خصوم الصدر في «البيت الشيعي» يعترضون على «إنقاذ وطن» ويقاطعون جلسة الغد

TT

خصوم الصدر في «البيت الشيعي» يعترضون على «إنقاذ وطن» ويقاطعون جلسة الغد

أعلن خصوم زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر المنضوون تحت تحالف «الإطار التنسيقي» الذي يضم غالبية القوى الشيعية التي تملك السلاح وبعضها مقرب من إيران، رفضهم التحالف الذي أعلنه الصدر مع السنة وقسم من الكرد والذي حمل اسم «إنقاذ وطن» بدلاً من التحالف الثلاثي. وكان الصدر وحليفاه زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني ومحمد الحلبوسي رئيس البرلمان والقيادي في «تحالف السيادة» الذي يتزعمه رجل الأعمال خميس الخنجر، أعلنوا مساء أول من أمس الأربعاء تحالفاً سياسياً وبرلمانياً حمل اسم «إنقاذ وطن» أعلنوا فيه مرشحَيهم لرئاستي الجمهورية والوزراء. ففي مؤتمر صحافي عقدته قيادة التحالف، أعلن رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي حسن العذاري أن تحالف «إنقاذ وطن» هو الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً، وأن مرشح هذا التحالف لرئاسة الجمهورية هو الكردي ريبر أحمد وزير داخلية إقليم كردستان، وابن عم الصدر؛ جعفر محمد باقر الصدر مرشحهم لرئاسة الوزراء. ويعقد البرلمان العراقي غداً السبت جلسة حاسمة لانتخاب رئيس الجمهورية من بين 40 مرشحاً يتقدمهم الرئيس الحالي برهم صالح مرشحاً عن «الاتحاد الوطني الكردستاني» وريبر أحمد مرشحاً عن «الحزب الديمقراطي الكردستاني». وطبقاً لمصدر سياسي مقرب من تحالف «إنقاذ وطن»، فقد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «التحالف أعد خطة كاملة لجلسة السبت، والتي من بين أهم ما تتضمنه هو إكمال نصاب الجلسة الذي يجب أن يبقى 220 نائباً من مجموع عدد نواب البرلمان العراقي البالغ عددهم 329 نائباً، فضلاً عن التحرك على الكتل الأخرى؛ وفي المقدمة منها (المستقلون)، لضمان الحضور والمشاركة». وأضاف أن «السيناريو المعد هو انتخاب رئيس الجمهورية وفي الجلسة نفسها يكلف رئيس الجمهورية المنتخب (ريبر أحمد) مرشح (الكتلة الكبرى) لرئاسة الوزراء جعفر محمد باقر الصدر». ورداً على سؤال بشأن كيفية ضمان هذا السيناريو في ظل التحديات التي تواجه التحالف؛ لا سيما الثلث الضامن الذي يملكه «الإطار التنسيقي» والمتحالفون معه، قال المصدر المقرب إن «الحوارات سوف تبقى مستمرة حتى اللحظات الأخيرة في محاولة أخيرة لتخطي الانسداد السياسي، والتي تضمن مشاركة الجميع أو في الأقل أكبر عدد من القوى الأخرى».
في مقابل ذلك، أعلن «الإطار التنسيقي» الشيعي (يضم «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري، و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، و«قوى الدولة» بزعامة عمار الحكيم، و«ائتلاف النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«عطاء» بزعامة فالح الفياض) رفضه مخرجات تحالف «إنقاذ وطن» ومقاطعته جلسة السبت. وقال «الإطار التنسيقي» في بيان له: «ندعو كل الشركاء في العملية السياسية إلى التحلي بروح الوطنية الصادقة، والانتباه إلى مصلحة الوطن، وإبعاده عن كل ما يعكر صفو أمنه واستقراره، فإن معاناة أبناء شعبنا الكريم تزداد يوماً بعد آخر، بفعل غياب السياسات الحكيمة التي تعمل لتحقيق مقومات الحياة الرغيدة وتنتشل الفقراء من مستنقع الضياع والفساد المستشري». وأضاف: «ولأن الممارسة الديمقراطية في العراق تفترض إنتاج مجلس نواب يشرع القوانين ويراقب الحكومة التي تولد بفعل اتفاق القوى السياسية المنضوية تحت قبته والتي تفرزها نتائج الانتخابات، وتقدم الأصلح والاكفأ والأقدر لتولي تشكيل الحكومة والعمل بمظلة الدستور والقوانين ليأخذ بيد الشعب نحو بر الأمان». وأكد «الإطار»: «إننا نرى أن ما يجري العمل عليه من ضغط وتهويل لعقد جلسة غير مكتملة الشروط من ناحية النصاب والقناعات، خصوصاً لدى أهم الفواعل السياسية والمستقلين، سيؤدي إلى التفريط بحقوق المكون الأكبر من أبناء الشعب العراقي الكريم» في إشارة إلى المكون الشيعي. وأوضح البيان أن «الإطار التنسيقي» عمل «على لملمة البيت الشيعي وتوحيد كلمتهم، ودعوة بقية القوى السياسية من مكونات الشعب العراقي إلى طاولة النقاش والتباحث، والتعاطي بروح وطنية إيجابية مع مختلف القضايا، مبتعدين عن الشخصنة وسوء الظن والتكتلات الطائفية والفئوية».
وتعد جلسة غد السبت حاسمة لتحديد مسارات العملية السياسية في العراق، لا سيما أنه وللمرة الأولى بعد عام 2003 يراد تشكيل حكومة ذات أغلبية وطنية وليست توافقية مثلما كانت الحكومات التي تشكلت منذ أول انتخابات برلمانية عراقية عام 2005، وهي الصيغة التي دافع عنها زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر حين تحالف مع معظم أركان البيت السني وجزء من الكرد. وطبقاً للتوقعات؛ فإنه في حال جرى انتخاب رئيس الجمهورية مرشح تحالف «إنقاذ وطن» ريبر أحمد وتكليفه جعفر الصدر تشكيل الحكومة، فإن السيناريو المتوقع حدوثه طبقاً لما يراه الخبراء والمتابعون للشأن العراقي هو اعتراض «الإطار التنسيقي» على مخرجات الانتخاب والتكليف إلى الحد الذي يتوقع معه أن يخرج الاحتقان بين الطرفين من عند حدود العمل السياسي إلى الشارع، وهو ما ينذر بمواجهة شيعية ـ شيعية يكون السنة والكرد طرفاً فيها ولأول مرة. وفي حال لم يتمكن تحالف «إنقاذ وطن» من تمرير مرشحيه لرئاسة الجمهورية والوزراء، فإنه في الوقت الذي يتعقد فيه المشهد السياسي تماماً، لا سيما أنه تم استنفاد كل المدد الدستورية، فإن الخيارات المطروحة هي عقد جلسة ثانية بعد 3 أيام يتوقع أن تنتهي بتوافق بين الخصمين القويين؛ سواء على منصب رئيس الجمهورية عبر توافق كردي ـ كردي، وتوافق شيعي ـ شيعي على اختيار شخصية توافقية على منصب رئيس الوزراء.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».