بوتين يحرج معاقبيه بـ«الغاز مقابل الروبل»

امتعاض أوروبي واسع من قرار الرئيس الروسي... وتهديدات بمزيد من الإجراءات

قرار الرئيس الروسي سداد الدول الغربية مشتريات الغاز بالروبل يهدد بتقويض آثار العقوبات ضد موسكو (رويترز)
قرار الرئيس الروسي سداد الدول الغربية مشتريات الغاز بالروبل يهدد بتقويض آثار العقوبات ضد موسكو (رويترز)
TT

بوتين يحرج معاقبيه بـ«الغاز مقابل الروبل»

قرار الرئيس الروسي سداد الدول الغربية مشتريات الغاز بالروبل يهدد بتقويض آثار العقوبات ضد موسكو (رويترز)
قرار الرئيس الروسي سداد الدول الغربية مشتريات الغاز بالروبل يهدد بتقويض آثار العقوبات ضد موسكو (رويترز)

في حركة قد تقلب الأوضاع رأساً على عقب، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء الأربعاء إجبار الدول الأوروبية «غير الصديقة» كما سماها، على سداد ثمن الغاز الروسي بالروبل، بدلا من الدولار أو اليورو أو الجنيه الإسترليني، وهي خطوة قد تعيد التوازن إلى الروبل الذي انهار منذ فرض سيل من العقوبات الغربية ضد موسكو.
ومع حقيقة أن كثيراً من الدول الأوروبية شديدة الاعتماد على الغاز والنفط الروسي، ولا يمكنها الاستغناء عنهما قبل عامين بحسب كثير من الخبراء والمراقبين، فإن الخطوة الروسية من شأنها أن تجبر الخصوم على دعم العملة الروسية بدلاً من مساعي تدميرها.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مساء الأربعاء، إن روسيا سوف تطلب من الدول التي وصفها «بغير الصديقة» الدفع مقابل الغاز الروسي بعملة الروبل الروسية.
وأضاف بوتين أن روسيا سوف تستمر في توريد الغاز، ولكنها سوف تغير عملة الدفع فقط.
وأمر بوتين البنك المركزي والحكومة بأن يحددا «في مهلة أسبوع» النظام الجديد الذي يفترض أن يكون «واضحا وشفافا» ويتضمن «شراء الروبل من سوق الصرف» الروسية، ولمح أيضاً إلى أن صادرات روسية أخرى ستتأثر. وقال: «من الواضح أن تسليم بضائعنا إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتلقي الدولار واليورو والعملات الأخرى، لم يعد له معنى بالنسبة لنا».
وبعيد موقفه هذا ارتفع سعر صرف العملة الروسية المتدهورة قيمتها منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، مقابل الدولار واليورو. فبعدما وصل الدولار إلى 115 روبلا في وقت سابق من الشهر الجاري، تراجع سريعا إلى محيط 96 روبلا للدولار، أي أنه عوض نحو 50 في المائة من مجمل خسائره التي شهدها جراء العقوبات (كان متوسط السعر قبل العقوبات نحو 78 روبلا للدولار).
وارتفعت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أوروبا خلال التعاملات بأكثر من 20 في المائة في أعقاب الإعلان الروسي. وقال رالف أوملاوف المحلل لدى مصرف «لانديسبانك» الألماني في هيسن - تورينجن إن أي جهة ستدرس الدفع بالروبل بجدية قد تواجهها مشكلات، نظرا للعقوبات المفروضة على البنوك الروسية.
وعلق الكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء المكلف شؤون الطاقة الأربعاء قائلا: «من الواضح تماما أنه بدون المحروقات الروسية، وإذا تم فرض عقوبات، ستنهار أسواق الغاز والنفط. ارتفاع أسعار موارد الطاقة يمكن ألا يكون متوقعا».
من جهته أشاد رئيس مجلس الدوما الروسي (مجلس النواب في الجمعية الاتحادية الروسية) فياشيسلاف فولودين بخطوة بوتين ووصفها بأنها «قرار تاريخي». وعلى تلغرام اعتبر فولودين أن «رفض تلقي المدفوعات بالدولار واليورو قرار تاريخي، من دونه، من المستحيل خلق سيادة مالية واقتصادية لروسيا».
وبحسب مجموعة «لوكو إنفست» للاستثمار، تشكل الدول التي تم تصنيفها «غير صديقة» أكثر من 70 في المائة من الجهات المستوردة للطاقة الروسية من حيث الإيرادات. وشددت المجموعة أيضاً على المخاطر التي يشكلها نفاد مخزون شركة غازبروم من العملات الأجنبية على قدرتها على سداد ديونها في المستقبل.
واعتبر المحلل آندرو وايس من «مؤسسة كارتيغي» أن «بوتين يعرف بالتأكيد كيفية إقامة رافعة واستغلالها». وأشار على تويتر إلى أن «بوتين استخدم بصورة روتينية التصعيد في أوضاع كهذه لتخريب مخططات خصومه»، مشددا على عدم وجود ما يدعو إلى اعتبار أن هذا الأمر قد تغير.
واستقبلت الدول الغربية القرار بامتعاض واسع وانتقادات هائلة، ودعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، في منشور عبر تويتر، دول الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خيار «حكيم ومسؤول» عندما يتعلق الأمر بدفع قيمة الغاز بالروبل لروسيا. وقال: «إذا ما أذعنت أي دولة بالاتحاد الأوروبي لمطالب بوتين المهينة بدفع قيمة النفط والغاز بالروبل، فسوف يكون الأمر أشبه بمساعدة أوكرانيا بيد ومساعدة الروس على قتل الأوكرانيين باليد الأخرى».
وقال فرانسيسكو جيافازي، مستشار رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراغي، إن بلاده لا تميل لفكرة سداد قيمة مشترياتها من الغاز الطبيعي من روسيا بالروبل. مشيرا إلى أن سداد قيمة المشتريات بالروبل سيكون طريقة لهروب روسيا من العقوبات الدولية المفروضة عليها.
وبدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن بوتين «تجاوز بالفعل الخط الأحمر متجها إلى الهمجية»، مضيفا أنه كلما أسرع الحلفاء الغربيون في الاتفاق على فرض المزيد من العقوبات على روسيا، كلما زادت السرعة التي ستنتهي بها الحرب في أوكرانيا.
والأربعاء حذرت ألمانيا من أن حصر الدفع لقاء ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا بالروبل يشكل خرقا للعقد. وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن «الإعلان عن التسديد بالروبل... يشكل خرقا للعقد»، مشيرا إلى أن بلاده «ستبحث مع شركائها الأوروبيين كيفية الرد على هذا الأمر».
وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا كانت ألمانيا تستورد من روسيا 55 في المائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي. وشدد دبلوماسي أوروبي رفيع طالبا عدم كشف هويته على وجوب تنفيذ العقد بكل بنوده، لكنه أضاف «سيتعين علينا أن نرى في الأسابيع المقبلة ما يعنيه هذا الأمر عمليا في التطبيق».
وفرضت الدول الغربية عقوبات مشددة على موسكو منذ أن بدأت غزوها لأوكرانيا. وجمد الغربيون حوالي 300 مليار دولار من الاحتياطي الروسي الموجود في الخارج، في خطوة وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأربعاء بأنها «سرقة». وفرضت واشنطن حظرا على استيراد الغاز والنفط الروسيين، إلا أن الاتحاد الأوروبي الذي استورد من روسيا نحو 40 في المائة من احتياجاته من الغاز في العام 2021 لم يفرض حظرا مماثلا. لكن بروكسل أعلنت مؤخراً أنها تعتزم تقليص وارداتها من الغاز الروسي بمقدار الثلثين بحلول نهاية العام، كما تبحث في فرض حظر على النفط الروسي.



