تدنت قيمة الجنيه السوداني بصورة متسارعة مقابل العملات الأجنبية في السوق الموازية «السوداء» في وقت تتحرك مؤشرات سعر الصرف على كل رأس ساعة لتسجل انخفاضاً جديداً، انعكس ذلك مباشرة في ارتفاع كبير لأسعار السلع الضرورية التي يحتاجها المواطن في معاشه اليومي.
وقفز سعر الدولار في «السوق السوداء» أمس إلى 715 جنيهاً للشراء، فيما وصل سعر البيع قرابة 750 جنيهاً، وتبعاً لذلك رفعت المصارف والبنوك السعر وبلغ حدها الأعلى 650 جنيهاً مقابل الدولار.
وقال متعامل في السوق الحرة للعملة بوسط الخرطوم، إن هذه الأسعار غير ثابتة وتتحرك على مدار اليوم، متوقعاً أن يستمر انخفاض الجنيه السوداني. وأضاف أن هنالك طلبا كبيرا على الدولار والعملات الأخرى، وضعفا في العرض، تسبب في الارتفاع الكبير للأسعار، مشيراً إلى أن التنافس بين السوق السوداء والجهاز المصرفي الرسمي على شراء العملات الأجنبية، لن يؤدي إلى استقرار في سعر محدد.
ويقول الخبير الاقتصادي، عبد العظيم الأموي، إن السبب الرئيسي المباشر للتدهور المستمر للعملة الوطنية، إجراءات الجيش في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي أحدثت حالة من عدم الاستقرار السياسي ونسفت خطوات الإصلاح الاقتصادي في البلاد.
ويضيف الأموي وهو متخصص في أسواق المال العالمية والمعادن الثمينة، أن تداعيات استيلاء قادة الجيش على السلطة دفعت شركاء التنمية الدوليين إلى إيقاف كل الالتزامات والمساعدات المالية التي كان يمكن أن تساهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار الاقتصادي بالبلاد.
وقال الأموي إن الشركاء الدوليين تعهدوا بدعم مباشر لموازنة العام الحالي 2022 بحوالي 500 مليون دولار، وفي ظل استمرار مشروع الإصلاح الاقتصادي كان يمكن أن تكون أفضل الموازنات في 20 عاماً الماضية.
وأشار إلى أن الانقلاب العسكري قطع الطريق أمام الاتفاقية التي وقعها السودان مع صندوق النقد الدولي في يوليو (تموز) 2021، التي رصدت لمعالجة الاختلالات الهيكلية ودعم جهود رفع كفاءة الإيرادات التي حققت انضباطاً مالياً بنسبة 100 في المائة في موازنة العام الماضي وغطت مصروفات الفصل الأول.
وأرجع الخبير الاقتصادي تدني قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية إلى الطلب الحكومي الكبير على شراء العملات من «السوق السوداء» بعد أن فقدت الحكومة الاحتياطي من المكون النقدي الأجنبي في البنك المركزي، وهي ذات الإشكالات التي سبقت سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير.
وأضاف أن من الأسباب الأخرى لانخفاض قيمة الجنيه تراجع البنك المركزي عن سياسة سعر الصرف المرن المدار التي انتهجتها الحكومة المدنية السابقة، وكانت نتائجها استقرارا نسبيا في قيمة الجنيه، بالإضافة إلى التحوط من جانب المواطن السوداني ومضاربات تجار العملة.
وقال إن هذا الوضع أدى إلى حالة من الركود والانكماش وتضخم انفجاري ستنعكس آثاره مباشرة على رفع تكلفة المعيشة بزيادة أسعار السلع لأصحاب الدخول الثابتة ويزيد من معاناة الفئات التي تعتمد على الدخل اليومي في معاشها.
وفي مطلع مارس (آذار) الحالي أعلن البنك المركزي السوداني توحيد سعر الصرف وتركه للصرافات التجارية والبنوك تحديد سقف أعلى وأدنى لشراء وبيع العملات الأجنبية مقابل الجنيه، دون تدخل منه، ويعد التخفيض الأكبر على الإطلاق لقيمة العملة الوطنية في البلاد.
الجنيه السوداني يتهاوى ويفاقم الأوضاع المعيشية
الجنيه السوداني يتهاوى ويفاقم الأوضاع المعيشية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة