقر اللجنة، بمدينة البيرة، إن هناك إقبالاً لافتاً على صناديق الاقتراع في الضفة الغربية، معرباً عن أسفه لعدم تمكن اللجنة من إجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة، آملاً أن تعقد الانتخابات في القطاع بأقرب وقت ممكن.
وكانت حماس قد منعت كذلك إجراء الانتخابات في مرحلتها الأولى في ديسمبر (كانون الأول) الماضي والتي جرت في 154 هيئة محلية في الضفة.
وتجري الانتخابات المحلية كل 4 سنوات في الضفة، لكن حماس منذ سيطرت على قطاع غزة عام 2007 منعتها هناك. وكانت آخر انتخابات أجريت بشكل مشترك بين الضفة وغزة، في عامي 2004 و2005 على 3 مراحل، ثم أعلنت السلطة أنها تريد إجراء الانتخابات 3 مرات في الأعوام 2010 و2011 من دون أن تجريها فعلاً، ومن ثم في 2012، من دون حماس و2017 من دون حماس كذلك.
ورفضت حماس السماح بالانتخابات المحلية، باعتبار أن الانتخابات لا تتجزأ، وأن أي انتخابات يجب أن تكون شاملة وضمن حوار وتوافق وطني.
وكان من المفترض أن تجري الانتخابات التشريعية والرئاسية في الأراضي الفلسطينية في شهري مايو (أيار) ويوليو (تموز)، غير أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ألغاها بسبب منع إسرائيل إجراءها في القدس، بعد أن تم تسجيل 36 قائمة وهو ما أثار غضباً وخلافات، وهجوماً حاداً من حماس أضر كثيراً بفرص المصالحة، ومشاركتها في الانتخابات المحلية.
وفوراً رحب الاتحاد الأوروبي بالإقبال المرتفع على نسبة التصويت في المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية في الضفة الغربية، وأعرب عن أسفه إزاء منع إجرائها في غزة. وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي شادي عثمان إنه يجب إجراء الانتخابات في غزة بأسرع وقت.
كما جدد التأكيد على ضرورة التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين فيما يتعلق بضرورة إجراءات الانتخابات في القدس.
وانتقدت حركة فتح وفصائل فلسطينية منع حماس إجراء الانتخابات في غزة.
وأعرب نائب رئيس حركة «فتح» محمود العالول، عن أسفه لاستمرار حماس في تعطيل إجراء الانتخابات في قطاع غزة، وكذلك تعطيلها في إجراء أي انتخابات في هيئات محلية أو نقابات أو جامعات وغيرها. كما انتقد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أمين عام حزب «فدا» صالح رأفت حماس وأعرب عن أمله بإجراء هذه العملية الديمقراطية في غزة مستقبلاً.
وأعرب عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد العوض عن أسفه لمواصلة حركة «حماس» منع إجراء الانتخابات المحلية في غزة، معتبراً ذلك مؤشراً سلبياً وينتقص من حقوق المواطنين وحقهم الدستوري في انتخاب من يدير شؤونهم الحياتية. وقال العوض في حديث لإذاعة «صوت فلسطين»، إنه «كان هناك أمل بأن يشمل هذا الفرح الفلسطيني كافة محافظات الوطن، بما فيها الجنوبية التي حرمت من هذا الفرح منذ أكثر من 15 عاماً». كما هاجم أمين سر هيئة العمل الوطني محمود الزق، منع إجراء المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية في غزة، مؤكداً أن فصائل العمل الوطني أعلنت رفضها وبشكل رسمي لسلوك «حماس» في منع المواطنين من اختيار ممثليهم في المجالس البلدية.
واعتبر الزق منع «حماس» إجراء الانتخابات في قطاع غزة ومشاركتها فيها في المحافظات الشمالية أحد أنواع «النفاق». وتكتسب الانتخابات المحلية أهمية سياسية رغم أنها تنتهي بانتخاب هيئات خدماتية وليست سياسية، إذ تتحول هذه الانتخابات إلى فرصة لإثبات قوة الفصائل وهيمنتها على الشارع وكذلك داخل العائلات التي تشكل قوة أخرى مؤثرة في موازين المعركة الانتخابية المحلية.
وجرت آخر انتخابات قروية وبلدية كاملة في الضفة الغربية، في عامي 2017 - 2018. وفازت حركة فتح بغالبيتها بعد أن قاطعتها حركة حماس، ثم المرحلة الأولى من الانتخابات الحالية قبل 3 أشهر، والتي شهدت منافسة فتحاوية داخلية وبين عائلات.
وبلغ عدد أصحاب حق الاقتراع في الضفة أمس 715.413 ناخباً وناخبة، لانتخاب 234 قائمة انتخابية ترشحت في 50 هيئة محلية وضمت 2.306 مرشحين؛ 27 في المائة منهم نساء، يتنافسون جميعاً على 632 مقعداً.
ويفترض أن تكون عملية الفرز انطلقت في وقت متأخر أمس بحضور أكثر من 2600 مراقب محلي و300 مراقب دولي وضيف وما يزيد على 5300 وكيل للقوائم الانتخابية، على أن تعلن النتائج الرسمية اليوم الأحد. وإضافة إلى 50 هيئة محلية جرى فيها الاقتراع أمس، هناك 23 هيئة محلية أخرى ترشحت في كل منها قائمة واحدة مكتملة سيعلن فوزها بالتزكية مع النتائج النهائية، بالإضافة إلى 29 هيئة محلية لم تترشح فيها أي قائمة مكتملة ويترك قرار البت بشأنها لمجلس الوزراء.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.