السعودية تُجري 800 إصلاح لتعزيز البيئة الاستثمارية

مساعد وزير الاستثمار يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)
مساعد وزير الاستثمار يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تُجري 800 إصلاح لتعزيز البيئة الاستثمارية

مساعد وزير الاستثمار يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)
مساعد وزير الاستثمار يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)

أكد مساعد وزير الاستثمار، الرئيس التنفيذي لهيئة تسويق الاستثمار، المهندس إبراهيم المبارك، أن السعودية تشهد تحولاً سريعاً لم تشهده أي دولة في العالم، إذ جرى إنجاز أكثر من 800 إصلاح حتى الآن، من ضمنها، نظام المعاملات المدنية، ونظام الإفلاس، وبرنامج الشراكة مع القطاع الخاص، ونظام المنافسات والمشتريات الحكومية، وغيرها، حيث وضعت المملكة في المرتبة السادسة عشر عالمياً في مؤشر «IMD» لتقييم تنافسية الدول.

واستعرض المبارك قصة مشروع «تعزيز البيئة الاستثمارية في المملكة»، خلال أعمال جلسات ملتقى ميزانية 2025، الذي تنظمه وزارة المالية، مؤكداً التزام الهيئة بالاستمرار في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة والعمل على تحسين بيئة الأعمال وتطوير الكوادر الوطنية، ما من شأنه زيادة تنافسية وجاذبية المملكة بوصفها وجهة للاستثمار.

وتطرق إلى «نظام الاستثمار المحدث»، الذي يدخل حيز التنفيذ مطلع العام القادم، ليخدم المستثمر المحلي والأجنبي على حدٍّ سواء، مبيناً أن هذا النظام يعزز الأسس الراسخة ذات الصلة لسيادة القانون والمعاملات العادلة وحقوق الملكية وحرية إدارة الاستثمارات وحماية الملكية الفكرية.

وأشار مساعد وزير الاستثمار إلى أن المملكة تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في تدفقات الاستثمار الأجنبي، إذ تجاوزت العام الماضي مستهدَف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار بنحو 16 في المائة، ما جعل البلاد تحتل المرتبة الثانية ضمن مجموعة العشرين، من حيث نمو الصافي من هذه التدفقات.

وحسب المبارك، تحتل المملكة المرتبة الرابعة في نمو رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر؛ إذ ارتفع بنسبة 13 في المائة ليصل إلى نحو 900 مليار ريال (240 مليار دولار) في 2030، مشيراً إلى أن حجم مشاركة المستثمرين الأجانب في أسواق السعودية المالية تجاوز 350 مليار ريال (93.3 مليار دولار).

وبيّن أن هذه الأرقام تؤكد جاذبية السوق السعودية والاستقرار السياسي والاقتصادي، مما انعكس على افتتاح أكثر من 500 شركة أجنبية مقراتها الإقليمية في المملكة، متجاوزةً مستهدف «2023» لبرنامج جذب المقرات الإقليمية.

وأفاد المبارك بأنه جرى إصدار أكثر من 37 ألف رخصة استثمارية؛ وهو 10 أضعاف العدد منذ انطلاق رؤية المملكة.