مادلين أولبرايت من لاجئة فصحافية ووزيرة أولى للخارجية في أميركا

تركت بصمة لا تُمحى في الصفحات السياسية وسمحت لبولندا والمجر والتشيك بدخول «الناتو»

وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت (أ.ف.ب)
وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت (أ.ف.ب)
TT

مادلين أولبرايت من لاجئة فصحافية ووزيرة أولى للخارجية في أميركا

وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت (أ.ف.ب)
وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت (أ.ف.ب)

تركت مادلين أولبرايت، التي وصلت إلى الولايات المتحدة لاجئة تبلغ من العمر 11 عاماً وارتقت المراتب لتكون المرأة الأولى كوزيرة للخارجية في الدولة العظمى، بصمة يعتقد كثيرون أنها لا تُمحى بعدما توفيت، اليوم (الأربعاء)، عن 84 عاماً بسبب إصابتها بمرض السرطان.
منذ وصول مادلين أولبرايت - وهي ولدت باسم ماري جانا كوربيلوفا في براغ في 15 مايو (أيار) 1937 ثم أعادت والدتها تعميدها فيما بعد باسم مادلين - من تشيكوسلوفاكيا إلى أميركا متأثرة بالقمع النازي والشيوعي، نشطت منذ صغرها في الدفاع ضد الفظائع الجماعية التي ارتكبت في أوروبا الشرقية. لكن هذا النشاط تبلور بشكل واضح بعدما تولّت منصب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ثم صارت المرأة الأولى كوزيرة للخارجية، مخترقة سقف صناعة السياسة الخارجية الذي كان يهيمن عليه الرجال.

رغم معاناة عائلتها اليهودية التي نجت من فظائع النازيين، وفرارهم إلى إنجلترا بعد وقت قصير من دخول دبابات الزعيم النازي أدولف هتلر إلى تشيكوسلوفاكيا عام 1938، بقي عالقاً في ذهن أولبرايت العديد من أقاربها، وبينهم ثلاثة أجداد، عاينوا معسكرات الاعتقال في تيريزينشتات وأوشفيتز. وبعد الحرب، كان والد أولبرايت، وهو دبلوماسي تشيكي، يخشى الشيوعية، والقبض عليه بعد انقلاب 1948 من أتباع جوزيف ستالين في براغ. وهربت الأسرة مرة أخرى، هذه المرة إلى الولايات المتحدة.
وعكس صعود أولبرايت في مؤسسة السياسة الخارجية الأدوار التقليدية للمرأة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وطموحها المتأثر بالحركة النسوية الوليدة، التي شجّعت النساء على ممارسة مهن مهنية. وبعدما درست العلوم السياسية في جامعة ويليسلي، تزوجت بوريث صحيفة ثري وأنشأت أسرة. وعندما ولدت ابنتيها التوأم قبل الأوان ووضعتا في حاضنات، أمضت أولبرايت بعض الوقت في المستشفى لتعليم نفسها اللغة الروسية. ثم صارت رائدة صالون مؤثرة في جورجتاون وجمعية تبرعات ماهرة في بوفوار، مدرسة النخبة الخاصة في واشنطن التي التحقت بها بناتها. وعام 1976، حصلت على درجة الدكتوراه في القانون العام والحكومة من جامعة كولومبيا، حيث درست على يد زبيغنيو بريجنسكي، زميلها اللاجئ من أوروبا الشرقية.
وعندما عُيِّن بريجنسكي مستشاراً للأمن القومي بعد انتخاب جيمي كارتر رئيساً عام 1976، أحضر أولبرايت إلى البيت الأبيض كمسؤولة اتصال مع الكونغرس. وكانت واحدة من امرأتين فقط في طاقم عمل بريجنسكي وشغلت حجرة صغيرة بلا نوافذ في الجناح الغربي، لكن أولبرايت استمتعت بقربها من السلطة. وبدأت لاحقاً في جمع الأموال للمرشحين للرئاسة الديمقراطيين، مما أدى إلى وظائف كمستشارة للسياسة الخارجية للنائبة جيرالدين فيرارو، وهي أول امرأة ترشح لمنصب نائب الرئيس، وإلى حاكم ولاية ماساتشوستس مايكل دوكاكيس خلال فترة عمله. وتحسّنت فرصها بعدما التقت بيل كلينتون، حين كان حاكماً لولاية أركنساس. وعندما انتخب كلينتون رئيساً عام 1992، أدارت أولبرايت فريقه الانتقالي لمجلس الأمن القومي وعينها سفيرة لدى الأمم المتحدة.

