مقتل 3 من القيادات الخطرة بسيناء.. و«الداخلية» تتوعد: الحسم عنوان المرحلة الحالية

4 يونيو المقبل الحكم في براءة مبارك والعادلي بقضية «متظاهري ثورة يناير»

مقتل 3 من القيادات الخطرة بسيناء.. و«الداخلية» تتوعد: الحسم عنوان المرحلة الحالية
TT

مقتل 3 من القيادات الخطرة بسيناء.. و«الداخلية» تتوعد: الحسم عنوان المرحلة الحالية

مقتل 3 من القيادات الخطرة بسيناء.. و«الداخلية» تتوعد: الحسم عنوان المرحلة الحالية

أكدت وزارة الداخلية في مصر، أمس، أن الحسم هو عنوان المرحلة الحالية، وأنها لن تسمح بوقوع ضحايا من الأبرياء، عقب مقتل مجندين في تبادل لإطلاق نار مع مهربين بشمال سيناء، وشدد وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، على ضرورة مراعاة التوازن بين تحقيق الأمن وحقوق المواطنين، والعمل على إعلاء قيم ومبادئ حقوق الإنسان وحرياته، وتفعيل أطر التواصل والتلاحم مع المواطنين.
يأتي هذا في وقت أعلن فيه المتحدث العسكري، العميد محمد سمير، «مقتل 3 من القيادات الإرهابية الخطرة في سيناء»، فيما حددت محكمة مصرية أمس، جلسة 4 يونيو (حزيران) المقبل، للنطق بالحكم في براءة الرئيس الأسبق حسني مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي في قضية قتل متظاهري ثورة «25 يناير» عام 2011.
وتشهد البلاد أعمال عنف إرهابية واستهدافا لعناصر الشرطة والجيش قتل خلالها المئات منهم، منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة في يوليو (تموز) من العام قبل الماضي. وتتهم السلطات المصرية جماعة الإخوان التي أعلنتها «تنظيما إرهابيا» بالوقوف وراء معظم الحوادث التي تقع، والتي كان من بينها إبطال قنبلة وضعت بالقرب من محطة مترو أنفاق حلمية الزيتون (شرق القاهرة) أمس.
وأعلن مصدر أمني بوزارة الداخلية، «مقتل مجندين في تبادل لإطلاق نار مع مهربين بالقرب من العلامة الدولية رقم 10 بشمال سيناء»، مضيفا: «بعض المهربين حاولوا اختراق الحدود، وبادروا بإطلاق النار على أفراد الخدمة الذين اضطروا إلى مبادلتهم إطلاق النار».
وقال وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، الذي وقف دقيقة حداد على جنود الشرطة، إن «تضحيات رجال الشرطة ستبقى دائما صوب أعيننا، تمنحنا القوة والعزيمة خلال المواجهة التي نخوضها ضد الإرهاب».
وأضاف عبد الغفار أمس، أن محاولات زعزعة الاستقرار ما زالت قائمة، وأن المواجهة القوية والحاسمة هي الضمانة للحيلولة دون تنفيذ تلك المحاولات؛ «حيث إن تلك التحديات تتطلب التحرك السريع والقوي وفق مفهوم الأمن الشامل بعيدا عن أشكال الأداء النمطي».
ووجه وزير الداخلية بأهمية الاحتفاظ برؤية أمنية استباقية، ومواصلة تطوير وتحديث خطط وبرامج التدريب، وتوفير كل الإمكانات لمواكبة الإيقاع السريع والمتلاحق لأساليب ارتكاب الجريمة، وإعادة صياغة وتطوير الخطط الأمنية بما يتوافق مع حجم المتغيرات الأمنية.
في السياق ذاته، وفي إطار الحملة التي تقوم بها الشرطة والجيش للقضاء على العناصر الإرهابية المتورطة في تنفيذ أعمال عدائية بسيناء، أعلن العميد محمد سمير المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة، «مقتل ثلاثة عناصر إرهابية شديدة الخطورة، ممن تورطوا في تنفيذ عدد من الأعمال العدائية ضد قوات الجيش والشرطة».
في غضون ذلك، أصدرت محكمة جنايات سوهاج أمس، أحكامها على 67 متهما من جماعة الإخوان في قضية محاولة اقتحام مبنى ديوان المحافظة والاشتباك مع الشرطة. وقضت المحكمة حضوريا وغيابيا بمعاقبة 22 متهما بالسجن المشدد 10 سنوات، و29 متهما بالسجن المشدد 5 سنوات، و9 متهمين بالسجن المشدد 3 سنوات، وعقدت الجلسة وسط إجراءات أمنية مشددة ووجود مكثف لقوات الشرطة التي أغلقت جميع الشوارع المؤدية للمحكمة.
وكانت النيابة العامة قد وجهت للمتهمين في القضية التي تعود لشهر يوليو (تموز) عقب عزل مرسي، تهم التجمهر ومحاولة اقتحام مبنى ديوان المحافظة، واستعمال القوة ومقاومة السلطات، وإطلاق الأعيرة النارية صوب قوات الشرطة، وحيازة أسلحة نارية وذخائر دون ترخيص، وحيازة عصي وأسلحة بيضاء وزجاجات مولوتوف.
في سياق آخر، حددت محكمة النقض جلسة 4 يونيو المقبل، للحكم في طعن النيابة العامة على حكم براءة مبارك والعادلي وآخرين في قضيتي قتل المتظاهرين إبان ثورة «25 يناير»، وتصدير الغاز لإسرائيل.
وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قضت في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية المقامة ضد مبارك في قضية قتل المتظاهرين، كما قضت ببراءته في قضية الاشتراك مع وزير البترول الأسبق سامح فهمي في تصدير الغاز إلى إسرائيل وتربيح الغير، وبراءة العادلي و6 من مساعديه من تهم «الاشتراك في القتل العمد والإضرار عن طريق الخطأ بمصالح لها علاقة بعملهم». وقام النائب العام المصري بالطعن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على الحكم.
وتضم القضية أيضا نجلي مبارك علاء وجمال، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، الذين يحاكمون لاتهامهم بالفساد والتربح واستغلال النفوذ وتصدير الغاز لإسرائيل.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.