«رُهاب الدهون» لدى الأطفال

العلماء يحذرون من ازدياد الخوف المرضي من البدانة

«رُهاب الدهون» لدى الأطفال
TT

«رُهاب الدهون» لدى الأطفال

«رُهاب الدهون» لدى الأطفال

كشفت تقارير الرابطة الأميركية لاضطرابات الطعام National Eating Disorders Association عن احتمال أن يتحول الخوف من الإصابة بالبدانة في الأطفال إلى نوع مرضي من المخاوف يطلق عليه (رهاب الدهون fat-phobia). وأشارت إلى أن نسبة 81 في المائة من الأطفال الأميركيين تحت عمر العاشرة، يخشون على أنفسهم من خطر زيادة الوزن، وهو الأمر الذي يؤدي إلى إصابتهم باضطرابات الطعام في عمر مبكر جداً. وبالطبع، هذه المخاوف لم تأتِ من فراغ؛ بل تعتبر جزءاً من مخاوف مجتمع كامل.
وحسب آخر استطلاع لمؤسسة «غالوب» Gallup Poll للأبحاث، تبين أن 55 في المائة من الأميركيين غير الراضيين عن مظهرهم يرغبون في إنقاص وزنهم.

- الخوف من السمنة
أوضح الخبراء أن الرغبة في التخلص من الوزن الزائد، والخوف من السمنة، تعتبر ثقافة عالمية الآن. وعلى الرغم من أن هذا الاتجاه يعتبر صحياً؛ فإن الهوس الشديد بالنحافة والخوف من الدهون بات يمثل ضغطاً نفسياً على جميع أفراد المجتمع، ومنهم الأطفال الصغار في مرحلة التكوين والمراهقين، إلى الحد الذي جعل الخوف من البدانة يتفوق على الخوف من الإصابة بالأورام.
واستطلعت دراسة أجريت عام 2014، آراء أكثر من 7000 مراهق حول تصوراتهم عن السلوكيات الصحية، والتمتع بصحة جيدة، ومخاوفهم من الأمراض، وتبين أن 63 في المائة من الفتيات أعربن عن خوفهن من السمنة أو حتى زيادة الوزن، بينما أعرب 26 في المائة فقط من الفتيات عن خوفهن من الإصابة بسرطان الثدي، أو الإصابة به في نهاية المطاف.
وأشار العلماء إلى الضغوط التي تواجه الأطفال عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي خلقت تصوراً معيناً عن المقاييس المثالية للجسد بعيدة عن الواقع، مما يجعل من صورة الجسد Body image هاجساً حقيقياً يطارد المراهقين والأطفال. وإلى جانب ذلك تنتشر الفيديوهات التي تروج للأكل الصحي، وتحذر من الطعام الذي يحتوى على الكربوهيدرات والدهون، مما يضع قيوداً نفسية على تناول الطعام، ويؤدي إلى العزوف عنه، والإصابة بفقدان الشهية النفسي anorexia nervosa، وما يترتب عليه من أخطار صحية ونفسية.
وقد ساهمت جائحة «كورونا» في تفاقم حالة الخوف من الدهون؛ حيث لعبت الرسائل المتكررة على الإنترنت التي تحذر من زيادة الوزن نتيجة للبقاء في المنازل، دوراً مهماً فيما يمكن تسميته الدعاية المضادة للدهون anti-fat propaganda، وبدأ بعض الأطفال في الاهتمام بوزنهم مبكراً جداً قبل عمر العاشرة.
وربما يندهش الآباء إذا عرفوا أن نسبة بلغت من 40 في المائة إلى 50 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و7 سنوات، يعتقدون أنهم يعانون من البدانة، ويرغبون في عمل حميات غذائية، وهو أمر يمكن أن يكون ضاراً في هذه الفئة العمرية؛ خصوصاً إذا جرى من دون متابعة طبية، بجانب وجود نسبة بلغت 9 في المائة من الأطفال في سن 9 سنوات، يتقيؤون الطعام الذي يتناولونه في محاولة لفقدان الوزن.