مثل العديد من المهاجرين من جيل الحرب العالمية الثانية، رأت أولبرايت أن وطنها المتبنى منارة أخلاقية و«أمة لا غنى عنها» لحل النزاعات الدولية. وبدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدة لتكون حارساً عالمياً وحيداً، جادلت أولبرايت في مشاركتها فيما وصفته بـ«التعددية الحازمة». وهي ضغطت في الأمم المتحدة ووزارة الخارجية من أجل استجابات قوية متعددة الجنسيات. ولأنها كانت قد تألفت كاميرات التلفزيون، ظهرت أولبرايت كأقوى داعية للسياسة الخارجية للإدارة، في تناقض صارخ مع وزير خارجية كلينتون الأول وارين كريستوفر ومستشار الأمن القومي الخجول أمام وسائل الإعلام أنتوني لايك.
وحاولت أولبرايت دعم كلماتها القوية، خاصة بعد تفكك يوغوسلافيا في أوائل التسعينات من القرن الماضي. وفي الأمم المتحدة، ضغطت الدكتورة أولبرايت لشن ضربات جوية على المواقع الصربية. وذات مرة فاجأت كولن باول، الذي كان حينها رئيس هيئة الأركان المشتركة وكان متردداً في التدخل، بسؤالها: «ما الهدف من وجود هذا الجيش الرائع الذي تتحدث عنه دائماً إذا لم نتمكن من استخدامه؟». وبعدما اجتاحت القوات الصربية الملاذ الآمن للأمم المتحدة في سريبرينيتشا وقتلت آلاف المدنيين في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) 1995، تحول رأي البيت الأبيض أخيراً إلى موقف أولبرايت. وبدأت الضربات الجوية الأولى، التي نفذتها قوات التحالف التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في سبتمبر (أيلول) 1995 وساعدت في دفع صرب البوسنة إلى طاولة المفاوضات.
وساعد موقف أولبرايت الثابت بشأن البوسنة، بالإضافة إلى التوصية القوية من صديقتها هيلاري كلينتون، في إقناع الرئيس كلينتون بترقيتها إلى وزيرة للخارجية بعد فوزه بولاية ثانية عام 1996. وبصفتها أكبر دبلوماسية أميركية، سرعان ما أصبحت رئيسة صقور الإدارة بشأن كوسوفو، حيث أمر الزعيم اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش بشن حملة دموية في الإقليم الذي تقطنه غالبية ألبانية.
وكانت أولبرايت، التي عاشت في بلغراد عندما كان والدها سفيراً للتشيك، انتقدت ميلوسيفيتش على مدى سنوات لانتهاكات حقوق الإنسان التي دفعته في لقاء وجهاً لوجه لتحدي معرفتها ببلده.
وفيما أطلقت عليه مجلة «تايم» اسم «حرب مادلين»، أدت الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي في عام 1999 في النهاية إلى انسحاب القوات اليوغوسلافية وعودة آلاف اللاجئين الألبان.
وبعد ست سنوات من الدبلوماسية عبر الأطلسي، ساعدت أولبرايت في إقناع روسيا ومجلس الشيوخ الأميركي المتشكك بالسماح لبولندا والمجر وجمهورية التشيك بالانضمام إلى «الناتو»، ربما كان أعظم إنجاز دبلوماسي لها.
وفي عام 2012، منح الرئيس باراك أوباما أولبرايت وسام الحرية، وهو أعلى وسام مدني في البلاد، قائلاً إن حياتها كانت مصدر إلهام لجميع الأميركيين.
ألّفت أولبرايت كتباً عدة، وتنسب عائلتها إلى الصحافي جوزيف أولبرايت، سليل أسرة صحيفة «ميديل باترسون» في شيكاغو، في عام 1959، وأنجبا ثلاث بنات، وطُلقا عام 1983.



ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».