رغم أن حالة الصراع والانقسام بين القوى والأحزاب السياسية التقليدية المهيمنة على المشهد العراقي العام منذ نحو عقدين، غير بعيدة تماماً عن جماعات النواب والكتل المستقلة التي التحقت في الدورة الأخيرة بقاطرة البرلمان، وبرصيد يزيد على 40 نائباً، فإن «صراع الديكة» الكبار المتواصل منذ أشهر على منصب رئاسة الجمهورية والتعقيدات المرتبطة به، أظهر أن المستقلين يمكن أن يلعبوا دوراً حاسماً في ترجيح كفة هذا المرشح أو ذاك في حال أظهروا قدراً معقولاً من التماسك، مثلما أظهر أن الكتل والأحزاب الكبيرة غير صادقة في دعاوى امتلاكها نسبة الثلثين، أو الثلث المعطل داخل البرلمان، ما يعني حاجتها الأكيدة لاستقطاب المستقلين وإقناعهم بضرورة حضور جلسة البرلمان المقررة لانتخاب رئيس الجمهورية، السبت المقبل.
وجاءت دعوة زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر الفائز بأكبر عدد من المقاعد (72 مقعداً) لتعزز قضية الدور الحاسم الذي يتنظر النواب المستقلين، من خلال الدعوة الصريحة التي قدمها لهم، قبل يومين، طالباً منهم «إسناد جلسة التصويت على رئيس الجمهورية». ومثلما يحارب الصدر على جبهة «كسب المستقلين»، يفعل خصومه من جماعات «الإطار التنسيقي» الأمر ذاته. من هنا، فإن المستقلين باتوا يوصفون بأنهم «بيضة القبان» التي سترجح هذه الكفة أو تلك، بعدما صاروا ساحة للتنافس على كسب ودهم من قبل الكتل الكبيرة الفائزة.
ومع أن مواقف المستقلين ليست متطابقة بالضرورة، فإن معظمهم يدافع عن ضرورة التزام المشرعين بواجباتهم البرلمانية المتمثلة بضرورة حضور جلسة مجلس النواب للحيلولة دون كسر نصابها، وتالياً الإضرار بقضية التصويت على منصب رئيس الجمهورية.
ويبدو أن المستقلين مدركون لحجم الدور الذي يمكن أن يلعبوه في ظل الصراع المعقد على السلطة بين الكتل الكبيرة، وذلك يظهر من خلال المواقف التي صدرت في اليومين الأخيرين عن بعض الأعضاء المستقلين. فقد أدلى النائب المستقل سجاد سالم بتصريح حاد رداً على دعوة مقتدى الصدر المستقلين للالتحاق بتحالفه، فقال: «لا نثق ولا نرى مشروعاً إصلاحياً. فضلاً عن ذلك، الكتلة الصدرية مسؤوليتها قائمة عن كل أسباب الفساد والفقر والبطالة والأزمات في العراق منذ عام 2003 حتى الآن». وأضاف، في تدوينة عبر صفحته الشخصية في «فيسبوك»، أن لـ«مواقفنا تفضيلات سياسية تُراعي مصالح المجتمع والمُهمشين الذين أضرَّ بهم صراع التيار والإطار (التيار الصدري والإطار التنسيقي) ،كما أضرَّ بهم اتفاقهم». وتابع: «سنحضر الجلسة المقبلة لأن عمل عضو مجلس النواب الحقيقي يكون داخل قبة البرلمان وليس تلبية لنداء أو تغريدة (في إشارة إلى تغريدة للصدر)، سنحضر لأن حياة الناس ومصالحهم أحق أن تُراعى بعيداً عن شكل الحكومة القادمة وأطرافها».
وبذات القدر من الثقة في قدرة المستقلين على التأثير في مسار الأحداث السياسية، تحدث، أمس (الأربعاء)، النائب المستقل باسم خشان، قائلاً: «لن نكون صفراً على الشمال». وتابع خشان، في بيان: «القناعة بأقل من الاستحقاق كنز بالنسبة لمن لا يعرفون قدر أنفسهم، وإن ما يستحقه المستقلون هو أن يقودوا الحكومة، لا أن يحصلوا على فتات ما يتساقط من موائد التنافس والتحاصص خلف الأبواب الموصدة». وأضاف: «ما زلت أرى إن بإمكاننا أن نفرض إرادتنا على كل الأحزاب، لأننا نحن (بيضة القبان) التي ترجح كفة أحد الفريقين على الآخر، وبأيدينا لا بيد عمر ولا زيد، كل مفاتيح تشكيل الحكومة». وتابع أن «الحظ دين قصير الأجل، وفرصة النواب المستقلين لأن يخرجوا البلد من دائرة التحاصص القديم والفشل، وقد تضيع (الفرصة) بسبب خطأ في الحساب وتصفير الذات بدعوى الحياد».
من جهته، جدد الأمين العام لحركة «امتداد»، علاء الركابي، أول من أمس، موقف نواب حركته من حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية السبت المقبل. وتحالف «امتداد» المنبثق عن «حراك تشرين» له 9 مقاعد نيابية. وقال الركابي، في تصريحات تلفزيونية، إن الواجب الدستوري هو الالتزام بالتوقيتات الدستورية «حيث تجاوزنا التوقيتات بشأن انتخاب رئيس الجمهورية، والأحزاب المتصارعة لا تزال تتصارع بطريقة كلاسيكية، ولم تعطِ للمستقلين حجمهم الحقيقي». وأضاف: «طرحنا في تحالفنا حزمة من المطالب التي تمثل خلاصة ما يريده الشعب العراقي، على رأسها محاسبة قتلة المتظاهرين وتغييب الشباب، كما طرحنا مبادرة من 13 نقطة، ومَن يتعهد بتحقيق هذه المطالب فستكون أبوابنا مفتوحة له».
وأكد أن تحالفه «سيحضر الجلسة، ولن يكسر النصاب؛ لأننا نحترم الدستور، ولكوننا (بيضة القبان) ومن دوننا والمستقلين لن يكون هناك ثلث معطل، ولن يكون هناك تحالف ثلاثي يمرر رئيس الجمهورية، لذا يجب أن نلبي طموح الجماهير ونحاول الدخول بحوارات جادة».
المستقلون «بيضة القبان» في جلسة انتخاب رئيس العراق
المستقلون «بيضة القبان» في جلسة انتخاب رئيس العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة