دراسة: لماذا يقي مرض السل من فيروس «كورونا»؟

مريض يعاني من السل يتلقى العلاج داخل أحد مستشفيات باكستان (إ.ب.أ)
مريض يعاني من السل يتلقى العلاج داخل أحد مستشفيات باكستان (إ.ب.أ)
TT

دراسة: لماذا يقي مرض السل من فيروس «كورونا»؟

مريض يعاني من السل يتلقى العلاج داخل أحد مستشفيات باكستان (إ.ب.أ)
مريض يعاني من السل يتلقى العلاج داخل أحد مستشفيات باكستان (إ.ب.أ)

رغم أن الأسوأ في ما يرتبط بجائحة «كورونا»، قد يكون وراءنا، فقد تكون مناعتنا أيضاً ضد الفيروس، سواء كان ذلك من خلال التلقيح أو عبر العدوى الطبيعية، قد تراجعت. في فبراير (شباط)، أعلن «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» أنه في حين أن اللقاحات كانت فعالة بنسبة 91 في المائة في منع دخول المستشفى بعد شهرين، انخفض هذا الرقم إلى 78 في المائة بعد أربعة أشهر.
وسط ذلك، ظهرت معلومات غريبة ولكنها مثيرة للاهتمام: عدوى السل تمنع بطريقة ما الإصابة بفيروس «كورونا». في دراسة جديدة نُشرت يوم الخميس، وجد الباحثون في جامعة ولاية أوهايو الأميركية أن الفئران المصابة بالبكتيريا المسببة لمرض السل كانت مقاومة للفيروس بعد التعرض لمتغير «ألفا» من «كورونا».
قالت الدكتورة شيرا دورون، عالمة الأوبئة بالمستشفى في مركز «تافتس» الطبي، التي لم تكن جزءاً من الدراسة، لصحيفة «ديلي بيست»: «قد يفسر هذا البحث سبب عدم إصابة بعض الأشخاص بـ(كورونا) مطلقاً». وتساءلت حول ما إذا «كانت هناك أي علاجات أو تدابير وقائية يمكننا الاستفادة منها».

أثناء الوباء، لاحظ العلماء اتجاهاً مثيراً للاهتمام: يبدو أن البلدان في العالم النامي التي تعاني من عدوى متوطنة، مثل السل، تعاني من عدد أقل من الوفيات المرتبطة بـ«كورونا»، وفقاً للدكتور ويليام بيشاي، اختصاصي الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة «جونز هوبكنز».
قال لصحيفة «ديلي بيست»: «ربما يرجع ذلك إلى التعرض الموجود مسبقاً لمرض السل، الذي يمنح درجة معينة من المناعة ضد (كورونا)».
سعى باحثو جامعة ولاية أوهايو لفهم ما إذا كان هذا هو الحال بالفعل. أخذوا فأراً عادياً يشيع استخدامه في التجارب المعملية وآخر تم تعديله وراثياً ليحمل النسخة البشرية من «إيه سي آي 2»، المستقبل الذي يستخدمه فيروس «كورونا» لدخول الخلايا. أصيب هذان الفئران بنوع نشط من السل يمكن أن يؤدي بسرعة كبيرة إلى المرض. بعد شهر من الإصابة بالسل، عرّض الباحثون الفئران لـ«كورونا».
قال ريتشارد روبنسون، عالم الأحياء الدقيقة في جامعة ولاية أوهايو الذي قاد الدراسة الجديدة، لصحيفة «ديلي بيست»: «توقعنا في البداية أننا سنعطي الحيوانات (كورونا) وسوف تمرض». لكن الفئران لم تظهر أي علامات لفقدان الوزن - وهو ما يستخدمه العلماء كمؤشر للعدوى - ولم تختلف صحتهم بشكل كبير عن الفئران المصابة بالسل التي لم تتعرض لـ«كوفيد - 19».
وليس من الواضح تماماً سبب عمل السل كنوع من جدار الحماية ضد «كورونا».
قال روبنسون إن إحدى النظريات هي أن السل يسبب كثيراً من الالتهابات في الرئة، وقد يواجه الفيروس صعوبة في إيجاد طريقة للدخول. وتابع: «ترى رئتاك أنه يوجد بالفعل ما يكفي من البيئة السامة، فتمنع الفيروس».

لكن هناك نظرية أخرى مفادها أن السل بطريقة ما يهيئ نظام المناعة لدينا ضد «كورونا». كانت الفئران المعرضة لـ«كورونا» مليئة بالخلايا التائية (وهي مهمة في مكافحة الالتهابات البكتيرية) وكذلك الخلايا البائية (التي تصنع الأجسام المضادة). رغم أن السل و«كورونا» لا يشتركان في أي أوجه تشابه عندما يتعلق الأمر بالبروتينات المعدية، فإن ما قد يحدث هو ظاهرة تسمى المناعة المدربة.
وقال بيشاي، الذي يدرس مختبره في «جونز هوبكنز» السل: «السل مرض يصيب الإنسان، وقد تطور معنا على مدى آلاف السنين... تتمثل إحدى الأفكار في أنه من خلال التعرض للسل، يتم تدريب الجهاز المناعي مما يجعل البشر أكثر مقاومة للعدوى الفيروسية الخطيرة».

وإذا كان هذا هو الحال مع «كورونا»، اقترح العلماء أننا قد نرغب في التفكير بتلقيح أنفسنا بلقاح «بي سي جي»، وهو اللقاح الوحيد الذي يستهدف مرض السل باستخدام سلالة أكثر اعتدالاً وأضعف من البكتيريا.


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.