- حوار غذائي
نصح الباحثون بضرورة إجراء حوار مع الأطفال، في حالة إعرابهم عن اعتقاد بأنهم بدينون أو يشعرون بالرغبة في فقدان الوزن. ويمكن أن يكون السؤال: «ما الذي تخاف من حدوثه؟» مدخلاً جيداً لبدء الحديث، والتركيز على أهمية جميع العناصر الغذائية في مرحلة ما قبل البلوغ؛ فضلاً عن إمكانية أن يفقد المراهق الوزن في أي مرحلة يريدها، إذا دعت الحاجة لذلك.
وليس معنى هذا أن الطعام الصحي سيئ، أو أن الآباء ضد السلوك الصحي؛ لكن يجب إيضاح أن الهوس بالخوف من الدهون ربما يكون سلوكاً مرضياً، بجانب أن الدهون ليست كلها ضارة؛ بل هناك دهون مفيدة وضرورية لبناء الجسم والاستفادة من بعض الفيتامينات التي تذوب في الدهون، مثل فيتامين «دي».
هناك علامات خطورة تشير إلى احتمالية أن يكون الطفل مصاباً باضطراب الطعام، يجب على الآباء أن يقوموا بملاحظتها، مثل تناول الطعام بشكل انتقائي، أو رفض الطعام بشكل كامل إذا احتوى على نشويات أو سكريات ودهون، وأيضاً تغير عادات الأكل، بمعنى تغيير مقدار أو عدد مرات الوجبات؛ حيث إن تغيير النظام الغذائي بشكل مفاجئ، غالباً ما يسبق بداية اضطراب الغذاء؛ خصوصاً اتباع نظام غذائي نباتي صارم vegan؛ حيث يكون التحول إلى النظام النباتي اختياراً جذاباً للمراهقين، لإخفاء سلوكيات اضطرابات الغذاء.
يمكن أن يعاني المراهق من القلق المستمر حول وزنه، ويقوم بحساب السعرات الحرارية لكل وجبة، كما يعاني من المزاج المتقلب والاكتئاب. والحقيقة أن الطعام طيب المذاق يؤدي إلى اعتدال المزاج، ويعتبر التغلب على هذا الشعور من أهم تحديات الحمية الغذائية. كما يكون المراهق دائم البحث عن مواقع الحميات الغذائية المختلفة، أو طرق لفقدان الشهية، ويمارس التمارين الرياضية باستمرار، وبشكل مبالغ فيه، وفي الأغلب يرتدي المراهق ملابس فضفاضة لإخفاء فقدان الوزن بشكل سريع، ويمكن أن يحدث تغير في الأداء الدراسي.
يجب على الآباء في حالة ملاحظة أي تغيرات على طفلهم، اللجوء إلى النصيحة الطبية مبكراً كلما أمكن؛ حيث تشير الدراسات إلى أن 20 في المائة فقط من الذين يعانون من اضطراب الطعام هم الذين يتلقون علاجاً نفسياً. وفي المتوسط يلجؤون إلى العلاج بعد حوالى 6 سنوات من بداية الأعراض. لذلك كلما كان الاهتمام بالحالة مبكراً كانت النتائج أفضل. ويجب على الآباء أيضاً تشجيع المراهقين على تقبل صورة جسدهم بأي شكل، والتأكيد على أن عوامل الجذب في الإنسان تتعدى المظهر الخارجي. ولا مانع بالطبع من اتباع نمط حياة صحي، على أن يشمل صحة الجسد والنفس معاً.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق ما هو التفكير المُفرط

«كفأرٍ يركض على عجلة»... 15 عادة تؤدي للإفراط في التفكير

هل شعرت يوماً أن عقلك عبارة عن فأر يركض على عجلة، ولا يتوقف أبداً للراحة؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شخص نائم  (د.ب.أ)

نصائح للاستغراق في النوم خلال الليالي الحارة

يعد النوم الجيد أمراً ضرورياً للصحة العقلية والجسدية، ولكن عندما يكون الجو حاراً يمكن أن يتأثر نومنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأدلة تزداد على أن الروائح قد تؤثر بشكل مباشر على الحالة المزاجية (رويترز)

باحثون يربطون بين حاسة الشم والاكتئاب... ما العلاقة؟

هناك ظاهرة أقل شهرة مرتبطة بالاكتئاب، وهي ضعف حاسة الشم، وفقاً لتقرير لموقع «سايكولوجي توداي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تمارين تساعدك على زيادة سعة الرئة

