السجن النافذ لـ3 وزراء جزائريين أدينوا بـ«الفساد»

الوزراء المحكومون بالسجن كانوا مقربين من الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (أ.ب)
الوزراء المحكومون بالسجن كانوا مقربين من الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (أ.ب)
TT

السجن النافذ لـ3 وزراء جزائريين أدينوا بـ«الفساد»

الوزراء المحكومون بالسجن كانوا مقربين من الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (أ.ب)
الوزراء المحكومون بالسجن كانوا مقربين من الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (أ.ب)

أدانت محكمة جزائرية مختصة في جرائم الفساد، أمس، 3 وزراء سابقين ورجل أعمال كبيراً بأحكام بالسجن النافذ في قضية تعود إلى سنوات عديدة، تتعلق بإنجاز شطر من الطريق السيار.
وأنزل «القطب الجزائي المختص في جرائم الإرهاب بمحكمة سيدي امحمد» بالعاصمة عقوبة السجن 4 سنوات مع التنفيذ بحق وزيري الأشغال العمومية سابقاً، عمر غول وعبد القادر قاضي، ورجل الأعمال الكبير علي حداد. كما أدانت وزير الأشغال العمومية السابق عبد القادر واعلي بالسجن 3 سنوات مع التنفيذ، وكانت العقوبة نفسها من نصيب مدير القطاع نفسه بولاية عين الدفلى (غرب) علي خليفاوي.
كما حُكم على مدير القطاع بالمحافظة نفسها سابقاً، محمد ين شنان، بالسجن عامين مع التنفيذ، إضافة إلى 18 شهراً سجناً مع التنفيذ ضد مقاولين من منطقة عين الدفلى. فيما برأت المحكمة عدة مسؤولين من الوزارة وفروعها لعدم ثبوت أدلة الفساد ضدهم.
وتضمنت الأحكام أيضاً مصادرة كل أملاك الأشخاص المدانين، والتحفظ على ودائعهم المصرفية في البنوك؛ علماً بأن النيابة سبق أن طالبت بعقوبة 10 سنوات سجناً مع التنفيذ ضد الوزراء الثلاثة السابقين ورجل الأعمال، وجميعهم أدينوا بأحكام ثقيلة بالسجن في قضايا أخرى، فيما تُنتظر مساءلتهم في ملفات أخرى ذات صلة بمشروعات شهدت اختلاسات وتلاعباً بالمال العام وتسيباً في إنجازها.
ونفى المتهمون وقائع الرشوة والاختلاس، التي نسبت إليهم في مشروع شق طريق عين الدفلى - بوراشد (غرب) عام 2010. وبدا غول في قمة الإحباط واليأس وهو يشرح للقاضي أنه «كان يسهر على تنفيذ مشروعات مدرجة ضمن برنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة»، وأكد أن «الجميع يشهد لي أنني حركت عدة مشروعات كانت متوقفة، وهي مرافق عمومية وبنى تحتية كانت في مصلحة المواطن، فهل يكون جزائي السجن؟!».
وجاء في مرافعات المحامين أن المتهمين «راحوا ضحية ظروف سياسية دقيقة مرت بها البلاد، وقد كانوا يمارسون مسؤوليات تحت إشراف مباشر من الرئيس بوتفليقة».
واستمرت فترة مسؤولية غول بالوزارة نحو 10 سنوات، وكان مع حداد على رأس حملة التمديد لبوتفليقة في انتخابات أبريل (نيسان) 2019 التي منعها الحراك عندما اندلع في 22 فبراير (شباط) من العام نفسه مطالباً بتغيير أساليب الحكم المتبعة منذ الاستقلال.
واستحدثت الحكومة مؤخراً «هيئة للتحري في الثراء لدى الموظفين الحكوميين» مختصة بمراقبة الذمة المالية لكبار المسؤولين التنفيذيين، قبل وصولهم إلى الوظيفة وبعده. كما تهتم بالتحري في علاقة مفترضة لأفراد عائلاتهم وأقاربهم مع وظائفهم.
ويندرج هذا المسعى «في إطار تنفيذ تعهدات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أثناء حملة انتخابات الرئاسة»، التي جرت نهاية 2019 حسب وزير العدل رشيد طبي. ومن أبرز وعود تبون في مجال محاربة الفساد، استعادة ما سماها «أموال العصابة»، ويقصد بها وجهاء في النظام من فترة حكم سلفه، سجنهم القضاء؛ من بينهم رئيسان للوزراء ووزراء عديدون. كما يوجد من بينهم وزراء خارج البلاد، هم محل مذكرات اعتقال دولية؛ أبرزهم وزير الطاقة السابق شكيب خليل المقيم بالولايات المتحدة الأميركية، ووزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب الذي يعيش بفرنسا.
في سياق متصل، صرح عبد العزيز بوذراع، مستشار وزير العدل، للإذاعة الحكومية أمس، بأن «هيئة التحري في مظاهر الثراء المالي للمسؤولين، تعكس إرادة سياسية لدى الدولة للقضاء على الفساد»، مبرزاً أن كل المسؤولين في الدولة «مطالبون بالكشف عن ممتلكاتهم داخل الجزائر وفي الخارج إن كانت لديهم عند هذه الهيئة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.