تركيا تناشد الأطراف الليبية تجنب «اشتباكات جديدة»

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» جدد أمس رفضه التخلي عن السلطة (رويترز)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» جدد أمس رفضه التخلي عن السلطة (رويترز)
TT

تركيا تناشد الأطراف الليبية تجنب «اشتباكات جديدة»

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» جدد أمس رفضه التخلي عن السلطة (رويترز)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» جدد أمس رفضه التخلي عن السلطة (رويترز)

دعت تركيا الأطراف الليبية إلى تجنب أي خطوات من شأنها زيادة التوتر السياسي وإيقاع اشتباكات جديدة، وإلى العمل على تفعيل العملية الديمقراطية على أساس شرعي لإحلال السلام، وإرساء الاستقرار الدائم في البلاد.
وأكد مجلس الأمن القومي التركي أهمية الحفاظ على حالة الهدوء الحالية، التي «تعدّ مكسباً وفرصة مهمة للشعب الليبي لتحقيق السلام والازدهار». وذكر في بيان صدر ليل الأربعاء - الخميس، عقب اجتماع برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، أن الهدوء الذي تحقق في ليبيا «فرصة لتحقيق السلام».
وحث الأطراف الليبية المعنية على الامتناع عن الخطوات التي قد تؤدي لاندلاع اشتباكات جديدة، ودعا السلطات هناك إلى اتباع العمليات الديمقراطية على أساس الشرعية لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين.
ودعمت تركيا عملية السلام في ليبيا، لكنها التزمت موقف الترقب بعد الاضطرابات الأخيرة في ليبيا، إثر تشكيل حكومتين متنافستين عقب فشل الانتخابات. وإن كانت لا تزال تؤكد دعمها حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، للإشراف على الفترة التي تسبق الانتخابات، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة.
ورأى تقرير أميركي أن تركيا قد تواجه 3 خيارات صعبة في ليبيا، ما لم يُحل الصراع على السلطة بين الحكومتين المتنافستين؛ بما في ذلك التدخل العسكري إذا حاول باشاغا دخول طرابلس بالقوة.
وبحسب موقع «المونيتور» الأميركي، فقد أثار تحالف باشاغا مع خليفة حفتر وصالح بهدف إنهاء ولاية الدبيبة المؤقتة انزعاج تركيا، التي تحتفظ بقوات عسكرية وميليشيات من المرتزقة السوريين في ليبيا، بعد أن عملت بشكل وثيق مع باشاغا خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية في حكومة الوفاق السابقة في طرابلس.
وأوضح التقرير أنه بالنسبة إلى الرئيس التركي، فإن باشاغا وقع تحت تأثير حفتر وصالح، اللذين عارضا بشدة الوجود العسكري التركي في ليبيا، مما قد يعني خسارة الضمانات التي يقدمها الدبيبة. ومع ذلك، يبقي إردوغان الباب مفتوحاً أمام باشاغا مع الحفاظ على دعم حكومة الدبيبة في ظل موقف حذر تجاه اشتباكات محتملة.
ولفت التقرير إلى أن كثيرين يعتقدون الآن أن مواقف الولايات المتحدة وتركيا ستكون حاسمة في تغيير الميزان، بعد أن كان المعسكران الليبيان على شفا مواجهة مسلحة.
في 10 مارس (آذار) الحالي، عندما تحركت القوات الموالية لباشاغا من مصراتة باتجاه طرابلس، لكن القوات الموالية للدبيبة أوقفتها، مشيراً إلى ضغط السفير الأميركي في طرابلس، ريتشارد نورلاند، وممثلة الأمم المتحدة لدى ليبيا ستيفاني ويليامز على الجانبين للتركيز على إجراء الانتخابات من خلال تشكيل لجنة مشتركة بين مجلس النواب ومجلس الدولة، حيث تدخلت تركيا في وقت سابق من هذا الشهر، مقدمة وساطة بين الخصمين، ووافق باشاغا على العرض، لكن الدبيبة خشى أن يرقى تدخل أنقرة إلى حد الاعتراف الضمني بحكومة باشاغا، وبالتالي نهاية ولايته، فرفض الدبيبة العرض معرباً عن استعداده لاستخدام الوسائل العسكرية ضد باشاغا.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.