تمارين تساعدك على زيادة سعة الرئة

تلعب الرئة دوراً مهماً في صحة الجهاز التنفسي واللياقة البدنية بشكل عام، وتشير سعة الرئة إلى الحد الأقصى من كمية الهواء التي يمكن أن تحتويها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

تدريب لتحسين حياة مرضى سرطان الثدي

الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
TT

تدريب لتحسين حياة مرضى سرطان الثدي

الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)

أظهرت دراسة ألمانية أن برنامجاً يركز على التدريبات البدنية يمكن أن يحسن جودة الحياة لدى مرضى سرطان الثدي النقيلي.

أوضح الباحثون بقيادة المركز الألماني لأبحاث السرطان، أن هذا البرنامج أدى إلى تحسن ملحوظ في جودة الحياة، وتراجع كبير في التعب، وفق النتائج التي نشرت، الخميس، في دورية «Nature Medicine».

وسرطان الثدي النقيلي، أو المتقدم، هو نوع من السرطان ينتشر من الثدي إلى أجزاء أخرى في الجسم، ويتضمن انتشار الخلايا السرطانية إلى العظام والرئتين والكبد والدماغ، ويحدث هذا الانتشار عندما تنتقل الخلايا السرطانية من الورم الأصلي في الثدي عبر الدم أو الجهاز الليمفاوي إلى أجزاء أخرى من الجسم.

وتعد المحافظة على جودة الحياة أو تحسينها وتخفيف التعب أهدافاً مهمةً في رعاية مرضى السرطان، إذ يؤثر المرض نفسه وعلاجاته على جودة الحياة، كما يعاني العديد من المرضى من متلازمة التعب، التي تؤدي إلى الإرهاق البدني والعاطفي والعقلي المستمر.

وشملت الدراسة 355 امرأة ورجلين مصابين بسرطان الثدي النقيلي في ألمانيا، وقسموا إلى مجموعتين، الأولى انخرطت في البرنامج التدريبي، الذي شمل جلستين أسبوعياً على مدى 9 أشهر، فيما لم تشارك المجموعة الأخرى في البرنامج.

وتضمن البرنامج التدريبي الفردي تحت إشراف علاجي تمارين لتعزيز التوازن وقوة العضلات والقدرة على التحمل.

وحصل جميع المشاركين في الدراسة على توصيات أساسية لممارسة الرياضة، وتم تزويدهم بجهاز تتبع النشاط لتسجيل مقدار التمرين الذي قاموا به في حياتهم اليومية.

وجرى سؤال المشاركين عن جودة حياتهم باستخدام استبيان موحد يأخذ في الاعتبار الجوانب البدنية والعقلية والعاطفية لجودة الحياة في بداية الدراسة، وبعد 3 و6 و9 أشهر.

بالإضافة إلى ذلك، أجرى الباحثون استبياناً موحداً لتقييم أعراض التعب، وتم اختبار اللياقة البدنية في البداية، وفي فواصل زمنية مدتها 3 أشهر باستخدام جهاز الدراجة الثابتة.

ووجد الباحثون أن المجموعة الأولى انخفضت لديها الأعراض المرتبطة بالمرض والعلاج بشكل ملحوظ، ما أدى إلى تحسين جودة الحياة، مقارنة بالمجموعة الأخرى.

وأدى البرنامج التدريبي المنظم إلى تحسين ملحوظ في جودة الحياة وانخفاض كبير في التعب، حيث انخفضت شكاوى مثل الألم وضيق التنفس بشكل ملحوظ خلال فترة الدراسة. وكانت نتائج اختبار اللياقة البدنية في مجموعة التدريب أفضل من مجموعة التحكم.

وقال الباحثون إن النساء المصابات بالسرطانات المتقدمة مثل سرطان الثدي النقيلي، اللاتي يتلقين العلاج طويل الأمد، يمكن أن يستفدن بشكل كبير من إدارة الأعراض المرتبطة بالمرض والعلاج بشكل جيد.

وأضافوا أن التأثيرات الإيجابية المشجعة للغاية للبرنامج التدريبي يمكن أن تجعل مرضى سرطان الثدي المتقدم يعيشون حياة أفضل ويتمتعون بلياقة بدنية أكبر.